+ A
A -
منذ أيام قدّم وزير الصّحة السويدي «غابريل ويكستورم» استقالته إلى رئيس الحكومة، ثمّ بعد ذلك كتب تغريدة في تويتر معلناً قرار استقالته على الملأ... إلى هنا الحدث عادي جداً ولا يستحق تعليقاً فضلاً أن أفرد له مقالاً! فلا يمرّ يوم في هذا العالم إلا ويستقيل فيه وزير أو تنفضّ فيه حكومة! ولكن التغريدة لم تكن عادية أبداً، قام الوزير بوضع صورة لستّة أقلام حبر، وكتب: أعدتُ أقلام الدولة، شكراً لثلاث سنوات حافلة بالأحداث وخدمة الناس!
تعرفون أني لستُ من دعاة التغريب، وأزيدكم من الشعر بيتاً، أني لم أنظر يوماً إلى الحضارة الرأسمالية الغربيّة نظرة إجلال، ولا أشعر بعقدة نقص وأنا أنظر إليهم وإلينا وإن كنت أشعر بالأسى! ذلك أني أعرف كما تعرفون جميعاً أنه ما من فضيلة اتفق عليها النّاس إلا ولها في ديننا أصل، فدين بُعث نبيّه ليتمم مكارم الأخلاق لا ينفك يخبرنا أن الإسلام ليس صلاةً وصياماً وحجاً وزكاةً فقط، وإن كان لا جدال أنّ العبادات حقّ الله على الناس! ولكن الإسلام وهو يُشرّع العبادات يُخبرنا أن الصلاة ليست حركات تؤدى مفرغة من معاني الروحانية، ألم يقل ربنا «إنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر»؟!، وأنّ الغاية من الصيام ليست تجويع الناس وإنما تحقيق التقوى «لعلكم تتقون»! إذا مشكلتنا ليست في منظومتنا الدينية والأخلاقية، وإنما في فساد تطبيقنا لهذه المنظومة! وكما يقول علماء الاجتماع والسياسة: إن الخلل في التطبيق لا يعني فساد النظرية!
بالمقابل إن اختلافنا الفكريّ مع مبادئ الحضارة الغربية لا يعني أن ننكر أي تصرف نبيل يصدر عنها؛ نحن قوم أُمرنا بالعدل «ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا»! ولكن الذي يدمي القلب أن تجد وزيراً هناك يعيد ستة أقلام للدولة لأنها ليست من حقه بينما تجد وزيراً هنا يأكل البيضة والتقشيرة! والذي يحزّ في النّفس أن تُعزل رئيسة وزراء كوريا الجنوبية لأنها وظفت صديقتها متحايلة بذلك على بروتوكولات النزاهة وتكافؤ الفرص في التوظيف، بينما الباب السحري للحصول على الوظائف عندنا هو: أنا من طرف فلان!
لا يعتقدنّ أحدكم أنّ القصة قصة أقلام لا تتعدى قيمتها الدولارين، إن القصة هي الباعث على هذا التّصرف، والمبدأ الذي خلفه، والقيمة الأخلاقية التي دعت إليه، وهذا ما ينقصنا نحن، أن نقارن بين تصرفاتنا أفراداً وحكومات وبين القيم والمبادئ التي نحملها! عاقّ أمه عندنا لو أعطيته ورقة وقلماً ليكتب موضوع تعبير عن الأم، لاستشهد بآيات وأحاديث وأبيات شعر في البرّ لا يأتي بمثلها خطيب الجمعة! والوزير الفاسد يحفظ عشرات القصص عن عدل عمر بن الخطاب حتى لتحسبه العقاد في العبقريات! والزوح والزوجة اللذان لا يكفّان عن التناحر لو سمعتهما يتحدثان عن أصول وأخلاق المعاشرة الزوجية لاعتقدتَ أنهما مرشدان أُسريّان! للأسف تصرفاتنا لا تشبه قِيمنا!
بقلم : أدهم شرقاوي
تعرفون أني لستُ من دعاة التغريب، وأزيدكم من الشعر بيتاً، أني لم أنظر يوماً إلى الحضارة الرأسمالية الغربيّة نظرة إجلال، ولا أشعر بعقدة نقص وأنا أنظر إليهم وإلينا وإن كنت أشعر بالأسى! ذلك أني أعرف كما تعرفون جميعاً أنه ما من فضيلة اتفق عليها النّاس إلا ولها في ديننا أصل، فدين بُعث نبيّه ليتمم مكارم الأخلاق لا ينفك يخبرنا أن الإسلام ليس صلاةً وصياماً وحجاً وزكاةً فقط، وإن كان لا جدال أنّ العبادات حقّ الله على الناس! ولكن الإسلام وهو يُشرّع العبادات يُخبرنا أن الصلاة ليست حركات تؤدى مفرغة من معاني الروحانية، ألم يقل ربنا «إنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر»؟!، وأنّ الغاية من الصيام ليست تجويع الناس وإنما تحقيق التقوى «لعلكم تتقون»! إذا مشكلتنا ليست في منظومتنا الدينية والأخلاقية، وإنما في فساد تطبيقنا لهذه المنظومة! وكما يقول علماء الاجتماع والسياسة: إن الخلل في التطبيق لا يعني فساد النظرية!
بالمقابل إن اختلافنا الفكريّ مع مبادئ الحضارة الغربية لا يعني أن ننكر أي تصرف نبيل يصدر عنها؛ نحن قوم أُمرنا بالعدل «ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا»! ولكن الذي يدمي القلب أن تجد وزيراً هناك يعيد ستة أقلام للدولة لأنها ليست من حقه بينما تجد وزيراً هنا يأكل البيضة والتقشيرة! والذي يحزّ في النّفس أن تُعزل رئيسة وزراء كوريا الجنوبية لأنها وظفت صديقتها متحايلة بذلك على بروتوكولات النزاهة وتكافؤ الفرص في التوظيف، بينما الباب السحري للحصول على الوظائف عندنا هو: أنا من طرف فلان!
لا يعتقدنّ أحدكم أنّ القصة قصة أقلام لا تتعدى قيمتها الدولارين، إن القصة هي الباعث على هذا التّصرف، والمبدأ الذي خلفه، والقيمة الأخلاقية التي دعت إليه، وهذا ما ينقصنا نحن، أن نقارن بين تصرفاتنا أفراداً وحكومات وبين القيم والمبادئ التي نحملها! عاقّ أمه عندنا لو أعطيته ورقة وقلماً ليكتب موضوع تعبير عن الأم، لاستشهد بآيات وأحاديث وأبيات شعر في البرّ لا يأتي بمثلها خطيب الجمعة! والوزير الفاسد يحفظ عشرات القصص عن عدل عمر بن الخطاب حتى لتحسبه العقاد في العبقريات! والزوح والزوجة اللذان لا يكفّان عن التناحر لو سمعتهما يتحدثان عن أصول وأخلاق المعاشرة الزوجية لاعتقدتَ أنهما مرشدان أُسريّان! للأسف تصرفاتنا لا تشبه قِيمنا!
بقلم : أدهم شرقاوي