عندما تمتلك هدفاً نبيلاً، فإنك في الواقع تمتلك مفتاح الصمود والاستمرار في هذا العالم؛ مفتاح يمكنك من مواجهة المعاناة والتحديات وخطوب الحياة جميعها.
كلنا نعلم جيداً أن الحياة ليست بهذه السهولة، بل هي غاية في الصعوبة، وأصعب حتى مما نعتقد ونتصور. في الطفولة يبدو العالم مكاناً وردياً فيه كل ما نتمنى ونشتهي، لكن كلما تقدم بنا العمر اكتشفنا زيف الصورة التي تشكلت في أذهاننا، وبدأنا في إدراك كنه هذا الوجود، وكيف أنه لا شيء بالمجان.
في هذه الدنيا ستخضع للاختبار من خلال عشرات المواقف والتجارب السارة والأليمة. هذا منحى يمر به الجميع دون استثناء. وإذا لم يكن لديك معنى خاص بحياتك يساعدك على مواصلة التقدم، فإنك ستسقط ولن تتمكن من النهوض مجدداً، وستصبح واحداً من أولئك الذين يقضون جُل أيامهم في التذمر والشكوى، بينما يعيشون حياة أبعد ما تكون عما حلموا به يوماً.
يقول الفيلسوف الألماني نيتشه «الشخص الذي يملك سبباً للعيش من أجله، بوسعه أن يتحمل أي شيء». لهذا السبب، يطلعنا التاريخ على سير أشخاص خاضوا غمار الحروب، وولجوا إلى أحلك الأماكن بروح باسلة لا تعرف الخوف.
أما المثير للاهتمام فعلاً، فهو أنه في أكثر الأماكن ظلمة في هذه الحياة، بوسعك أن تجد أشياء شديدة اللمعان. وبهذه الطريقة في التفكير، يقوم الناجحون عادة بالنظر إلى الأشياء التي لا يريدون النظر إليها، لأنهم يعلمون أن هناك نوراً يستتر خلف الستار، وأن النجاح يختبئ خلف الحجب التي لا يستطيع إزالتها سوى من أدرك مغزى وجوده، وقبل تحديات الأيام.
أما السؤال الذي يطرح نفسه فهو: لماذا علينا أن نفعل أشياء ذات مغزى؟ الإجابة هي لأن الحياة في جوهرها عبارة عن رحلة من المعاناة والتحدي؛ إنها شيء سيدفعك لإخراج كل ما فيك.
لهذا فكل واحد فينا بحاجة إلى هدف في حياته، إلى معنى لوجوده، إلى أن يكون مسلحاً بالمعرفة والفضيلة حتى لا تنقلب حياته إلى جحيم، بل وحياة الكثيرين غيره. فما يؤثر فيك ينعكس على الغير بصورة أو بأخرى.
قد يبدو الأمر اختياراً، لكنه ليس كذلك، إذ لا يجب أن تعيش بلا معنى. وليس اختياراً أيضاً، لأن المعنى جزء من الطبيعة البشرية؛ إنه أمر فطري غريزي في داخل كل واحد فينا، إنه غريزة البقاء والوجود، ومن دونه لن نشعر بالسعادة.
ربما لا تؤمن بضرورة وجود معنى لحياتك، لأنك ترى الحياة عدمية لا جدوى من الكفاح وفعل الخير فيها، ولأنك تأثرت بأفكار الآخرين حول الوجود. لكن جرب أن تعيش حياة بلا معنى، وانظر حجم المعاناة والبؤس اللذين ستشعر بهما على طول الطريق.
يستيقظ الناس من نومهم كل صباح بشق الأنفس، لأن أغلبهم لا يملكون مغزى لحياتهم. لهذا فأنت بأمس الحاجة لسبب مقنع يدفعك للنهوض من فراشك كل يوم، بما في ذلك الأيام السيئة السوداء. وهنا عليك أن تكتشف بنفسك ما هو السبب المناسب لك، ما هو المعنى الخاص بحياتك.
إن الأشخاص الذين تراهم في قمة النشاط حتى في أشد الأيام حلكة، هم أناس لديهم معنى لوجودهم، إلى جانب كونهم يتحملون مسؤولية حياتهم، لذلك تشعر بأن لديهم فيضاً من الطاقة يفوق أقرانهم.
فابدأ في فعل الأشياء الصعبة، ابدأ في عدم تجنب القيام بما عليك فعله، وتقبل التعب والمعاناة كجزء من رحلة النجاح بمحض إرادتك. جد شغفك والهدف من وجودك، ثم انطلق متحدياً كل الصعوبات، لأن ذلك هو بديل الجحيم ولا شيء آخر. إن لم يكن لحياتك معنى فلن تنهض، ولن تحارب، ولن تكافح. فاكتشف مغزى وجودك، واشرع في عيش حياة ذات معنى.