ترتبط سلطنة عُمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية بعلاقات قديمة تاريخية، شكلت ردود أفعال بين مد وجزر من البعض، ولكنها ظلت علاقات طيبة وواقعية مبنية على فرضية الجغرافيا والتاريخ وحسن الجوار وعدم التدخل في شؤون الغير.
وكلا البلدين وقفا في الماضي والحاضر مع بعضهما بعضا، فرباط التاريخ والجغرافيا امتد ولم ينقطع، فالجيرة والخليج العربي ومضيق هرمز وحقل هنغام، ركائز متينة لتلك الروابط المتبادلة والتي ظلت واستمرت على وفاق تام من الجانبين دون انقطاع، منذ بدء العلاقات الدبلوماسية بينهما في السادس والعشرين من أغسطس 1971م.
وهذه الأيام تتجدد هذه العلاقات بزيارة السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان لإيران، وهي زيارة تحمل الكثير من الرسائل والمودة التي تمتن العلاقات التاريخية بين مسقط وطهران، فسلطنة عمان هي غصن الزيتون المتجدد وحمامة السلام، ولها إسهاماتها العديدة في رأب الصدع بالمنطقة وتهدئة النزاعات وحل المشكلات بين إيران الصديقة ودول المنطقة والعالم، وهذه سياسة عمانية خالصة لا تحيد عنها أبداً، فعمان يسوؤها أن ترى دول الجوار أو المنطقة في صراع مستمر أو حرب ضروس، بل تسعى لتكريس المحبة والسلام والتسامح والحوار والعيش بسلام بين الجميع فذلك هو الهدف والغاية الأسمى للسياسة العمانية منذ الأزل.
وتعزيزا لهذه العلاقات والروابط وحسن الجوار، يجري سلطان عمان محادثات رسمية تشمل العلاقات الطيبة بين البلدين والأوضاع الاقليمية والدولية، إذ لا يالو جهدا في السعي لاستتباب الأمن والاستقرار في المنطقة وفي تقريب وجهات النظر وحل الخلافات بين الأشقاء والأصدقاء، فبوادر الصلح التي أسهمت سلطنة عمان فيه بين المملكة العربية السعودية الشقيقة والجمهورية الإسلامية الايرانية من جهة، وتحسين العلاقات بين القاهرة وطهران من جهة أخرى وحل الخلافات بين مملكة البحرين وإيران كلها ستكون محور القمة العمانية الإيرانية بالاضافة إلى المواضيع الثنائية ذات الاهتمام المشترك.
وخلال السنوات الماضية ظلت العلاقات العمانية الإيرانية على تواصل في كل الاتجاهات ومفتوحة مع كل الأشقاء والأصدقاء، وكانت سلطنة عمان الوسيط الأكثر ثقة، لذا سعت نحو تقريب إيران من دول الخليج العربية أحيانا ؛ وإطلاق الأسرى الغربيين، وحل الخلاف النووي وتجنيب المنطقة خطر الحرب بين مجموعة الدول (5 + 1)، وما يدور خلف الكواليس أكثر وأكثر للسياسة العمانية، فهي لا تعد ولا تحصى.!.
واليوم فإن العلاقات التاريخية والمستقرة والثابتة على مبدأ عدم التدخل في شؤون الغير، تزداد رسوخا لكون البلدين يعتمدان في علاقاتهما على المصداقية والشفافية، الأمر الذي مكن سلطنة عمان من القيام بأدوار مهمة على المستويين الإقليمي والدولي، واليوم وبعد ان عادت الجمهورية السورية إلى جامعة الدول العربية، وإعلان السعودية وايران تبادل السفراء من جديد، وإمكانية تحسين وإعادة العلاقات المصرية الإيرانية قريبا، وفتح نافذة حوار تركية- سورية بعد الانتخابات التركية وعودة العلاقات وحل المشاكل بينهما، وبالتالي رؤية الشرق الأوسط مستقرا وفي أمن ورخاء يجعلنا نتفاءل بأننا نسير في الطريق الصحيح مع تطبيع هذه العلاقات وذوبان الجليد الذي استمر طويلا وأثر كثيرا على التنمية والاستقرار في المنطقة.
لذا تأتي الزيارة الهامة لسلطان عمان لإيران في ظل نشاط عماني سياسي وحراك عربي تشهده المنطقة وتقارب في وجهات النظر، لا سيما في إطار سياسة الأبواب المفتوحة التي انتهجتها المملكة العربية السعودية لتعزيز العلاقات مع جميع الدول دون ضرر ولا ضرار، ولطالما كانت سلطنة عمان الجار المقرّب لإيران في كافة المراحل عبر التاريخ، فهي قد أسهمت في تقريب وجهات النظر بين الدول الأخرى. ومن هذا المنطلق يتطلع العالم إلى أن تسفر هذه الزيارة عن الكثير من النتائج الثنائية والاقليمية والدولية.
فسلطنة عمان والجمهورية الإسلامية الايرانية يسعيان إلى فتح آفاق رحبة مع بقية دول الإقليم بحوار هادف، وإنهاء الملفات الشائكة، فالأجواء مهيئة لرسائل السلام وأغصان الزيتون الممتدة، وخلق بيئة مواتية للحوار مع دول المنطقة دون استثناء، والتعويل كثيرا على سياسة الرئيس الإيراني الدكتور ابراهيم رئيسي في تجاوز كل الخلافات وتهيئة الأرضية الملائمة بدعم من سلطنة عمان لعلاقات إيرانية -عربية نموذجية على الدوام.
وزيارة السلطان هيثم بن طارق إلى طهران ولقاؤه بالقيادة الإيرانية لا شك أنها ستعزّز الشراكة والتعاون بين عمان وإيران من جهة وإيران والدول العربية والاسلامية الأخرى من جهة أخرى في القريب العاجل، وان غدا لناظريه لقريب، والله من وراء القصد[email protected]