أهلًا بالحوار، بعد ما يقارب من شهرين من أزمة الحصار، أهلًا وقد اقتنعتم بما دعا إليه صاحب الرؤية الصائبة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وحمل الأمانة سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، وزير الخارجية، وطاف بها العالم، فلم تهدأ طائرته وهو ينقل هذه الدعوة، ومنذ أول مؤتمر صحفي خلال جولته الأوروبية الأولى، فدعا إليه في ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وموسكو وواشنطن وإسطنبول، وفي كل اللقاءات باتت المطالبة بالحوار، وفق الأسس السياسية المتبعة، لأن ما طرحته بيانات دول الحصار كلها اتهامات مرسلة، وبلا دليل. وإعلام تلك الدول واصل سياسة وزير إعلام هتلر «اكذب ثم اكذب، ثم اكذب» حتى انتحر هتلر، ونهاية الكذب في كل التاريخ الانتحار، قالوا: حدودنا مفتوحة للحجاج القطريين، أجواؤنا مفتوحة للحجاج القطريين، قطر تمنع مواطنيها من تأدية فريضة الحج، نطالب بالحوار على تنفيذ شروطنا الثلاثة عشرة ومبادئ القاهرة الستة وليس على لا شيء غيره، وَيْل لمن ادعى بالقول، قطر تدعم الإرهاب، ولا دليل، قطر تستضيف الإرهابي الأول في الكون العالم الجليل يوسف القرضاوي الذي يحتاج إلى من يساعده في الذهاب إلى سريره لينام ولا دليل.. لا اخفي أنني أغلقت القناة مكتفياً بما سمعت.
خرجت ابحث عن الملاذ الآمن الذي يقيم فيه المطلوبون قضائياً لدى دولهم، وللمتورطين في الإرهاب وتمويله، فوجدت كهولاً من أهل الله جاؤوا إلى قطر للعمل منهم من عمل بالإمارات سنين طوال، ومنهم من عمل في مكة والمدينة والرياض، ولم يرتكبوا جريمة قتل نملة، لأن لها سورة في القرآن، وكيف الحال مع قتل نفس، التي حرمها الله إلا بالحق.
أهلًا باستعداد الدول الأربع للحوار ويا ليتها لم تتبع ترحيبها بقولها: «شريطة أن تعلن الدوحة رغبتها الصادقة والعملية في وقف دعمها وتمويلها للإرهاب والتطرف ونشر خطاب الكراهية والتحريض، والالتزام وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، وتنفيذ المطالب الثلاثة عشر التي وصفوها بالعادلة التي تضمن السلم والاستقرار في المنطقة والعالم».. وكأن قطر تنشر فرق الموت في تلك الدول، وكأن قطر أخرجت كارلوس من سجنه في باريس ليمارس القتل في أبوظبي، وكأن قطر استعادت صبري البنا أبونضال من جهنم ليواجه بن دحلان في أبو ظبي.
واقف مذهولاً أمام هذه الشروط، وأنا أرى القوات الإماراتية تواجه المشروع الإسلامي في ليبيا، وتواجه المشروع الوحدوي في اليمن وتعادي حماس حركة المقاومة الوحيدة في عالمنا، وأرى طهران توقع اتفاقاً مشروطاً مع الرياض لتسيير حملة حج تحرسها بعثة حج دبلوماسية مكونة من 250 دبلوماسياً، وأن يكون الحج مباشرة من أراضي فارس إلى أرض الحجاز براً أو جواً، فيما حجاج قطر الدولة العربية الشقيقة المسلمة السنية محروم على حجاجنا عبور الأجواء السعودية ومحرومون من عبور حدودها البرية، بربكم أليس هذا هو الجور في عداء الشقيق ويجعلني أتساءل عن التناقض، عن خطاب الكراهية الذي تبثه قنوات أبوظبي والسعودية، ألا يدخل ذلك من ضمن التفاوض.
أهلاً بالتفاوض في إطار بيت التعاون الذي جعل من دول الخليج كياناً يحسب له في الغرب والشرق، فجاء الحصار لينهي هذا الاحترام ويدخل الدول الشقيقة في أزمة تسببت في قطع الأرحام وفي فصل موظفين من أعمالهم وحرمان أبناء من أمهاتهم وأطفالهم، وشتت العائلات والقبائل، نسأل الله مخلصين أن يلهم المتفاوضين الرشد ليعود الخليج إلى بهائه ويجنبه ما أصاب اليمن والعراق وسوريا وليبيا.
نبضة أخيرة
لا تجزع من جرحك، وإلا كيف للنور أن يتسلل إلى داخلك.
بقلم : سمير البرغوثي