حلت الذكرى التاسعة لتولي حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، مقاليد الحكم في البلاد، وهو يواصل أعماله، ويترجم أقواله بأفعاله، لجعل قطر وأهلها في عز وخير، بتطوير مواردها وتعزيز مكانتها وحماية سيادتها.فمن ضمن ركائز برنامج سموه في الحكم المحافظة على سمعة قطر العالمية وموقعها السياسي المؤثر وتطوير دورها الدبلوماسي، عبر مواصلة العمل مع الشركاء الدوليين لمواجهة الأزمات ووضع الحلول المناسبة لها، والمساهمة في حل النزاعات وتخفيف التوتر، ورفض الظلم والاعتداء وترويع الآمنين، والوقوف مع الحق والمضطهدين. وليس غريباً أن تحل هذه الذكرى وسموه في جولة خارجية مهمة لتعزيز مكانة بلاده السياسية والاقتصادية على خريطة الدبلوماسية العربية والدولية، وتمكينها من تحقيق الأهداف التي تصبو لها القيادة والشعب، بجعل قطر رقما مهما وصعبا وقادرا على مواجهة التحديات وعبور الأزمات.. فعلى مدار السنوات التسع الماضية، والعشر التي قبلها (إبان ولاية العهد)، لا يكاد يخلو برنامج سموه من نشاط مكثف، داخلياً وخارجياً، للوقوف على احتياجات الوطن والمواطن، وتقديم الدعم اللازم للدفع بهما للأمام بما يتوافق مع التطلعات والطموحات. والذكرى التاسعة حلت وصاحب السمو يتنقل بين رواندا ومصر والجزائر، في زيارات عمل تؤكد على مكانة قطر وأهمية التعاون وتعزيز العلاقات معها لما فيه من مصلحة مشتركة.. حيث إن بناء العلاقات العربية والإقليمية والدولية، وتمتينها وتحصينها بما يخدم مبادئنا وأهدافنا كان دائما على رأس الأولويات في السياسة القطرية.قاهرة المعز كانت المحطة الوسطى بين العواصم الثلاث، وقد وصل إليها صاحب السمو قادما من كيغالي، حيث شارك في الجلسة الافتتاحية لاجتماع رؤساء حكومات الكومنولث السادس والعشرين. وعن مشاركة سموه قال الرئيس بول كاغامي، رئيس جمهورية رواندا الصديقة، إن دولة قطر، تحت قيادة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، تحتل موقع الصدارة في إيجاد حلول للعديد من التحديات الأكثر إلحاحا اليوم، من أمن الطاقة إلى الاستجابة الإنسانية في الشرق الأوسط والحرب العالمية ضد الفساد.وأضاف كاغامي في كلمته أمام اجتماع رؤساء حكومات الكومنولث، أنه لم يكن بإمكانه الحصول على شخص أفضل من سموه لدعوته كضيف خاص جدا للكومنولث، مشيرا إلى أن سمو الأمير المفدى «صديق وشريك للكثير منا، وترتبط بلاده بعلاقات تاريخية عميقة مع دول الكومنولث».في القاهرة، بحث صاحب السمو أمير البلاد المفدى، مع أخيه فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة، العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، لا سيما في مجال الاستثمار والطاقة والدفاع والثقافة والرياضة، بالإضافة إلى عدد من القضايا الراهنة على الساحتين الإقليمية والدولية، وتبادلا وجهات النظر حيالها.وأشاد فخامة الرئيس المصري بما حققته دولة قطر في عهد سمو الأمير من إنجازات تنموية وحضارية في شتى المجالات، داعيًا الله تعالى أن يديم على سموه موفور الصحة والعافية، وعلى الشعب القطري المزيد من التطور والنماء.ما سمعناه من القائدين في القمة القطرية - المصرية يؤكد على الرغبة المشتركة في بناء أفضل العلاقات وأقواها، ولطالما ارتبط بلدانا لما فيه نصرة قضايانا القومية والدفاع عنها، وتدل هذه الزيارة على الروابط التاريخية العميقة، وعلى رغبة مشتركة أكيدة لزيادتها منعة وقوة. في الجزائر كانت المحطة الأخيرة لجولة صاحب السمو، حيث التقى أخاه فخامة الرئيس عبدالمجيد تبون، رئيس الجمهورية، وجرى خلال اللقاء استعراض علاقات التعاون بين البلدين الشقيقين وسبل دعمها وتطويرها، كما جرى مناقشة عدد من القضايا والمستجدات ذات الاهتمام المشترك. كما حضر صاحب السمو حفل افتتاح الدورة الـ «19» لألعاب البحر الأبيض المتوسط - وهران 2022، في مدينة وهران بالجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية الشقيقة.جولة صاحب السمو العربية - الإفريقية، جاءت بعد فترة وجيزة من جولة أوروبية؛ شملت جمهورية سلوفينيا ومملكة إسبانيا، وجمهورية ألمانيا الاتحادية، والمملكة المتحدة، والجمهورية الفرنسية، وقبلها بقليل زار سموه جمهورية إيران الإسلامية والجمهورية التركية. وعلى مدى السنوات التسع الماضية، شهدت قطر الكثير، على الصعيدين الداخلي والخارجي، وما تحقق من مكاسب خلال أقل من عقد قلما حققته دولة أخرى في العالم، من التعليم إلى الصحة، إلى الأمن الغذائي، إلى البنى التحتية، إلى انتخابات مجلس الشورى، إلى التشريعات والقوانين الرامية إلى تأمين مظلة حماية واسعة لكل مواطن، حيث جاء القرار الأميري بزيادة المعاشات التقاعدية، وقانوني التأمينات الاجتماعية والتقاعد العسكري، لتؤكد أن الإنسان ورفاهه هو المحور الأول في بلدنا الحبيب.لا يمكن الحديث في مقال عن كل ما تحقق، ولا عن جزء يسير منه، لكن الشواهد ماثلة أمامنا جميعا، ومراكز قطر في مؤشرات التنافسية العالمية خير شاهد على الطفرة الهائلة التي نعيشها، وقد شهد الإصدار الـ«34» من الكتاب السنوي للتنافسية العالمية، الصادر عن IMD، حلول قطر في المركز الثاني عربياً والثامن عشر عالمياً، منافسة بذلك كبرى اقتصادات العالم وأكثرها تنافسيةً. لقد ساهم الأداء القطري الإيجابي في حلول الدولة ضمن المراكز العشرة الأولى في أكثر من أربعين مؤشراً من مؤشرات التنافسية الرئيسية والفرعية، بما في ذلك: الأمن والأمان ومرونة الاقتصاد، وأسعار الوقود، ومعدلات البطالة بين الشباب، والتحوّل الرقمي في الشركات والمؤسسات، والتوظيف، وتشريعات البطالة، وتكيفية السياسات الحكومية، والأمن السيبراني، والمالية العامة، وإدارة المدن، ونسبة فائض الميزانية الحكومية. وهي جميعاً مؤشرات من شأنها تسهيل إنشاء وتطوير الأعمال، وبشكل خاص ضمن الإطار الرقمي الذي يهيمن على عالم الأعمال منذ بدء جائحة كورونا (كوفيد - 19)، والتي غيرت من طبيعة الأعمال والطرق التي تعمل بها اقتصاداتنا.الحديث عن الذكرى التاسعة لتولي صاحب السمو مقاليد الحكم حديث عن الإنجازات، وهي بطبيعة الحال ليست محلية فحسب، إذ كانت حافلة بالنشاط السياسي لقطر بالداخل والخارج وعلى جميع الأصعدة والمستويات، وهو ما يعكس الدور الفاعل للدولة، والمكانة التي تحظى بها بين الدول والشعوب والمنظمات والمؤسسات الدولية، وجاءت على رأس هذا النشاط، المشاركات الخارجية التي قام بها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، والتي حظي سموه خلالها باستقبال حافل وترحيب منقطع النظير.لقد آمنت قطر على الدوام بأن الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، ولطالما رأيت أن هذه العبارة التي قيلت منذ زمن بعيد، وكأنها قيلت لتختصر سياسة قطر وإيمانها العميق بالحوار البناء القائم على الاحترام، فلا خصام في السياسة القطرية، وإنما قنوات مفتوحة على الدوام، وكان من شأن ذلك أن أصبحت قطر البلد الوحيد القادر على التوفيق بين المتخاصمين وجمعهم، وتيسير سبل الوفاق فيما بينهم، والأمثلة هنا كثيرة، وأبرزها الدور المشهود الذي لعبته في قضية أفغانستان، والدور البارز الذي قامت به خلال جائحة «كوفيد 19»، داخليا عبر حماية البنية الاقتصادية للدولة ودعم القطاعات المتأثرة والحد من مخاطر الوباء واحتواء تداعياته على مناخ الأعمال، وضمان استقرار الأسواق وتوافر السلع الغذائية والأساسية، وخارجيا عبر مد يد العون والدعم والمساندة للعديد من دول العالم، ودور قطر في كل ذلك إنساني مشهود، دعما للأشقاء والأصدقاء، لذلك لم يكن غريبا، وأنا أكتب هذا المقال، أن أتابع على وكالة الأنباء القطرية خبر وصول أول طائرة قطرية تحمل مساعدات إلى أفغانستان ضمن حملة إغاثية، بسبب الزلزال الذي تعرضت له منذ أيام.لطالما كانت الأرقام هي الفيصل في إطلاق الأحكام الموضوعية، وقد استطاع سمو الأمير، خلال تلك السنوات التسع الماضية، أن ينتقل بالاقتصاد القطري إلى مستوى متقدم، لتشير أحدث التوقعات إلى أن الناتج المحلي الإجمالي سيسجل نسبة نمو تصل إلى «4.9 %» خلال العام الجاري، وذلك في الوقت الذي يعاني فيه العالم من تراجع في الأداء، وارتفاع كبير في معدلات التضخم.نحن الآن في بداية العام العاشر من تولي صاحب السمو مقاليد الحكم، وعلى بعد أقل من «150» يوما على «كأس العالم FIFA قطر 2022»، التي ستنطلق للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط، لتعكس الحضارة العربية والإسلامية، وتبرز الهوية القطرية الأصيلة أمام العالم، وقد لمسنا جميعا، مواطنين ومقيمين، التغييرات الهائلة التي شهدها بلدنا الحبيب خلال العقد المنصرم، ما يؤكد أهمية الدور الذي تلعبه استضافة كأس العالم، باعتبارها أحد أهم الدوافع لإحداث هذه التغييرات الجوهرية في مسيرة التنمية بالبلاد.منجزات صاحب السمو لا تتوقف، وتحركات سموه مستمرة، وجولته التي قام بها مؤخرا تؤكد أن سياسة قطر تحلق عاليا، وستبقى فعالة وديناميكية وحيوية بسبب هذا الجهد الدؤوب من سموه لوضعها في مكانة تليق بها، وكما المنجزات في الداخل كبيرة ومذهلة ومتنوعة، كذلك الحال بالنسبة للسياسة الخارجية النشطة، وعنوانها الرئيسي نصرة قضايا العرب والمسلمين، ودعم الأمن والسلم الدوليين، ووقوف مع الحق والمضطهدين.
كتاب وأراء
سيرة.. ومسيرة
Jun 27, 2022