+ A
A -
الجوع الذي يسدُّه رغيفٌ وتدفعُه لقمة ليس جوعاً، الجوع الحقيقيّ هو جوع الرّوح الذي لا يسدّه خبز الأرض كلها! والظمأ الذي يرويه كوب ماءٍ ليس ظمأً، الظمأ الحقيقيّ هو ظمأ الرّوح الذي لا يرويه أنهار الأرض كلها! وضياع الأَقدام الذي يزيله سؤالٌ لعابرٍ يرشدك إلى الطريق ليس ضياعاً، الضّياع الحقيقيّ هو ضياع الرّوح الذي لا تزيله خرائط الأرض كلها! والمتأمل في حال البشريّة اليوم لا يحتاج إلى كثير ذكاء ليعرف أن روحها تتضوّرُ جوعاً، وتتشققُ عطشاً، وتضيعُ تِيهاً!
إنّ مرض البشريّة الأشدّ فتكاً ليس السّرطان وإن كان داءً عُضالاً، وليست الحُروب وإن كانت ضارية، وإنما مرضها الأشرس الذي ينخرها هو الخِواء الرّوحيّ الذي تحسبُ أنّها كلما اخترعتْ وتقدّمتْ وجعلت الحياة أكثر رفاهية ستتغلبُ عليه فإذا هو أفتكُ من ذي قبل! في العام الماضي انتحر ثمانمائة ألف شخص حول العالم بحسب قوائم منظمة الصحة العالمية، أي بمعدل إنسان كل أربعين ثانية! والغريب أن دُولاً كالسويد وأميركا واليابان في قائمة العشر الأوائل، وفرنسا وبريطانيا وكوريا الجنوبية في العشر التي بعدها، وهذه دول تتمتع بمستوى من الرّفاهية يصل حدّ الخرافة! في حين لا يوجد دولة عربية واحدة ضمن المائة دولة الأولى في معدلات الانتحار! فبرغم الفقر والاستبداد والبطالة والظلم الاجتماعيّ ما زال فينا بقية من روح وهذا هو الشيء الوحيد الذي نملكه ويفتقده العالم! نحن رغم كلّ شيء نعرف من أين جئنا، وإلى أين سنذهب، وأن هذه الحياة ليست إلا مرحلة عمرية من عمرنا الحقيقي، ولولا هذا لانقرضنا منذ سنوات!
يقولُ ابن القيّم: في القلب شَعثٌ لا يلمُّه إلا الإقبال على الله، وفي القلب وحشة لا يزيلها إلا الأنس بالله، وفي القلب حزن لا يذهبه إلا الرّضا بالله! ما زلنا نرى بائعاً متجوّلاً إذا حان وقت الصلاة وضع بضاعته جانباً، وانتصبَ على الرّصيف مُكبّراً بطمأنينة من يملك الأرض كلها! ما زلنا نرى الشيخ المتهالك على عكّازه في الطريق إلى صلاة الفجر يخبرك دون أن يتكلم أنه ليس ألذّ من السّير إلى الله! ما زلنا نرى الأم تفقد ابناً فترفعُ يديها وتقول: اللهم لك الحمد أنتَ أعطيتَ وأنتَ أخذتَ، ما زلنا نرى الشباب والصبايا في الجامعات ينتهزون الوقت بين المحاضرتين ليهرعوا إلى المصليات أو القاعات الفارغة ليقولوا: الله أكبر!
نحن رغم الفقر الأكثر ثراءً، ورغم الحروب الأكثر أمناً، ورغم البطالة الأكثر شغلاً! مدينون لهذا الإسلام العظيم الذي سدّ جوع أرواحنا حين جاعتْ أرواح، وعلّمنا أن نصنع من أيسر المقومات حياة!
بقلم : أدهم شرقاوي
إنّ مرض البشريّة الأشدّ فتكاً ليس السّرطان وإن كان داءً عُضالاً، وليست الحُروب وإن كانت ضارية، وإنما مرضها الأشرس الذي ينخرها هو الخِواء الرّوحيّ الذي تحسبُ أنّها كلما اخترعتْ وتقدّمتْ وجعلت الحياة أكثر رفاهية ستتغلبُ عليه فإذا هو أفتكُ من ذي قبل! في العام الماضي انتحر ثمانمائة ألف شخص حول العالم بحسب قوائم منظمة الصحة العالمية، أي بمعدل إنسان كل أربعين ثانية! والغريب أن دُولاً كالسويد وأميركا واليابان في قائمة العشر الأوائل، وفرنسا وبريطانيا وكوريا الجنوبية في العشر التي بعدها، وهذه دول تتمتع بمستوى من الرّفاهية يصل حدّ الخرافة! في حين لا يوجد دولة عربية واحدة ضمن المائة دولة الأولى في معدلات الانتحار! فبرغم الفقر والاستبداد والبطالة والظلم الاجتماعيّ ما زال فينا بقية من روح وهذا هو الشيء الوحيد الذي نملكه ويفتقده العالم! نحن رغم كلّ شيء نعرف من أين جئنا، وإلى أين سنذهب، وأن هذه الحياة ليست إلا مرحلة عمرية من عمرنا الحقيقي، ولولا هذا لانقرضنا منذ سنوات!
يقولُ ابن القيّم: في القلب شَعثٌ لا يلمُّه إلا الإقبال على الله، وفي القلب وحشة لا يزيلها إلا الأنس بالله، وفي القلب حزن لا يذهبه إلا الرّضا بالله! ما زلنا نرى بائعاً متجوّلاً إذا حان وقت الصلاة وضع بضاعته جانباً، وانتصبَ على الرّصيف مُكبّراً بطمأنينة من يملك الأرض كلها! ما زلنا نرى الشيخ المتهالك على عكّازه في الطريق إلى صلاة الفجر يخبرك دون أن يتكلم أنه ليس ألذّ من السّير إلى الله! ما زلنا نرى الأم تفقد ابناً فترفعُ يديها وتقول: اللهم لك الحمد أنتَ أعطيتَ وأنتَ أخذتَ، ما زلنا نرى الشباب والصبايا في الجامعات ينتهزون الوقت بين المحاضرتين ليهرعوا إلى المصليات أو القاعات الفارغة ليقولوا: الله أكبر!
نحن رغم الفقر الأكثر ثراءً، ورغم الحروب الأكثر أمناً، ورغم البطالة الأكثر شغلاً! مدينون لهذا الإسلام العظيم الذي سدّ جوع أرواحنا حين جاعتْ أرواح، وعلّمنا أن نصنع من أيسر المقومات حياة!
بقلم : أدهم شرقاوي