+ A
A -
يقول حكيم إنجليزي «إن لم تكن أنيقا في العشرين وقويا في الثلاثين وحكيما في الأربعين وغنيا في الخمسين فأنت لم تعش الحياة».
هي اذا أربعون سنة تمضي سريعا، وقبل ان يرتد إليك طرفك، انت على أبواب الستين، ورمشة عين وإذ انت على أبواب السبعين، ومن بعد يلمع أمامك قوله عليه الصلاة والسلام «أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين» ومن يطل الله في عمره فوق ذلك فهي من حكمته سبحانه ولا ريب في حكمته «إن كُنْتُمْ في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة» إلى قوله سبحانه «ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم من بعد علم شيئا».
وما أصعبها من مرحلة هذه الأرذل: ذهبت لزيارة جار قديم بلغ من العمر عتيا وهو على أبواب القرن فقد بلغ من العمر الثامنة والتسعين سمعه وبصره وحواسه كلها ممتازة، لكن ذاكرته نخرها الزهايمر فلا يعلم من بعد علم شيئا فقد كان مدرسا فموجها فمدير توجيه وتقاعد في الستين ويحفظ المثل الانجليزي جيدا الا انه كان يقول البحث عن رغيف الخبز أفقدني خاصية الغنى في الخمسين، ذهبت لزيارته ألقيت عليه التحية سمعني لكنه نسي الجواب فقال: افتح الباب، ضحكت، ظننت انه سمع طرقا على الباب، فسألت: كيف حالك؟ قال: اليهود اليهود رحلوا رحلوا، وهذه آخر جملة سمعها حين رحل الجيش الصهيوني من غزة.
سألت: هل صام وصلى وهل تصدق وزكى وهل عمل صالحا؟ قالوا: الله ابتلاه بالشيوعية شابا وشاب وهو شيوعي، وأمهله الله حتى الثمانين من العمر لعله يتوب، ثم بدأ يرتد إلى أرذل العمر.
قلت هذا عبرة «لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد» من أجل ان يقدم عملا يمحو به ما يكفر عنه ما اجترحت أعضاؤه من العين واللسان والقلب حتى القدمين.
فاحذر يا ابن العشرين أيها الجانح نحو رغباتك وشغفك ومغامراتك والقفز بين ثنايا عقدك الأول بعد الطفولة، فلتكن أناقتك التي تبدأ بها مشوار العمر الذي منحك إياه ربك هي أناقة زينة الذاهبين إلى بيوت الله لمقابلة الخالق الأعظم، لتقف بين يديه بكل وقارك وطهرك وخوفك من يوم تقع فيه الواقعة.
واحذر يا ابن الثلاثين ايها الضارب في الأرض باحثا عن لذة حياة فالعمر قد انتصف وما ترتكب من آثام سيخف من موازينك لتهوي أمه في الهاوية وما أدراك ما هي نار حامية.
واحذر يا ابن الأربعين المتطلع وأنت في سن الحكمة إلى ان تتسيد قومك أو عشيرتك احذر من الظلم فإنه سيأخذك إلى الحاقة وما أدراك ما الحاقة يوم الحساب الذي تتسلم فيه كتابك، فإما بيمينك وإلى جنة عالية قطوفها دانية، أو تؤتى كتابك بشمالك فيؤخذ بك لتغل بسلسلة ذرعها سبعون ثم تصلى في نار جهنم خالداً فيها.
واحذر يا جامع المال ولم تزكّ ولم تتصدق فقد اقتربت من عمر من لا يعلم من بعد علم شيئا.
إنها الحياة مهما طالت هي رمشة عين، هكذا رآها نوح عليه السلام ومن سار على الحق من بعده.
وانتم ايها الكذابون في قنوات محور الحصار ألا تتقون يوما تشخص فيه الأبصار وسوف تسئلون عن كذبكم؟
نبضة أخيرة
نحن ُ في أقســى الظـــروف ِ
لمْ نَبـــِعْ اسّـــــمَ العـــــــربْ..
مرْحـــــبا ًيـــــــا أشِقــــــَّاء..
مرْحــــــبا ًيـــــــا أصدِقــــَّاء..
هـا هُنـا الحَقُّ نَقيضٌ للبـُكاءْ
بقلم : سمير البرغوثي
هي اذا أربعون سنة تمضي سريعا، وقبل ان يرتد إليك طرفك، انت على أبواب الستين، ورمشة عين وإذ انت على أبواب السبعين، ومن بعد يلمع أمامك قوله عليه الصلاة والسلام «أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين» ومن يطل الله في عمره فوق ذلك فهي من حكمته سبحانه ولا ريب في حكمته «إن كُنْتُمْ في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة» إلى قوله سبحانه «ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم من بعد علم شيئا».
وما أصعبها من مرحلة هذه الأرذل: ذهبت لزيارة جار قديم بلغ من العمر عتيا وهو على أبواب القرن فقد بلغ من العمر الثامنة والتسعين سمعه وبصره وحواسه كلها ممتازة، لكن ذاكرته نخرها الزهايمر فلا يعلم من بعد علم شيئا فقد كان مدرسا فموجها فمدير توجيه وتقاعد في الستين ويحفظ المثل الانجليزي جيدا الا انه كان يقول البحث عن رغيف الخبز أفقدني خاصية الغنى في الخمسين، ذهبت لزيارته ألقيت عليه التحية سمعني لكنه نسي الجواب فقال: افتح الباب، ضحكت، ظننت انه سمع طرقا على الباب، فسألت: كيف حالك؟ قال: اليهود اليهود رحلوا رحلوا، وهذه آخر جملة سمعها حين رحل الجيش الصهيوني من غزة.
سألت: هل صام وصلى وهل تصدق وزكى وهل عمل صالحا؟ قالوا: الله ابتلاه بالشيوعية شابا وشاب وهو شيوعي، وأمهله الله حتى الثمانين من العمر لعله يتوب، ثم بدأ يرتد إلى أرذل العمر.
قلت هذا عبرة «لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد» من أجل ان يقدم عملا يمحو به ما يكفر عنه ما اجترحت أعضاؤه من العين واللسان والقلب حتى القدمين.
فاحذر يا ابن العشرين أيها الجانح نحو رغباتك وشغفك ومغامراتك والقفز بين ثنايا عقدك الأول بعد الطفولة، فلتكن أناقتك التي تبدأ بها مشوار العمر الذي منحك إياه ربك هي أناقة زينة الذاهبين إلى بيوت الله لمقابلة الخالق الأعظم، لتقف بين يديه بكل وقارك وطهرك وخوفك من يوم تقع فيه الواقعة.
واحذر يا ابن الثلاثين ايها الضارب في الأرض باحثا عن لذة حياة فالعمر قد انتصف وما ترتكب من آثام سيخف من موازينك لتهوي أمه في الهاوية وما أدراك ما هي نار حامية.
واحذر يا ابن الأربعين المتطلع وأنت في سن الحكمة إلى ان تتسيد قومك أو عشيرتك احذر من الظلم فإنه سيأخذك إلى الحاقة وما أدراك ما الحاقة يوم الحساب الذي تتسلم فيه كتابك، فإما بيمينك وإلى جنة عالية قطوفها دانية، أو تؤتى كتابك بشمالك فيؤخذ بك لتغل بسلسلة ذرعها سبعون ثم تصلى في نار جهنم خالداً فيها.
واحذر يا جامع المال ولم تزكّ ولم تتصدق فقد اقتربت من عمر من لا يعلم من بعد علم شيئا.
إنها الحياة مهما طالت هي رمشة عين، هكذا رآها نوح عليه السلام ومن سار على الحق من بعده.
وانتم ايها الكذابون في قنوات محور الحصار ألا تتقون يوما تشخص فيه الأبصار وسوف تسئلون عن كذبكم؟
نبضة أخيرة
نحن ُ في أقســى الظـــروف ِ
لمْ نَبـــِعْ اسّـــــمَ العـــــــربْ..
مرْحـــــبا ًيـــــــا أشِقــــــَّاء..
مرْحــــــبا ًيـــــــا أصدِقــــَّاء..
هـا هُنـا الحَقُّ نَقيضٌ للبـُكاءْ
بقلم : سمير البرغوثي