الدوحة-قنا- احتفلت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، أمس، بالذكرى الثانية والأربعين لتأسيس المجلس في الخامس والعشرين من مايو لعام ألف وتسعمائة وواحد وثمانين.

وأقامت الأمانة العامة للمجلس احتفالا بهذه المناسبة بمقرها الرئيسي بمدينة الرياض أمس، تعبيرا عن الفخر والاعتزاز بالمسيرة المباركة للمجلس وما حققه من إنجازات على مدار السنوات الاثنتين والأربعين الماضية.

ولم يكن قرار إنشاء المجلس في الثمانينيات وليد اللحظة، بل كان تجسيدا مؤسسيا لواقع تاريخي واجتماعي وثقافي، حيث تتميز دول مجلس التعاون بعمق الروابط الدينية والثقافية، والتمازج الأسري بين مواطنيها، وهي في مجملها عوامل تقارب وتوحد عززتها الرقعة الجغرافية المنبسطة عبر البيئة الصحراوية الساحلية التي تحتضن سكان هذه المنطقة، ويسرت الاتصال والتواصل بينهم وخلقت ترابطا بين سكان هذه المنطقة وتجانسا في الهوية والقيم. كما جاء تأسيس المجلس استجابة لتطلعات أبناء المنطقة في العقود الأخيرة لنوع من الوحدة العربية الإقليمية، بعد أن تعذر تحقيقها على المستوى العربي الشامل. وفي تصريح بهذه المناسبة، قال السيد جاسم محمد البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية إن الاحتفال بالذكرى الثانية والأربعين لتأسيس مجلس التعاون هو احتفال بهذا الكيان ومسيرته المباركة منذ عام 1981م، حيث تأسست هذه المنظومة بحكمة الآباء القادة المؤسسين -طيب الله ثراهم- لما أولوه لمسيرة مجلس التعاون من دعم وثقة لامحدودة بشعوبهم، وتقديم المساندة الدائمة، والرعاية الكريمة، وهم من وضعوا لبنة الأساس المتين لهذا الصرح المبارك، مضيفا أنه بفضل من الله، ورؤية أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس، تمضي مسيرة مجلس التعاون قدما لتحقيق أهداف وطموحات أبنائه، وترجمة واقع يهدف للحفاظ على ما تحقق من المكتسبات، والبناء للمستقبل بكل ثقة وعزيمة واقتدار.

وتحل الذكرى الثانية والأربعون لقيام مجلس التعاون فيما يحظى المجلس بسمعة طيبة، ويتمتع بمكانة إقليمية وعالمية مرموقة، كونه أنجح تجربة تكاملية في المنطقة، وهي تجربة باتت محط إشادة وإعجاب من القاصي والداني، وأضحت ركيزة أساسية للأمن والاستقرار، وصوتا للحكمة والاتزان، ونموذجا فريدا للحياة الكريمة، وفق رؤى حكيمة وملهمة لأصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس.

ولقد أنجز مجلس التعاون خلال مسيرته التي دخلت عقدها الخامس العديد من المشاريع والخطوات والمحطات لعل من أهمها مشروع بطاقة الهوية الموحدة لدول المجلس (البطاقة الذكية)، والتي أسهمت بتسهيل تنقل المواطنين بين الدول الأعضاء، كما ساعدت في انسيابية حركة العمالة الوطنية بين الدول الأعضاء.

وأدركت دول مجلس التعاون منذ بداية تكوينه، أهمية المواطنة الاقتصادية التي تنطلق من مبدأ المساواة التامة في المعاملة بين مواطني دول المجلس دون تفريق أو تمييز في جميع المجالات الاقتصادية، بل جعلتها الركيزة الأساسية والعمود الفقري لأي عمل اقتصادي مشترك.

ومن أبرز محطات مسيرة مجلس التعاون، إنشاء السوق الخليجية المشتركة، التي توفر فوائد عديدة منها ضمان انسياب السلع بين دول مجلس التعاون بما يؤدي إلى زيادة التنافس بين المؤسسات الخليجية لصالح المستهلك، كما أنشأت دول مجلس التعاون «منطقة التجارة الحرة، التي تتميز بشكل رئيسي بإعفاء منتجات دول مجلس التعاون الصناعية والزراعية ومنتجات الثروات الطبيعية من الرسوم الجمركية، وقد دخلت منطقة التجارة الحرة حيز التنفيذ في مارس 1983، واستمرت نحو عشرين عاما إلى نهاية عام 2002 حين حل محلها الاتحاد الجمركي لدول المجلس.وتطلعت دول المجلس إلى موضوع الاتحاد النقدي كونه يشكل اللبنة الأخيرة في مشروع التكامل الاقتصادي بين دول المجلس، وباكتماله ستصبح الدول الأعضاء فعليا كتلة اقتصادية واحدة على المستوى الدولي. كما أن من شأن العملة الموحدة تجسيد هوية اقتصادية واحدة للدول الأعضاء.

وقد حظي قطاع التعليم باهتمام مجلس التعاون خلال السنوات الماضية ونجح في تحقيق العديد من الإنجازات منها المساواة في التعليم العام والفني وتعزيز قيم المواطنة الخليجية، وتم إنشاء الشبكة الخليجية لضمان جودة التعليم العالي واعتماد الدليل الاسترشادي للممارسات الجيدة والمساواة بين أبناء دول المجلس المقيمين في المعاملة في الجامعات ومؤسسات التعليم العالي الحكومية.

وفي المجال الصحي، أثبتت دول المجلس تعاونها الكبير من خلال تبادل الخبرات والتقنيات الطبية بين الدول الأعضاء والتنسيق بينها لمكافحة الأوبئة والحفاظ على صحة المجتمعات في المنطقة، حيث كانت جائحة «كوفيد 19» تجربة قام خلالها مجلس التعاون بدور مهم في التعاون والتنسيق بين الدول الأعضاء لمكافحة انتشار الفيروس.