النجاح ليس مجرد كلمة ننطقها، أو محض حلم وردي، أو أمنية نطلبها ليحققها لنا مارد المصباح السحري، بل هو نتاج التخطيط السليم، والتفكير الإيجابي، والعمل الجاد الدؤوب، والصبر رغم جميع العقبات التي تعترضنا. لهذا لا ينال هذه المرتبة سوى المتفائلين المكافحين، الذين لا يدخرون جهداً في سبيل أحلامهم التي لا تبقى حبيسة مخيلاتهم الخصبة، بل تغدو بفضل إصرارهم على بلوغ الهدف واقعاً يتجلى في حياتهم.
لكن هل الطريق إلى النجاح سهل وبسيط؟
الإجابة هي «لا» .. فمن كان يظن أن الوصول إلى القمة كشربة عدس أو يمكن تحقيقه بوصفة سحرية أو في غمضة عين فهو واهم، لأن صعود سلم الناجحين يتطلب شجاعة نادرة وطاقة كبيرة وقدرة تحمل هائلة، وإلا فلن تواصل المشوار وستستسلم عند أول عقبة تواجهك.
وخلال رحلة النجاح، كلنا سنواجه زمرة من الناس الذي يستهزئون بأحلامنا ويسخرون مما نطمح إليه ويشككون في قدراتنا، خصوصاً في البدايات. ففي المراحل الأولى من سعيك صوب أهدافك ستجد أن كثيراً من الناس لن يقيموا وزناً لك، وسيتجاهلونك عمداً كأنك لم تكن، بل وسيضحكون عليك، ثم إذا رأوا بصيص نور وبأنك تسير بثقة على الطريق وأصبحت قريباً من بلوغ القمة، فسيعمدون إلى محاربتك بكل ما أوتوا من قوة. هؤلاء هم أعداء النجاح والحاسدون الذين لا يتمنون الخير لغيرهم ويكرهون من هو أفضل منهم.
لكن هكذا هي الحياة، ستجد دائماً من يقف إلى صفك ويدعمك ويفرح لنجاحك، ومن يحاول تثبيط عزيمتك ويقف ضدك ويغار إلى حد الجنون من أصغر إنجاز تحققه. ولهذا عليك أن تحيط نفسك بأكبر عدد ممكن من الداعمين، وتبتعد كل البعد عن السلبيين والحاسدين وأعداء النجاح عموماً.
تأكد أنك إذا جريت خلف أحلامك بكل ثقة وإصرار وإرادة لا تلين، ولم تستمع لكلام فلان وعلان المحبط، ولم تسمح لأي إنسان بأن يقف عائقاً في وجه ما تصبو إليه، مهما زرع الطريق بالأشواك أو ملأ الأرض بالحفر لإيقاعك، فلسوف تصل إلى مبتغاك لا محالة وتحقق الفوز الكبير، وتنظر من أعلى القمة التي وصلت إليها بكفاحك وجهدك الذاتي إلى أعداء النجاح الذين يقبعون في القاع وهم يتطلعون نحوك دون أن يتمكنوا من الوصول إليك، كما نجم بعيد يمكن رؤيته لكن لا يمكن الوصول إليه.
انظر إلى «توماس إديسون» الذي قال عنه مدرسوه بأنه غبي وغير قابل لتعلم أي شيء، كيف أنار العالم أجمع بالمصباح الكهربائي، وإلى «والت ديزني» الذي طُرد في بداية حياته المهنية من إحدى الصحف بدعوى محدودية مخيلته وعجزه عن إبداع قصص جديدة، كيف صار منتجاً تلفزيونيّاً اشتهر بشخصياته الكرتونية التي تركت بصمة لا تمحى في التاريخ، إلى جانب غيرهما من الأشخاص العظماء الذين واجهوا الصعوبات ومحاربة الكثيرين لهم، غير أنهم واصلوا المسير حتى أدركوا الغاية الكبرى التي كرسوا حياتهم في سبيلها وضحوا من أجلها بالغالي والرخيص أمثال «نيلسون مانديلا» و«غاندي» الذي قال عبارته الشهيرة: «في البداية يتجاهلونك، ثم يضحكون عليك، ثم يحاربونك، وفي النهاية تفوز!».
تفوز عندما تؤمن بنفسك وبقضيتك وبالأحلام التي تطاردها، تفوز عندما لا تسمح للآخرين بالنيل من إرادتك وعزيمتك، وتصرّ على بلوغ الهدف بغض النظر عن الظروف الخارجية والحروب التي تخوضها في سبيله، تنتصر عندما تمضي في طريقك غير آبه بسخرية أحد، ولا بضحكات بعض المستهزئين، ولا حتى بمكائد أعداء النجاح، إلى أن تغلب جميع خصومك وتبلغ غايتك، لتنظر إلى كل من سخر منك أو تحداك أو حاربك.. من أعالي القمم مع بسمة نصر ترتسم على محياك كأنها إشراقة الشمس الذهبية.