+ A
A -
تحقيق- الراشدي الفرجاني
هناك نزعة قوية لدى العديد من الناس في العودة إلى الطبيعة، والبعد عن الكيماويات، والملوثات، ومن ثم البحث عن كل ما هو صحي ومفيد مثل التغذية الصحية، وطرق العلاج بالطب البديل، واللجوء إلى وصفات الأعشاب، وتجنب الأدوية الكيماوية وآثارها الجانبية المدمرة من أجل صحة أفضل وحياة أطول.
وفي سوق واقف الذي يعكس الحياة التراثية والثقافية لقطر، تستقطب محلات التداوي الشعبي فئات متعددة من القطريين والخليجيين الذين يأتون إلى المحلات الأكثر شهرة، لطلب العلاج الشعبي.
محلات التداوي بالأعشاب تقع في أزقة سوق واقف العتيق بالدوحة، تنبعث منها روائح الأعشاب والمستخلصات الطبيعية والجبليّة، والعقاقير المتنوّعة، إنه سوق «واقف» الذي يعتبر أشهر مكان تباع فيه «الأعشاب الطبّية» ويرتاده الناس بمختلف جنسياتهم وأعمارهم وأصولهم.
ولا يقصد أحد محلات السوق إلا ووجد ضالته، بحسب روايات الباعة هناك، فإمّا أن يبتاع عشبة يتداوى بها، أو يستعين بإحدى الخلطات التّي توصف له حتّى يتبعها، عله يجد فيها علاجاً لمرضه، فيما يخفي السوق أسراراً وخبايا عديدة، ولكل بائع وفي كل محل قصّة وحكاية.
ففي أحد المحلات التّي اكتظت فيها أنواع مختلفة من الأعشاب، منها ما هو معلّق على الجدران، ومنها حشائش أخرى رصّت في مدخل المحل، وتوزعت فيها عقاقير ومستخلصات نباتات جبلية وطبيعية.
إقبال من المرضى
أثناء زيارتنا إلى سوق واقف وبالتحديد محل بن عباس الخزاعي ومحلات مختار العطار، من أقدم محلات بيع الأعشاب حدثنا البائع عن تجاربه وخبراته في السوق التي عمل فيها طيلة سنوات عمره، إن ذاكرته تختزن وصفات عشبية عديدة، وتستحضر أدوية لروّاده، كل حسب مرضه، ويتابع أنّ هناك طلبات كبيرة على ما يقدّمه السوق من أعشاب، وأنّ أغلب المقبلين على ما يصطلح عليه بالطّب البديل، هم من أصحاب الأمراض المزمنة، كون الأدوية التّي يشترونها من الصّيدليات مركبة من كميّات كبيرة من المَواد الكيميائية.
وبحسب البائع فإن السوق تحتوي أدوية تساعد على معالجة الأمراض النفسيّة والباطنية والجلدية وحتّى الأمراض المزمنة والمستعصية، ويوجد في قطر على حدّ قوله المئات من أنواع النباتات الطبيعية، ذكر منها «تركة صالح، جيثوم، الحبة السـوداء، الخـيل، الزعتر، الزنجبيل،الـلبان،الـمر، الحـلول،السدر، العنزروت».
تقول المعالجة الشعبية أم حمد، أشهر معالجة بالطب الشعبي في قطر، حيث تمارسه منذ أكثر من 35 عاما، بعد أن ورثت تلك المهنة عن والدتها التي ظلت تمارس العلاج بالأعشاب حتى بلغت سن الـ 116 من عمرها لتنضم لقائمة المعمرين: انها نجحت في علاج العديد من الأمراض المستعصية والتي عجز الطب الحديث عن علاجها حتى الآن فهي تعالج الأمراض السرطانية والفشل الكلوي والعقم عند الرجال والنساء والصلع والرأس المشقوق، وأدواتها غاية في البساطة فهي عبارة عن زيت زيتون وحبة البركة وعسل والأعشاب الطبيعية التي تكون في النهاية خلطة سرية لا تبوح بها لأي إنسان مهما كان.
حينما ذهبنا للحوار معها وجدنا طفلا صغيرا يبلغ من العمر 8 سنوات كان يعاني من مرض في حلقه وفمه ذهب إلى الطبيب اكثر من مرة ولكن لم يجد حلا فقرر والداه الذهاب إلى أم حمد للعلاج وبدأ بالتحسن تقريبا تقول أخته الكبيرة ان حالته قد تحسنت في الفترة الأخيرة عندما زار أم حمد.
يقبل عدد كبير من المرضى على أم حمد من مختلف الجنسيات والأعمار وقد ساعدت على علاج كثير من المرضى حسب قولها.
فهد الشمري، واحد من الذين يبحثون عن الشفاء في محل أم حمد للطب الشعبي في سوق واقف، ويعاني من صداع قال إن الطب الحديث فشل في تشخيصه أو مداواته، فنصحه الأصدقاء بالذهاب إلى سوق واقف لطلب العلاج، إذ أن كل التجارب تقول إن أم حمد قادرة على علاج مثل حالته. يقول الشمري: أصابني اليأس وأنا أبحث عن علاج يُزيح عن رأسي هذا الصداع، إلى أن أتيت إلى أم حمد فبدأت حالتي بالتحسن. ويضيف: قصدت العلاج الحديث في المستشفيات بحكم العادة، إلا أن الخليجيين بصفة عامة لا يزالون يعتمدون على الطب الشعبي، لدرجة أن بعض المعالجين الشعبيين مثل أم حمد وغيرها تجاوزت سمعتهم الطبية في علاج الكثير من الأمراض حدود بلدانهم، وهو ما تؤكده أم حمد في حديثها للوطن.
الطب الشعبي
إذا كان الطب البديل والعلاج بأدوات الطبيعة فعالا ومؤثرا فلماذا لا تتحقق له الريادة على طب العقاقير والأدوية؟ أجابنا على الموضوع الدكتور أحمد عادل حسن استشاري الأمراض الباطنية والسكر والكلى ان فوائد الطب الشعبي تكمن في حل الأمراض العادية الخفيفة كالصداع والحمى وغيرها لا يمكن التعويل على الطب الشعبي بنسبة كبيرة في حل مشاكل المرضى خاصة المصابين بالأمراض المزمنة كالسكري والضغط وأمراض الكلى والسرطان لأنه من الصعب تشخيصها من قبل المعالجين الشعبيين بل لا بد من الطب الحديث والبحث العلمي.
ما بين المراقبة والمتابعة الصحية، والرواج الكبير الذي تجده الأدوية الشعبية في سوق واقف، يبقى الطب الشعبي في قطر يستمد قوته من تاريخ طبي طويل، ساعد في التمسك به على مر الأعوام. فبرزت المؤسسات التراثية والمؤسسات الصحية في تقنينه والاهتمام به، ليس كبديل فحسب، وإنما كمجال استطاع أن يحظى بثقة الناس في شفائهم. وربما في هذا الوقت هنالك طفل صغير أو شاب في مقتبل العمل، يتحسس أولى خطواته في طريق اكتساب معارف الطب الشعبي.
هناك نزعة قوية لدى العديد من الناس في العودة إلى الطبيعة، والبعد عن الكيماويات، والملوثات، ومن ثم البحث عن كل ما هو صحي ومفيد مثل التغذية الصحية، وطرق العلاج بالطب البديل، واللجوء إلى وصفات الأعشاب، وتجنب الأدوية الكيماوية وآثارها الجانبية المدمرة من أجل صحة أفضل وحياة أطول.
وفي سوق واقف الذي يعكس الحياة التراثية والثقافية لقطر، تستقطب محلات التداوي الشعبي فئات متعددة من القطريين والخليجيين الذين يأتون إلى المحلات الأكثر شهرة، لطلب العلاج الشعبي.
محلات التداوي بالأعشاب تقع في أزقة سوق واقف العتيق بالدوحة، تنبعث منها روائح الأعشاب والمستخلصات الطبيعية والجبليّة، والعقاقير المتنوّعة، إنه سوق «واقف» الذي يعتبر أشهر مكان تباع فيه «الأعشاب الطبّية» ويرتاده الناس بمختلف جنسياتهم وأعمارهم وأصولهم.
ولا يقصد أحد محلات السوق إلا ووجد ضالته، بحسب روايات الباعة هناك، فإمّا أن يبتاع عشبة يتداوى بها، أو يستعين بإحدى الخلطات التّي توصف له حتّى يتبعها، عله يجد فيها علاجاً لمرضه، فيما يخفي السوق أسراراً وخبايا عديدة، ولكل بائع وفي كل محل قصّة وحكاية.
ففي أحد المحلات التّي اكتظت فيها أنواع مختلفة من الأعشاب، منها ما هو معلّق على الجدران، ومنها حشائش أخرى رصّت في مدخل المحل، وتوزعت فيها عقاقير ومستخلصات نباتات جبلية وطبيعية.
إقبال من المرضى
أثناء زيارتنا إلى سوق واقف وبالتحديد محل بن عباس الخزاعي ومحلات مختار العطار، من أقدم محلات بيع الأعشاب حدثنا البائع عن تجاربه وخبراته في السوق التي عمل فيها طيلة سنوات عمره، إن ذاكرته تختزن وصفات عشبية عديدة، وتستحضر أدوية لروّاده، كل حسب مرضه، ويتابع أنّ هناك طلبات كبيرة على ما يقدّمه السوق من أعشاب، وأنّ أغلب المقبلين على ما يصطلح عليه بالطّب البديل، هم من أصحاب الأمراض المزمنة، كون الأدوية التّي يشترونها من الصّيدليات مركبة من كميّات كبيرة من المَواد الكيميائية.
وبحسب البائع فإن السوق تحتوي أدوية تساعد على معالجة الأمراض النفسيّة والباطنية والجلدية وحتّى الأمراض المزمنة والمستعصية، ويوجد في قطر على حدّ قوله المئات من أنواع النباتات الطبيعية، ذكر منها «تركة صالح، جيثوم، الحبة السـوداء، الخـيل، الزعتر، الزنجبيل،الـلبان،الـمر، الحـلول،السدر، العنزروت».
تقول المعالجة الشعبية أم حمد، أشهر معالجة بالطب الشعبي في قطر، حيث تمارسه منذ أكثر من 35 عاما، بعد أن ورثت تلك المهنة عن والدتها التي ظلت تمارس العلاج بالأعشاب حتى بلغت سن الـ 116 من عمرها لتنضم لقائمة المعمرين: انها نجحت في علاج العديد من الأمراض المستعصية والتي عجز الطب الحديث عن علاجها حتى الآن فهي تعالج الأمراض السرطانية والفشل الكلوي والعقم عند الرجال والنساء والصلع والرأس المشقوق، وأدواتها غاية في البساطة فهي عبارة عن زيت زيتون وحبة البركة وعسل والأعشاب الطبيعية التي تكون في النهاية خلطة سرية لا تبوح بها لأي إنسان مهما كان.
حينما ذهبنا للحوار معها وجدنا طفلا صغيرا يبلغ من العمر 8 سنوات كان يعاني من مرض في حلقه وفمه ذهب إلى الطبيب اكثر من مرة ولكن لم يجد حلا فقرر والداه الذهاب إلى أم حمد للعلاج وبدأ بالتحسن تقريبا تقول أخته الكبيرة ان حالته قد تحسنت في الفترة الأخيرة عندما زار أم حمد.
يقبل عدد كبير من المرضى على أم حمد من مختلف الجنسيات والأعمار وقد ساعدت على علاج كثير من المرضى حسب قولها.
فهد الشمري، واحد من الذين يبحثون عن الشفاء في محل أم حمد للطب الشعبي في سوق واقف، ويعاني من صداع قال إن الطب الحديث فشل في تشخيصه أو مداواته، فنصحه الأصدقاء بالذهاب إلى سوق واقف لطلب العلاج، إذ أن كل التجارب تقول إن أم حمد قادرة على علاج مثل حالته. يقول الشمري: أصابني اليأس وأنا أبحث عن علاج يُزيح عن رأسي هذا الصداع، إلى أن أتيت إلى أم حمد فبدأت حالتي بالتحسن. ويضيف: قصدت العلاج الحديث في المستشفيات بحكم العادة، إلا أن الخليجيين بصفة عامة لا يزالون يعتمدون على الطب الشعبي، لدرجة أن بعض المعالجين الشعبيين مثل أم حمد وغيرها تجاوزت سمعتهم الطبية في علاج الكثير من الأمراض حدود بلدانهم، وهو ما تؤكده أم حمد في حديثها للوطن.
الطب الشعبي
إذا كان الطب البديل والعلاج بأدوات الطبيعة فعالا ومؤثرا فلماذا لا تتحقق له الريادة على طب العقاقير والأدوية؟ أجابنا على الموضوع الدكتور أحمد عادل حسن استشاري الأمراض الباطنية والسكر والكلى ان فوائد الطب الشعبي تكمن في حل الأمراض العادية الخفيفة كالصداع والحمى وغيرها لا يمكن التعويل على الطب الشعبي بنسبة كبيرة في حل مشاكل المرضى خاصة المصابين بالأمراض المزمنة كالسكري والضغط وأمراض الكلى والسرطان لأنه من الصعب تشخيصها من قبل المعالجين الشعبيين بل لا بد من الطب الحديث والبحث العلمي.
ما بين المراقبة والمتابعة الصحية، والرواج الكبير الذي تجده الأدوية الشعبية في سوق واقف، يبقى الطب الشعبي في قطر يستمد قوته من تاريخ طبي طويل، ساعد في التمسك به على مر الأعوام. فبرزت المؤسسات التراثية والمؤسسات الصحية في تقنينه والاهتمام به، ليس كبديل فحسب، وإنما كمجال استطاع أن يحظى بثقة الناس في شفائهم. وربما في هذا الوقت هنالك طفل صغير أو شاب في مقتبل العمل، يتحسس أولى خطواته في طريق اكتساب معارف الطب الشعبي.