صباح الخير هنا عرفة

(1)

صباح الخير هنا عرفة..

الرحمن وضيوفه!

دعاهم فإذا بهم من كل حدب ينسلون..

نادى عليهم فإذا بهم من كل فج عميق يأتون..

فباهى بهم ملائكته: عبادي أتوني شعثا غبرا..

أجل عبادك يا الله..

الفقراء إن لم تُغننا..

الضعفاء إن لم تُقوّنا..

الأذلاء إن لم تعزنا..

المتفرقون إن لم تجمعنا..

المهزومون إن لم تنصرنا..

المكسورون إن لم تجبرنا..

(2)

صباح الخير هنا عرفة..

يسأل الله ملائكته: ماذا يريد هؤلاء ؟

أنت أعلم بهم من أنفسهم يا الله..

سمعوا أن سوق العتق قد قام..

فجاؤوا يبيعون ذنوبهم ويشترون مغفرتك..

عرفوا أن من البيع لك والشراء منك تجارة رابحة..

فلا تفضّ السوق يا الله إلا وقد اشتريتَ الذنب وبعتَ المغفرة وأتممت العتق..

(3)

صباح الخير هنا عرفة

هنا سيد الناس يخطب في الناس:

«كلكم لآدم وآدم من تراب»

فلا تتكبروا..

هنا الرحمة يقف عند جبل الرحمة:

«إن دماءكم وأعراضكم وأموالكم عليكم حرام إلى يوم القيامة كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا»..

هنا سيد الرجال يوصي خيراً بالنساء !

ثم يسأل: ألا هل بلّغت..

أجل نشهد أنك قد بلّغت..

لم تترك خيراً إلا دللتنا عليه..

ولم تترك شراً إلا وحذرتنا منه..

لم تنهَ عن شيء إلا وكنتَ أول من ينتهي عنه..

ولم تأمر بشيء إلا وكنتَ أول من يفعله!

نشهد أنك قلت:

«لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعتُ يدها»

نشهد أن أول دم وضعته دم ابن عمك..

ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب الذي كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل..

ونشهد أن أول ربا وضعته ربا عمك العباس بن عبد المطلب..

أجل قد بلغت الرسالة وأديتَ الأمانة..

فجزاك الله عنا خير ما جزى رسولا عن رسالته ونبيا عن أمته..

(4)

هذه عرفة يا الله..

فاتنا الوقوف بها هذا العام..

ولكن لم يفتنا الوقوف ببابك..

جئناك بذنوبنا يا الله..

نسألك سؤال من نعلم أنه لا يرد سائلاً..

أن تعتق رقابنا من النار..

جئناك بعيون نظرت إلى حرام..

وبآذان سمعت لغيبة..

وبأسنان لاكت لحوم الناس..

وبألسن خاضت في أعراضها..

وبأيدٍ امتدت إلى ما لا يحل..

وبأرجل مشت في غير رضاك..

جئناك نقر أننا عصيناك..

ولكنك تعلم أننا لم نعصك استخفافا بمراقبتك ولا استهانا بعذابك..

ولكن غرّنا عفوك..

وطمعتنا بك رحمتك..

ولكنا يا الله ما زلنا نكره ما تكره..

وها نحن على بابك..

نقرعه قرع العبيد المحتاجين لسيدهم ونسألك أن تعتقنا من النار..