أطلقت حكومة الوحدة الوطنية عملية عسكرية استهدفت بحسب تصريحات رئيسها والقادة العسكريين، أوكار الفساد مع التركيز على عمليات تهريب الوقود في مناطق عدة غرب البلاد، أهمها مدينة الزاوية - 45 كم غربي العاصمة، ومدينة زوارة - نحو 200 كم في نفس الاتجاه.

انقسم الرأي العام حول ضربات الطيران المسير بين مؤيد ورافض، والملاحظ أن الانقسام يعكس الاستقطاب الحاصل منذ سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية، وتوتر العلاقة بينها وبين مجلس النواب وأنصاره في الغرب والشرق.

أكثر المواقف حدة تجاه العمليات العسكرية كان لرئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، الذي سارع إلى اتهام رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبدالحميد الدبيبة، بتوظيف أزمة الزاوية والتطورات التي وقعت خلال الأسابيع الماضية كردة فعل على ارتفاع معدل الجريمة في المدينة وتغول المجموعات الخارجة عن القانون.

الموقف الحاد للمشري من سياسة الدبيبة لا يرتبط بقرار استهداف مواقع يعتقد أنها لتهريب الوقود وغيرها من الأعمال الخارجة عن القانون، إذ لم يخف المشري خلافه مع الدبيبة وتكرار اتهامه بالفساد وباللعب على متناقضات الوضع الليبي لتحقيق مكاسب سياسية.

الجبهة الشرقية رفضت ضربات الطيران المسير وركزت على الأضرار وقللت من جدواها واتجه بعض منابرها إلى موافقة المشري دعواه استغلال حكومة الوحدة الوطنية لهذا الملف سياسيا.

من يقفون في مواجهة جبهة الشرق والغرب من المؤيدين لحكومة الوحدة الوطنية رأوا أن العمليات تشكل تطورا مهما في أداء الحكومة، ذلك أنها أول حكومة تتخذ إجراءات حازمة ضد الانفلات الأمني المتعلق بجرائم تهريب الوقود والاتجار بالبشر.

صمدت الحكومة أمام ردود الفعل الأولية الغاضبة ضمن بعض مكونات مدينة الزاوية، إلا أن الأيام اللاحقة غيرت من اتجاه الموقف في المدينة لصالحها، وبالقطع سيقلل الاتجاه إلى استهداف مواقع في مدن أخرى، كما حدث في زوارة.

أعتقد أن أغلب ردود الأفعال الرافضة للعمليات العسكرية وضربات المسير تتخوف من دخول هذا السلاح على خط الصراع، وهذا في حال وقوعه قد يكون له أثر سلبي في مرحلة يراد أن يكون الهدوء هو سيد الموقف فيها لتحقيق التوافق والذهاب إلى الانتخابات في أقرب الآجال.

المفيد والأهم هو أن هذا الحراك يؤكد الفرضية التي توافق عليها جل المراقبين من أن شبح الحرب الواسعة كما وقع في نيسان/‏ أبريل 2019م لن يتكرر في ظل وجود الطيران المسير واستمرار الحلف مع تركيا بقيادة أردوغان.

{ عربي 21