في الحياة لا شيء يُعطى بالمجان إلا نادراً، لكن رغم إدراكنا لهذه الحقيقة إلا أن الكثيرين يقعون في مصيدة تلو أخرى، ينسجها لهم بعض ذوي النفوس الضعيفة والمخادعة، فتغرّهم تلك الصناديق التي تشبه الهدايا المغلفة بلون الحب.
كثيرة هي المواقف التي يخدع فيها أناس بسطاء طيبو القلوب، من آخرين يبيّتون لهم نوايا غير حسنة. ففي الوقت الذي تتوقع فيه أن الناس يتحركون بدافع من المحبة، عليك أن تدرك أن هناك فئة من الأشخاص تحركهم مصالح شخصية، ونوازع نرجسية تصور لهم الآخرين على أنهم محض أدوات لخدمة أغراضهم.
بعض الناس يرى أنه محور الكون، وأن جميع المحيطين به موجودون لخدمته. هذه النظرة تجعله يبرر أي وسيلة يستخدمها في سبيل تحقيق مآربه. وإن لم يتمكن من الوصول إلى غايته يستشيط غضباً، ويمحق كل شيء أو أحد يقف في طريقه، مستخدماً في سبيل الوصول إلى مراده كل الوسائل الخبيثة.
فإذا قُدمت إليك هدية مادية أو معنوية، لا تكن ساذجاً وتتوقع أن الغاية من ذاك الشيء المغلف بطابع الحب هو التقرب منك بهدف كسب محبتك فحسب، ففي بعض الأحيان يكون المخطط أكبر من ذلك بكثير، وأبعد مما تتصور. ربما هذا السبب الذي من أجله تمنع الهدايا للمحامين ومن شاكلهم، لأنها في الغالب شكل من أشكال التملق بهدف استرضاء الشخص بغية جعله يقوم بما نريده القيام به.
في علاقات الحب أيضاً، تبدو جميع التصرفات نابعة من الحب. لكن عليك أن تدرك أن ما تظنه حباً لا يكون كذلك في بعض الأوقات، بل مجرد تمثيلية أو تجريب عواطف، ليس كل من ادعى محبتك وصداقتك صادق، ولا العكس صحيح.
إن قدرتك على التمييز بين الهدية الحقيقية والهدية المزيفة ربما هو أحد أهم الأشياء التي عليك تعلمها في حياتك. لأنك وقتها تصبح منيعاً تجاه الصدمات، ويصعب اختراق دفاعاتك، وعندما تغدو شخصاً قوياً يسهل عليه كشف الأكاذيب والصناديق الصدئة ذات المظهر الخادع الذي يبدو أشبه بهدايا مغلفة بالحب؛ تصبح محط اهتمام الجميع، وتعيش حياة متوازنة بعيداً قدر الإمكان عن خيبات الأمل.
لا شك أن الصداقة رائعة، والحب جميل، لكن الأروع والأجمل هو ألا نقع فريسة في براثن المدعين الكاذبين. إن النجاح لا يكمن في عدد الأصدقاء، ولا أعداد الأحبة، بل يكمن في حصولك على أصدقاء حقيقيين، وأحبة مخلصين يقفون إلى جانبك دائماً، ويعاملونك باحترام وصدق، ويحبونك لذاتك لا لمصلحة خاصة.
احذر من العلاقات التي تبدو مليئة بالحب، غير أن الصدأ يتخللها من البداية. قد تشعر أنك في سابع سماء، وأن الدنيا مفروشة بأبهى الألوان، لكنك لو فكرت ملياً ستكتشف أحياناً أنك تعيش وهماً ستصحو منه ذات يوم وأنت مخذول، يكثر هذا الشكل من الخذلان في علاقات الحب أو الصداقة من طرف واحد.
راجع علاقاتك جيداً، وتأكد أنك لست الطرف المضحي معظم الوقت، وأنك لا تطلب الحب، وتتسول المشاعر، وتتنازل عن حياتك وطموحاتك وكرامتك في سبيل إرضاء الطرف الآخر. فإن كنت تفعل ذلك، فأغلب الظن أن من تحبه لا يكنّ لك حباً صادقاً أو مشاعر صداقة حقيقية، بل يستغل مشاعرك ورغبتك في إرضائه.
كثيرة هي التصرفات التي تلبس رداء الحب وتبدو أشبه بالهدايا المغلفة، لكنك إن أمعنت النظر فيها ستكتشف أن وراءها نوايا خبيثة، ومصالح تستتر تحت السطح.
فاحذر ممن لا يتوانون عن استغلال مشاعر الآخرين بهدف الوصول إلى ما يريدونه. انتبه جيداً، إذ يمكن أن يكون مثل هذا الشخص موجوداً في حياتك الآن وأنت لا تدري، عليك فقط أن تفتح مداركك، وتضبط عواطفك، وتُعمِل عقلك حتى تكتشف الحقيقة.