الجنّة للهِ يُدخلها من يشاء برحمته، والنّار للهِ يُدخلها من يشاء بعدله، ونحن بينهما بين خوفٍ ورجاء، نخاف عقابه سبحانه فإنه قادر، ونرجو رحمته سبحانه، فإنه أرحم بعباده من الأم بوليدها.. ومن كان على غير هذا فليراجع إسلامه، فإنّ صاحب الشريعة أخبرنا أنه لن يدخل أحدٌ الجنّة بعمله، فسألوه مستغربين: ولا أنت يا رسول الله؟! فقال: ولا أنا إلا أن تتغمدني رحمة ربي! وأخبرنا أيضاً كما في البخاريّ: أن رجلاً قال: واللهِ لا يغفر الله لفلان.. فقال الله: من ذا الذي يتألى عليّ ألا أغفر لفلان، فإني غفرتُ له وأحبطتُّ عملك!
منذ أيام تُوفي الفنان الكويتي المَرِحُ، خفيفُ الدم والظلّ، عبدالحسين عبدالرضا، وكما هي العادة، كلما مات فنان أو سياسي أو صاحب شهرة انقسم الناس إلى ثلاثة أقسام.. قسم يُشعرك أنه مالك خازن النّار وأنه قد استلم الرجل وألقاه في قعر جهنم، مع أنّ مالك نفسه لا يُعذب إلا بأمر الله! وقسم يُشعرك أنه رضوان خازن الجنة وأنه استلم الرجل وأوصله إلى الفردوس الأعلى، مع أن رضوان نفسه لا يُنعّم إلا بأمر الله! وقسم أخير فهم الإسلام فهماً صحيحاً، فتأدب بأدب العبد مع الرّب، ولم يشاركه في علمه ولا في قضائه، وإنما أوكل إليه الأمر سبحانه، إن شاء عذّب وإن شاء غفر! وإن شاء عذّب وإن شاء غفر يندرج تحتها جميع موتى المسلمين من المفتي إلى الرّاقصة!
إن كان عبدالمحسن شيعياً، فليس الشيعة في العقيدة سواء، وكذلك السُّنة ليسوا في العقيدة سواء! وتكفير النّاس بالجملة لم يقل به أحد من الفقهاء المعتبرين، سواء الأربعة الكبار أصحاب المذاهب، أو ابن تيمية وابن القيم! ولكنهم أصّلوا للمسألة ووضعوا نواقض للعقيدة من فكّ عراها وقع في المحظور لأي طائفة انتمى، وحتى وهم يفعلون هذا كانوا يُميّزون بين عوام المسلمين وبين زعماء الفرق، ولم يقطعوا بجنة ولا بنار لأحد من أهل القبلة على أي مذهب كان! وقد قال الإمام الطحاويّ ناقلاً عقيدة أهل السُّنة في المسألة: ونسمي أهل قبلتنا مسلمين مؤمنين، ونرى الصلاة خلف كل برّ وفاجر، ولا ننزل أحداً منهم جنة ولا ناراً، ولا نشهد عليهم بكفر ولا شرك ما لم يظهر منهم شيء من ذلك، ونذر سرائرهم إلى الله، وأهل قبلتنا تعم طوائف أهل الإسلام الخمس، السنة والشيعة والمعتزلة والمرجئة والخوارج، ويحرم التعرض للأموات بالسبّ والطعن، وقد جاء في البخاريّ: لا تسبوا الأموات، فإنهم أفضوا إلى ما قدّموا!
خلاصة القول:
نفتخرُ بعقيدتنا، ونعتقدُ يقيناً صوابها، ونحبّ أبا بكر وعمر وعائشة وجميع الصحابة، ولا ننزاح عنها قيد أنملة، نُدافع عنها بالحجة والرأي والسيف، ولكننا لا نُقوّل أحداً شيئاً لم يقله لمجرد أن شخصاً آخر من طائفته يقوله! ونحن نعتقد ونحاجج ونجادل وندافع، نؤمن أننا عباد ولسنا أرباباً، ولا نتألى على الله، والخصومات الفكرية تنفضُّ عُراها بالموت، وقد قال ابن القيّم: أتيتُ ابن تيمية مبشراً إياه بموت ألدّ خصومه، فنهرني، وقال لي: قُمْ معي.. فذهب إلى بيته، وعزّى أهله، وقال لهم: أنا لكم مكانه، لا تحتاجون شيئاً أقدر على أن أنفذه لكم إلا أنفذته!
بقلم : أدهم شرقاوي
منذ أيام تُوفي الفنان الكويتي المَرِحُ، خفيفُ الدم والظلّ، عبدالحسين عبدالرضا، وكما هي العادة، كلما مات فنان أو سياسي أو صاحب شهرة انقسم الناس إلى ثلاثة أقسام.. قسم يُشعرك أنه مالك خازن النّار وأنه قد استلم الرجل وألقاه في قعر جهنم، مع أنّ مالك نفسه لا يُعذب إلا بأمر الله! وقسم يُشعرك أنه رضوان خازن الجنة وأنه استلم الرجل وأوصله إلى الفردوس الأعلى، مع أن رضوان نفسه لا يُنعّم إلا بأمر الله! وقسم أخير فهم الإسلام فهماً صحيحاً، فتأدب بأدب العبد مع الرّب، ولم يشاركه في علمه ولا في قضائه، وإنما أوكل إليه الأمر سبحانه، إن شاء عذّب وإن شاء غفر! وإن شاء عذّب وإن شاء غفر يندرج تحتها جميع موتى المسلمين من المفتي إلى الرّاقصة!
إن كان عبدالمحسن شيعياً، فليس الشيعة في العقيدة سواء، وكذلك السُّنة ليسوا في العقيدة سواء! وتكفير النّاس بالجملة لم يقل به أحد من الفقهاء المعتبرين، سواء الأربعة الكبار أصحاب المذاهب، أو ابن تيمية وابن القيم! ولكنهم أصّلوا للمسألة ووضعوا نواقض للعقيدة من فكّ عراها وقع في المحظور لأي طائفة انتمى، وحتى وهم يفعلون هذا كانوا يُميّزون بين عوام المسلمين وبين زعماء الفرق، ولم يقطعوا بجنة ولا بنار لأحد من أهل القبلة على أي مذهب كان! وقد قال الإمام الطحاويّ ناقلاً عقيدة أهل السُّنة في المسألة: ونسمي أهل قبلتنا مسلمين مؤمنين، ونرى الصلاة خلف كل برّ وفاجر، ولا ننزل أحداً منهم جنة ولا ناراً، ولا نشهد عليهم بكفر ولا شرك ما لم يظهر منهم شيء من ذلك، ونذر سرائرهم إلى الله، وأهل قبلتنا تعم طوائف أهل الإسلام الخمس، السنة والشيعة والمعتزلة والمرجئة والخوارج، ويحرم التعرض للأموات بالسبّ والطعن، وقد جاء في البخاريّ: لا تسبوا الأموات، فإنهم أفضوا إلى ما قدّموا!
خلاصة القول:
نفتخرُ بعقيدتنا، ونعتقدُ يقيناً صوابها، ونحبّ أبا بكر وعمر وعائشة وجميع الصحابة، ولا ننزاح عنها قيد أنملة، نُدافع عنها بالحجة والرأي والسيف، ولكننا لا نُقوّل أحداً شيئاً لم يقله لمجرد أن شخصاً آخر من طائفته يقوله! ونحن نعتقد ونحاجج ونجادل وندافع، نؤمن أننا عباد ولسنا أرباباً، ولا نتألى على الله، والخصومات الفكرية تنفضُّ عُراها بالموت، وقد قال ابن القيّم: أتيتُ ابن تيمية مبشراً إياه بموت ألدّ خصومه، فنهرني، وقال لي: قُمْ معي.. فذهب إلى بيته، وعزّى أهله، وقال لهم: أنا لكم مكانه، لا تحتاجون شيئاً أقدر على أن أنفذه لكم إلا أنفذته!
بقلم : أدهم شرقاوي