+ A
A -
كأن الشاعر الذي توفي عن عمر 25 عاما وترك خلفه قصيدة شعر كان حين قالها يعلم أن بيت المقدس بحاجة لها، وأن فلسطين بحاجة لها وأن أمة أبو القاسم الشابي من المحيط إلى الخليج بحاجة لها، فتمثلت في الشعب الذي أراد الحياة ووقف على أبواب القدس رافضا المذلة والمهانة، رافضا التنازل عن إعطاء السيادة عليه للمحتل، معلما أبناءه عشق الأقصى مغنيا لها أبو القاسم الشابي قصيدته التي قالها وهو في السابعة عشرة من عمره
«إذا الشعب يوما أراد الحياة
فلا بد أن يستجيب القدر
ولابد لليل أن ينجلي
ولا بد للقيد أن ينكسر
فأراد الفلسطينيون العزة فكسروا قيد المحتل ورفعوا الحواجز الالكترونية وصلوا أمس الجمعة في الأقصى الذي استقبلهم واحتضنهم وبكى مع الإمام الذي ناشد الشعوب بعد أن أعلن فقد الأمل بالحكام، أن تهب هذه الشعوب لإنقاذ القدس، وليته يعلم أن الشعوب التي أيدت فرض الحصار على الشقيق ليس بيدها حيلة بل ليس لديها قدرة على التعاطف خوفا أن يكون التعاطف مع الفلسطينيين جريمة كحال التعاطف مع قطر، وأن يكون التخابر مع فلسطين خيانة كما التخابر مع حماس وفقا للنهج السيسي الجديد في مصر.
استقبل الأقصى المصلين، ورفع التحية للمجاهدين والمرابطين وإلى من ساندهم في قطر وصلى المصلون الفوق الخمسين الجمعة داخل الحرم، أما الشباب من تعلقت قلوبهم بالمسجد فصلوا على حدود المدينة تحت حراب الغاصبين، وصوت تميم البرغوثي يعلو:
في القدس تنتظمُ القبورُ، كأنهنَّ سطورُ تاريخِ المدينةِ
والكتابُ ترابُها
الكل مرُّوا من هُنا
فالقدسُ تقبلُ من أتاها كافراً أو مؤمنا
أُمرر بها واقرأ شواهدَها بكلِّ لغاتِ أهلِ الأرضِ
فيها الزنجُ والإفرنجُ والقِفْجَاقُ والصِّقْلابُ والبُشْنَاقُ
والتاتارُ والأتراكُ، أهلُ الله والهلاك، والفقراءُ والملاك،
والفجارُ والنساكُ، فيها كلُّ من وطئَ الثَّرى
كانوا الهوامشَ في الكتابِ فأصبحوا نَصَّ المدينةِ قبلنا
أتراها ضاقت علينا وحدنا
يا كاتب التاريخِ ماذا جَدَّ فاستثنيتنا
يا شيخُ فلتُعِدِ الكتابةَ والقراءةَ مرةً أخرى،
أراك لَحَنْتْ
نبضة
بعد حصار قطر من جيرانها وأشقائها، كلهم لحنوا، فلا تنتظر أن تعود إلى نص الكتاب يا ابن العم تميم.

بقلم : سمير البرغوثي
copy short url   نسخ
29/07/2017
1214