+ A
A -
كشفت وزارة الداخلية بالأدلة والبراهين تفاصيل جريمة قرصنة وكالة الأنباء القطرية، وبث تصريح مفبرك لصاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وحددت الآليات التي لجأ إليها المجرمون والتسلسل الزمني، مع تحفظها على التسميات واحتفاظها ببعض الأسرار؛ التزاما بما تنص عليه القوانين في القضايا المعروضة على لجان التحقيق أو المنظورة أمام القضاء.. وهي الخطوة المنتظرة للاقتصاص من «الهاكرز»، ومن يقف خلفهم، ومن يدعمهم ويجتمع معهم، ومع المسؤولين الكبار في إمارة السوء قبل تنفيذ الهجوم بساعات، مما يعني أن لحظة الحقيقة اقتربت وسيتعرف العالم أجمع على هوية الأشرار وتسقط أقنعتهم ولن تسترهم كندورة ولا غترة ولا بشت.. فالفضيحة انكشفت..!
ولا شك أن الدور الخبيث الذي لعبته وسائل الإعلام الإماراتية والسعودية، وتلك التابعة لها، كان تمهيدا لإجراءات المقاطعة والحصار وقائمة الإرهاب، والحملة المسعورة وحفلة الصراخ والصياح والنباح التي تبعت كل ذلك والتي تؤكد كل البراهين أنها كانت تصعّد وتمهّد لمواصلة الأعمال العدائية ضد قطر.
هذه الشرارة التي دبرت بليل كان يراد لها أن تُشعل حريقا كبيرا في المنطقة، وفي خضم دخانها ورمادها وغبارها، يواصلون مخططاتهم الدنيئة في التقسيم والتصفية والإحلال والتغيير والتصعيد في معظم الدول لتنفيذ خريطة جديدة للمنطقة بهوية مهجنة عبر مؤامرة ممنهجة!
وقبل صدور تقرير الواشنطن بوست المستند لوكالة الاستخبارات الأميركية، وقبل مؤتمر الداخلية أمس والنيابة العامة قبل فترة، كان الغالبية العظمى وكاتب السطور أحدهم يتوقع بنسبة 99 % أن مصدر الجريمة هي إمارة الشر وجار السوء، فكل الأصابع تشير إليها، والبصمات تدل عليها، فهي الضالعة في هذا المجال، ولها سوابق في الجرائم والإرهاب، وتمارس التحريض والتدليس والتلفيق، وهذا ما كشفه بريد التسريب ولجان التحقيق.
إلا أن ذلك يجب ألا يعفي دول الحصار الأخرى، وكان واضحا أنها مشاركة بهذه الجريمة، عبر تزامنها معها فيشن حملة واسعة ضد قطر، على الرغم من النفي الواضح والإعلان الصريح من جانب الدوحة بأن وكالة الأنباء القطرية تم اختراقها وقرصنتها وبث الحديث المفبرك.
لكن إصرار قناة «سكاي نيوز» أبوظبي و«العربية» على الرقص في الحفلة الشيطانية وحملة القدح والدح والسفاهة والابتزاز والتزوير والتحريف والتزييف والطعن في الأنساب والتنابز بالألقاب وقطع الأرحام ضد قطر، فور بث الحديث المفبرك، يؤكد أن الأمور كانت معدة سلفا، وهذا يعني أن القائمين على هاتين القناتين، والمسؤولين فيهما، كانوا على علم مسبق بما تم تدبيره، وكانوا ينتظرون فحسب بث الحديث لبدء حملتهم، ويجب جرجرتهم لتحقيق قضائي، ليس لأنهم خانوا الكلمة والأمانة، فهذا معروف عنهم، ولكن أيضا للوقوف على الجهات التي طلبت منهم الاستعداد لـ «ساعة الصفر»، ومتابعة الحديث المفبرك بهذا الزخم، وهو أمر متروك للقضاء بكل الأحوال.
إذا دولة الإمارات أخذت على عاتقها عملية القرصنة، وهي خبيرة ولديها تاريخ مشؤوم في هذه العمليات، والتصفح الواسع غير المعهود للوكالة من جانب موقعين في الإمارات يؤكد من يقف وراء القرصنة، التي كانت بمثابة إشارة البدء لكل ما سيحدث لاحقا.
أحيانا يكون للأزمات جوانب مضيئة، فلو أن الدول الأربع لم تفعل ما فعلته من حماقات مع قطر بالحصار وقطع العلاقات، ما كانت أبو ظبي لتقف عارية اليوم أمام المجتمع الدولي بأسره، وما كانت لتواجه حملة عالمية، أسقطت عنها حتى ورقة التوت، وفاحت منها روائح الفضائح التي تزكم الأنوف.
لو أن دول الحصار ما ركضت وراء القرار الإماراتي المتهور مثل «القلايص» في سباقات الهجن التي تنطلق في البداية كدور مساعد ثم ينكشف مستواها الحقيقي، ما كانت جرائم أبو ظبي وتدخلاتها ومؤامراتها انكشفت على الملأ، ليرى العالم أن ما وراء الأبراج العالية ومراكز التسوق الفاخرة ووزارة السعادة المضحكة ولا أقول الضاحكة، تقف أكثر الشواهد بشاعة على انتهاك حقوق الإنسان، من سجون وعمليات تعذيب واعتقالات تعسفية وأحكام لا تستند إلى أي مبادئ قانونية.
لكن انقلب السحر على الساحر واكتشف العالم أن بعض مؤسسات الإمارات المالية كانت إحدى الأدوات لتزويد الإرهابيين ودعمهم وتقويتهم، كما خلص تقرير وزارة الخارجية الأميركية الذي نشر يوم الأربعاء..
كما أن مصر السيسي نالها من النار شرار وأعلنت الخارجية الأميركية تحذير رعاياها من السفر إلى مصر مما يوجه صفعة للشق الأمني المتذبذب والجانب الاقتصادي المتشقلب!
ولا شك أن الدور المالي المشبوه لأبوظبي ليس جديدا، وللذين لم تسعفهم ذاكرتهم كثيرا ونسوا الفضائح المالية الكثيرة لإمارة السوء هذه أود أن أذكرهم بفضيحة بنك الاعتماد والتجارة الدولي الذي أنشأته أبو ظبي عام 1972، ونشط في 78 بلدًا حول العالم عبر 400 فرع، وكان إجمالي الأصول فيه يتجاوز 20 مليار دولار أميركي.. مما جعله سابع أكبر بنك في العالم من حيث قيمة الأصول.
أصبح بنك الاعتماد والتجارة الدولي في الواجهة عام 1991 بعد أن تورط في أكبر فضيحة مصرفية في العالم. اكتشفت جهات الرقابة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أن البنك متورط في عمليات غسيل أموال ورشاوى و«دعم الإرهاب» وتجارة السلاح وبيع تكنولوجيا نووية والتهرب الضريبي وتهريب ودعم الهجرة غير الشرعية، وشراء، بطرق غير شرعية، للبنوك والعقارات، بالإضافة إلى اختفاء مبلغ 13 مليار دولار أميركي. انهار البنك نتيجة هذه الفضائح. مما جعل البعض يطلق عليه اسم BANK OF CROOKS AND CRIMINALS» INTERNATIONAL»، ومعناها كما تلاحظون «بنك المحتالين والمجرمين الدولي».
يقولون «من شب على شيء، شاب عليه»، لذلك لم يكن غريبا بالمرة أن يرتبط موضوع التحويلات للإرهابيين بمؤسسات مالية إماراتية، ويبدو أن كل ممارسات بنك الاعتماد والتجارة الدولي مازالت معتمدة، وإنما بطرق ملتوية للتهرب من المحاسبة الدولية.
فضائح إمارة السوء قديمة، وأدوارها السوداء تاريخية، أما الجديد فهو إعلامها الذي قام لتغطية المفاسد، لكنه كان أكثر فسادا وسوءًا من بنك الاعتماد والتجارة الدولي، وحول هذا الإعلام نشرت صحيفة الإندبندنت البريطانية الرصينة والمحترمة تقريرا بعنوان «اختراق وكالة الأنباء القطرية أثبت أن الشرق الأوسط هو أسوأ منطقة في العالم للأخبار الكاذبة»، قالت فيه: «الإمارات خدعت شعبها باختلاق أخبار كاذبة عن قطر لتبرير الحصار وإقناعهم أن هذا جزاؤها، وأن ذلك شكل حافزا لإثارة الأزمة مع قطر».
لن أسرد أمامكم ما قالته كبريات الصحف العالمية، ولا أقصد واشنطن بوست أو نيويورك تايمز وحدهما، وإنما كبريات الصحف ووسائل الإعلام في العالم بأسره، وما كتبته ونشرته وبثته هو حديث المجتمع الدولي بأسره، وسأكتفي هنا بما ذكرته «الأندبندنت» عن تصريحات الوزير الإماراتي أنور قرقاش في لندن، التي أنكر فيها أن بلاده هددت بمقاطعة أي شركة تتعامل مع قطر، وأنه تم تخيير الشركات بين أبوظبي والدوحة، ونسي أن الذي قال هذا هو السفير الإماراتي في موسكو عمر غباش..
المشكلة سوء تنسيق بين قرقاش وغباش مما يجعل تصريحاتهما أحيانا تشبه حلقة كوميدية من مسلسل «طاش ما طاش»!
المثل يقول: «إذا كنت كذوبا فكن ذكورا» أي إذا أدمنت الكذب فتمتع بذاكرة قوية حتى لا تقع في المتناقضات وتصبح أضحوكة لدى الناس، لكن نظرا لأن الأكاذيب كثيرة وقائمتها طويلة سواء في ندوات أو تصريحات أو تغريدات، لذلك نسي قرقاش ما قاله سفيره في موسكو، وتناسى التسريبات الأخرى التي قام بها قراصنة تمكنوا من تسريب طلب ست دول عربية من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بحرمان قطر من تنظيم كأس العالم للعام 2022.
ورغم أن خبر كأس العالم كان مزورا، وقد نفاه الفيفا، فإن الإمارات استغلته، مع أن بعض التحقيقات تشير إلى أن اختراق موقع الصحيفة السويسرية التي نشرت الخبر تم في الشرق الأوسط.
وتعليقا على كل هذه الأخبار المزيفة، قال تقرير الإندبندنت إنه عندما تفكر في كل المعلومات الخاطئة التي نشرت، فإنه ليس مستغربا أن يتحدث تقرير جديد عن حرية الصحافة الدولية أعلن في أبريل أن العالم قد دخل عصرا جديدا من «ما بعد الحقيقة والدعاية وقمع الحريات».
كما أظهر مؤشر حرية الصحافة العالمية لعام 2017، الذي نشرته منظمة مراسلون بلا حدود، أن الشرق الأوسط أصبح أسوأ منطقة في هذا الصدد.
وأشارت إلى الإدانة الدولية لمطلب دول الحصار بإغلاق شبكة الجزيرة، لكنها علقت على كلام السفير الإماراتي غباش الذي قال فيه «نحن لا ندعي أن لدينا حرية الصحافة، ونحن لا نعزز فكرة حرية الصحافة»، وقالت إنها «تصريحات تقشعر لها الأبدان».
واختتمت الصحيفة تقريرها بالقول إن على قطر أن تقاوم أي محاولات لتضييق حرية الصحافة، الأمر الذي يميزها عمن يتهمونها.
لقد قاومنا كل الضغوط، ومنها المتعلقة بالتضييق على حرية الصحافة، وقاومنا محاولات منع وصول الغذاء والدواء، ومحاولات هدم وتدمير الأسر، وحرمان الطلاب من متابعة دراستهم، قاومنا كل ذلك وأكثر، وسنقاوم أي محاولة للنيل من بلدنا الحبيب، ومن سيادته وحريته واستقلالية قراره، عبر الالتفاف حول أميرنا، حفظه الله، وحول رموزنا، فهذا خيارنا الذي لاعودة عنه، وقدمنا ولله الحمد صورة نموذجية أمام العالم كله عن توحد قطر.. القيادة والشعب والأرض.
هذه هي دولة الإمارات، تاريخ أسود طويل، انتهاكات بالجملة، تجاوزات لا يصدقها عقل بحق الأبرياء، سجون وتعذيب وانتهاكات عابرة للبحار، وأخيرا قرصنة إلكترونية وبث أحاديث مفبركة، ولولا أن قطر أحسنت التعامل مع الأزمة من كل جوانبها وأجهضت هذا المخطط الماكر مبكرا عبر مجموعة من الإجراءات الاقتصادية والدفاعية والدبلوماسية، لدفعت المنطقة ثمنا باهظا للتفحيط والمراهقة السياسية!
ودبي الإمارة السياحية المسالمة تدفع ثمن تخبطات أبوظبي وسلوكها الأرعن سياسيا واقتصاديا، لذلك انطلق هاشتاق في وسائل التواصل الاجتماعي يبدو أنه سيلف العالم وهو أن دبي غير آمنة للاستثمار.. وقد يؤثر ذلك على سحب تنظيم إكسبو 2020 منها!
وما يفعله مسؤولو دبي في سنوات تنسفه خطط أبوظبي في أسابيع عبر سلسلة من التجاوزات والجرائم، وآخرها عملية القرصنة التي تكشفت خيوطها ولا يمكن أن تمر مرور الكرام، ونتائجها ستكون وخيمة على الذين فعلوها، فهي تندرج في باب الأعمال الإرهابية، والكذب والتدليس والاعتداء على دولة ذات سيادة، ويعاقب عليها القانون الدولي ومجلس الأمن ومحكمة الجنايات ويتعامل معها كجريمة كبرى مكتملة الأركان.
هذه الجريمة الموصوفة هي آخر «صرعات» إمارة الشر للإساءة إلى قطر، وهي فعلة دنيئة لابد من محاسبة أصحابها وملاحقتهم ومقاضاتهم، لذلك كله سمعنا نبرة التراجع الجديدة والتخلي عن المطالب الـ «13» بعد أن تم تخفيضها إلى مبادئ ستة ومازالت العروض قائمة والتخفيضات مستمرة.. وتحياتي وأشواقي للوزير الجبير الذي صرخ من الهند بأن القائمة مطلب جماعي ولا يوجد تفاوض!
هذه الجريمة الظبيانية أو الصبيانية، ليست من النوع الذي يسقط بالتقادم، أو على مبدأ «عفا الله عما سلف»، لا، لن تمضي الأمور على هذا النحو، والذين تجرأوا على قطر، وأشعلوا هذه الفتنة لابد أن يدفعوا ثمن جريمتهم، ولابد أن تكون هذه القرصنة وسيلة لكف أذى دولة «المؤامرات» العربية المتحدة!!
بقلم : محمد حمد المري
رئيس التحرير المسؤول
ولا شك أن الدور الخبيث الذي لعبته وسائل الإعلام الإماراتية والسعودية، وتلك التابعة لها، كان تمهيدا لإجراءات المقاطعة والحصار وقائمة الإرهاب، والحملة المسعورة وحفلة الصراخ والصياح والنباح التي تبعت كل ذلك والتي تؤكد كل البراهين أنها كانت تصعّد وتمهّد لمواصلة الأعمال العدائية ضد قطر.
هذه الشرارة التي دبرت بليل كان يراد لها أن تُشعل حريقا كبيرا في المنطقة، وفي خضم دخانها ورمادها وغبارها، يواصلون مخططاتهم الدنيئة في التقسيم والتصفية والإحلال والتغيير والتصعيد في معظم الدول لتنفيذ خريطة جديدة للمنطقة بهوية مهجنة عبر مؤامرة ممنهجة!
وقبل صدور تقرير الواشنطن بوست المستند لوكالة الاستخبارات الأميركية، وقبل مؤتمر الداخلية أمس والنيابة العامة قبل فترة، كان الغالبية العظمى وكاتب السطور أحدهم يتوقع بنسبة 99 % أن مصدر الجريمة هي إمارة الشر وجار السوء، فكل الأصابع تشير إليها، والبصمات تدل عليها، فهي الضالعة في هذا المجال، ولها سوابق في الجرائم والإرهاب، وتمارس التحريض والتدليس والتلفيق، وهذا ما كشفه بريد التسريب ولجان التحقيق.
إلا أن ذلك يجب ألا يعفي دول الحصار الأخرى، وكان واضحا أنها مشاركة بهذه الجريمة، عبر تزامنها معها فيشن حملة واسعة ضد قطر، على الرغم من النفي الواضح والإعلان الصريح من جانب الدوحة بأن وكالة الأنباء القطرية تم اختراقها وقرصنتها وبث الحديث المفبرك.
لكن إصرار قناة «سكاي نيوز» أبوظبي و«العربية» على الرقص في الحفلة الشيطانية وحملة القدح والدح والسفاهة والابتزاز والتزوير والتحريف والتزييف والطعن في الأنساب والتنابز بالألقاب وقطع الأرحام ضد قطر، فور بث الحديث المفبرك، يؤكد أن الأمور كانت معدة سلفا، وهذا يعني أن القائمين على هاتين القناتين، والمسؤولين فيهما، كانوا على علم مسبق بما تم تدبيره، وكانوا ينتظرون فحسب بث الحديث لبدء حملتهم، ويجب جرجرتهم لتحقيق قضائي، ليس لأنهم خانوا الكلمة والأمانة، فهذا معروف عنهم، ولكن أيضا للوقوف على الجهات التي طلبت منهم الاستعداد لـ «ساعة الصفر»، ومتابعة الحديث المفبرك بهذا الزخم، وهو أمر متروك للقضاء بكل الأحوال.
إذا دولة الإمارات أخذت على عاتقها عملية القرصنة، وهي خبيرة ولديها تاريخ مشؤوم في هذه العمليات، والتصفح الواسع غير المعهود للوكالة من جانب موقعين في الإمارات يؤكد من يقف وراء القرصنة، التي كانت بمثابة إشارة البدء لكل ما سيحدث لاحقا.
أحيانا يكون للأزمات جوانب مضيئة، فلو أن الدول الأربع لم تفعل ما فعلته من حماقات مع قطر بالحصار وقطع العلاقات، ما كانت أبو ظبي لتقف عارية اليوم أمام المجتمع الدولي بأسره، وما كانت لتواجه حملة عالمية، أسقطت عنها حتى ورقة التوت، وفاحت منها روائح الفضائح التي تزكم الأنوف.
لو أن دول الحصار ما ركضت وراء القرار الإماراتي المتهور مثل «القلايص» في سباقات الهجن التي تنطلق في البداية كدور مساعد ثم ينكشف مستواها الحقيقي، ما كانت جرائم أبو ظبي وتدخلاتها ومؤامراتها انكشفت على الملأ، ليرى العالم أن ما وراء الأبراج العالية ومراكز التسوق الفاخرة ووزارة السعادة المضحكة ولا أقول الضاحكة، تقف أكثر الشواهد بشاعة على انتهاك حقوق الإنسان، من سجون وعمليات تعذيب واعتقالات تعسفية وأحكام لا تستند إلى أي مبادئ قانونية.
لكن انقلب السحر على الساحر واكتشف العالم أن بعض مؤسسات الإمارات المالية كانت إحدى الأدوات لتزويد الإرهابيين ودعمهم وتقويتهم، كما خلص تقرير وزارة الخارجية الأميركية الذي نشر يوم الأربعاء..
كما أن مصر السيسي نالها من النار شرار وأعلنت الخارجية الأميركية تحذير رعاياها من السفر إلى مصر مما يوجه صفعة للشق الأمني المتذبذب والجانب الاقتصادي المتشقلب!
ولا شك أن الدور المالي المشبوه لأبوظبي ليس جديدا، وللذين لم تسعفهم ذاكرتهم كثيرا ونسوا الفضائح المالية الكثيرة لإمارة السوء هذه أود أن أذكرهم بفضيحة بنك الاعتماد والتجارة الدولي الذي أنشأته أبو ظبي عام 1972، ونشط في 78 بلدًا حول العالم عبر 400 فرع، وكان إجمالي الأصول فيه يتجاوز 20 مليار دولار أميركي.. مما جعله سابع أكبر بنك في العالم من حيث قيمة الأصول.
أصبح بنك الاعتماد والتجارة الدولي في الواجهة عام 1991 بعد أن تورط في أكبر فضيحة مصرفية في العالم. اكتشفت جهات الرقابة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أن البنك متورط في عمليات غسيل أموال ورشاوى و«دعم الإرهاب» وتجارة السلاح وبيع تكنولوجيا نووية والتهرب الضريبي وتهريب ودعم الهجرة غير الشرعية، وشراء، بطرق غير شرعية، للبنوك والعقارات، بالإضافة إلى اختفاء مبلغ 13 مليار دولار أميركي. انهار البنك نتيجة هذه الفضائح. مما جعل البعض يطلق عليه اسم BANK OF CROOKS AND CRIMINALS» INTERNATIONAL»، ومعناها كما تلاحظون «بنك المحتالين والمجرمين الدولي».
يقولون «من شب على شيء، شاب عليه»، لذلك لم يكن غريبا بالمرة أن يرتبط موضوع التحويلات للإرهابيين بمؤسسات مالية إماراتية، ويبدو أن كل ممارسات بنك الاعتماد والتجارة الدولي مازالت معتمدة، وإنما بطرق ملتوية للتهرب من المحاسبة الدولية.
فضائح إمارة السوء قديمة، وأدوارها السوداء تاريخية، أما الجديد فهو إعلامها الذي قام لتغطية المفاسد، لكنه كان أكثر فسادا وسوءًا من بنك الاعتماد والتجارة الدولي، وحول هذا الإعلام نشرت صحيفة الإندبندنت البريطانية الرصينة والمحترمة تقريرا بعنوان «اختراق وكالة الأنباء القطرية أثبت أن الشرق الأوسط هو أسوأ منطقة في العالم للأخبار الكاذبة»، قالت فيه: «الإمارات خدعت شعبها باختلاق أخبار كاذبة عن قطر لتبرير الحصار وإقناعهم أن هذا جزاؤها، وأن ذلك شكل حافزا لإثارة الأزمة مع قطر».
لن أسرد أمامكم ما قالته كبريات الصحف العالمية، ولا أقصد واشنطن بوست أو نيويورك تايمز وحدهما، وإنما كبريات الصحف ووسائل الإعلام في العالم بأسره، وما كتبته ونشرته وبثته هو حديث المجتمع الدولي بأسره، وسأكتفي هنا بما ذكرته «الأندبندنت» عن تصريحات الوزير الإماراتي أنور قرقاش في لندن، التي أنكر فيها أن بلاده هددت بمقاطعة أي شركة تتعامل مع قطر، وأنه تم تخيير الشركات بين أبوظبي والدوحة، ونسي أن الذي قال هذا هو السفير الإماراتي في موسكو عمر غباش..
المشكلة سوء تنسيق بين قرقاش وغباش مما يجعل تصريحاتهما أحيانا تشبه حلقة كوميدية من مسلسل «طاش ما طاش»!
المثل يقول: «إذا كنت كذوبا فكن ذكورا» أي إذا أدمنت الكذب فتمتع بذاكرة قوية حتى لا تقع في المتناقضات وتصبح أضحوكة لدى الناس، لكن نظرا لأن الأكاذيب كثيرة وقائمتها طويلة سواء في ندوات أو تصريحات أو تغريدات، لذلك نسي قرقاش ما قاله سفيره في موسكو، وتناسى التسريبات الأخرى التي قام بها قراصنة تمكنوا من تسريب طلب ست دول عربية من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بحرمان قطر من تنظيم كأس العالم للعام 2022.
ورغم أن خبر كأس العالم كان مزورا، وقد نفاه الفيفا، فإن الإمارات استغلته، مع أن بعض التحقيقات تشير إلى أن اختراق موقع الصحيفة السويسرية التي نشرت الخبر تم في الشرق الأوسط.
وتعليقا على كل هذه الأخبار المزيفة، قال تقرير الإندبندنت إنه عندما تفكر في كل المعلومات الخاطئة التي نشرت، فإنه ليس مستغربا أن يتحدث تقرير جديد عن حرية الصحافة الدولية أعلن في أبريل أن العالم قد دخل عصرا جديدا من «ما بعد الحقيقة والدعاية وقمع الحريات».
كما أظهر مؤشر حرية الصحافة العالمية لعام 2017، الذي نشرته منظمة مراسلون بلا حدود، أن الشرق الأوسط أصبح أسوأ منطقة في هذا الصدد.
وأشارت إلى الإدانة الدولية لمطلب دول الحصار بإغلاق شبكة الجزيرة، لكنها علقت على كلام السفير الإماراتي غباش الذي قال فيه «نحن لا ندعي أن لدينا حرية الصحافة، ونحن لا نعزز فكرة حرية الصحافة»، وقالت إنها «تصريحات تقشعر لها الأبدان».
واختتمت الصحيفة تقريرها بالقول إن على قطر أن تقاوم أي محاولات لتضييق حرية الصحافة، الأمر الذي يميزها عمن يتهمونها.
لقد قاومنا كل الضغوط، ومنها المتعلقة بالتضييق على حرية الصحافة، وقاومنا محاولات منع وصول الغذاء والدواء، ومحاولات هدم وتدمير الأسر، وحرمان الطلاب من متابعة دراستهم، قاومنا كل ذلك وأكثر، وسنقاوم أي محاولة للنيل من بلدنا الحبيب، ومن سيادته وحريته واستقلالية قراره، عبر الالتفاف حول أميرنا، حفظه الله، وحول رموزنا، فهذا خيارنا الذي لاعودة عنه، وقدمنا ولله الحمد صورة نموذجية أمام العالم كله عن توحد قطر.. القيادة والشعب والأرض.
هذه هي دولة الإمارات، تاريخ أسود طويل، انتهاكات بالجملة، تجاوزات لا يصدقها عقل بحق الأبرياء، سجون وتعذيب وانتهاكات عابرة للبحار، وأخيرا قرصنة إلكترونية وبث أحاديث مفبركة، ولولا أن قطر أحسنت التعامل مع الأزمة من كل جوانبها وأجهضت هذا المخطط الماكر مبكرا عبر مجموعة من الإجراءات الاقتصادية والدفاعية والدبلوماسية، لدفعت المنطقة ثمنا باهظا للتفحيط والمراهقة السياسية!
ودبي الإمارة السياحية المسالمة تدفع ثمن تخبطات أبوظبي وسلوكها الأرعن سياسيا واقتصاديا، لذلك انطلق هاشتاق في وسائل التواصل الاجتماعي يبدو أنه سيلف العالم وهو أن دبي غير آمنة للاستثمار.. وقد يؤثر ذلك على سحب تنظيم إكسبو 2020 منها!
وما يفعله مسؤولو دبي في سنوات تنسفه خطط أبوظبي في أسابيع عبر سلسلة من التجاوزات والجرائم، وآخرها عملية القرصنة التي تكشفت خيوطها ولا يمكن أن تمر مرور الكرام، ونتائجها ستكون وخيمة على الذين فعلوها، فهي تندرج في باب الأعمال الإرهابية، والكذب والتدليس والاعتداء على دولة ذات سيادة، ويعاقب عليها القانون الدولي ومجلس الأمن ومحكمة الجنايات ويتعامل معها كجريمة كبرى مكتملة الأركان.
هذه الجريمة الموصوفة هي آخر «صرعات» إمارة الشر للإساءة إلى قطر، وهي فعلة دنيئة لابد من محاسبة أصحابها وملاحقتهم ومقاضاتهم، لذلك كله سمعنا نبرة التراجع الجديدة والتخلي عن المطالب الـ «13» بعد أن تم تخفيضها إلى مبادئ ستة ومازالت العروض قائمة والتخفيضات مستمرة.. وتحياتي وأشواقي للوزير الجبير الذي صرخ من الهند بأن القائمة مطلب جماعي ولا يوجد تفاوض!
هذه الجريمة الظبيانية أو الصبيانية، ليست من النوع الذي يسقط بالتقادم، أو على مبدأ «عفا الله عما سلف»، لا، لن تمضي الأمور على هذا النحو، والذين تجرأوا على قطر، وأشعلوا هذه الفتنة لابد أن يدفعوا ثمن جريمتهم، ولابد أن تكون هذه القرصنة وسيلة لكف أذى دولة «المؤامرات» العربية المتحدة!!
بقلم : محمد حمد المري
رئيس التحرير المسؤول