+ A
A -

إن وجودك على قيد الحياة لا يعني قدرتك على عيشها بطريقة مناسبة تلبي حاجاتك وأهدافك وأحلامك، فبعض الناس يقضي جل عمره وهو تائه لا يدري أي طريق يسلكه، وآخرون يتخبطون بين هذا الطريق وذاك دون أن يصلوا إلى غاية محددة، وفئة ثالثة فقط من يتعاملون مع الحياة كما لو أنها فسيفساء، فيقومون بتنظيم القطع الكثيرة المتناثرة هنا وهناك ليصنعوا في نهاية المطاف لوحة فنية جميلة، فكيف تنظم حياتك كما لو أنك ترتب قطع فسيفساء جميلة؟ في البداية لا بد أن تدرك أمراً في غاية الأهمية، ألا وهو أن من لا يعرف نفسه جيداً لا يمكن أن يصل إلى أي مكان. ولأن الحياة في تغير مستمر، فإما أن تتراجع إلى الوراء أو تتقدم إلى الأمام، إذ لا يوجد شيء اسمه ثبات في نفس الموضع. من هذا المنطلق، عليك في البداية أن تجيب عن هذه الأسئلة الثلاثة:- ماذا أحب، وماذا أكره؟- ما هي أهدافي في الحياة؟- ما هي رسالتي في الوجود؟إن جميع الناجحين دون استثناء لديهم معرفة مسبقة بإجابة كل هذه الأسئلة، ذلك أن من يمضي في طريق دون أن يعرف إلى أين هو متجه لن يصل إلى مكان محدد. فالأمر أشبه بقصة أليس في بلاد العجائب، والتي عندما سُئلت: إلى أين أنتِ ذاهبة؟ أجابت: لا أدري إلى أين أنا ذاهبة، فقيل لها: إذن لا يهم الطريق الذي تسلكينه.بعد أن تكتشف ذاتك ورغباتك الدفينة تأتي مرحلة التخطيط لحياتك.. لا تترك شيئاً للصدفة، ولا تقضِ أيامك في العبث والعشوائية، بل تعامل معها كجزء مهم من اللوحة النهائية التي ستقوم بتجميعها قطعة قطعة حتى تخرج بفسيفساء رائعة.إن التخطيط الجيد يأتي من الإعداد الجيد، فمتى عرفت من أنت وماذا تريد يمكنك أن تضع خطة تسير بناء عليها، فمن أهم صفات الناجحين قدرتهم على جمع المعلومات، ثم مهارتهم في وضع كل شيء في مكانه المناسب، وإعطاء وقت مناسب لكل هدف أو مهمة، فلا شيء في حياتهم يسير بمحض المصادفة.إن العشوائية التي يتبعها بعض الناس في حياتهم كونهم لا يحبون الترتيب والنظام هي ألد أعداء النجاح، فلا يمكن لإنسان أن ينجح ويستمر في النجاح إلا من خلال عادة التنظيم والانضباط الذاتي الذي يتطلب الالتزام اليومي بالعمل على أهدافه الحالية والمستقبلية.وحتى تخطط جيداً لا بد أن تكتسب الكثير من المعارف والخبرات، وتمتلك مخيلة خصبة إلى جانب قدر من الذكاء، فلا توجد خطة جيدة إلا وأساسها عقل ذكي. وحتى ترتقي بثقافتك ومستوى ذكائك هناك العديد من الأشياء التي ينبغي أن تجعلها جزءاً من حياتك اليومية، على رأسها مطالعة الكتب القيمة، لأن القراءة تفتح عقلك على عوالم جديدة لم تكن تعرفها سابقاً، وتزيدك خبرة وعلماً، مما يزيد من قدرتك على التخطيط الجيد وترتيب حياتك بطرق ذكية. علاوة على ذلك، يبدو أن العناية بالصحة الجسدية حسبما تشير الدراسات على اختلافها، وذلك من خلال اتباع نظام غذائي صحي؛ هي خير سبيل إلى عيش حياة مليئة بالإنجازات، لأن العقل يعمل بكفاءة أعلى عندما يكون الجسد بحالة صحية جيدة، والعكس صحيح. وفي الختام، عندما تتعامل مع حياتك كما لو أنها فسيفساء ينبغي أن ترتب قطعها مع بعضها البعض بطريقة جميلة حتى تخرج بلوحة متكاملة، عندها فقط ستولي اهتماماً فائقاً لكل يوم، بل ولكل لحظة من حياتك، فتقدرها حق قدرها؛ لأنك تعلم أن ذاك اليوم، وتلك اللحظة ستكون جزءاً من فسيفساء الحياة التي تحلم بعيشها.

copy short url   نسخ
29/06/2022
45