+ A
A -
يقولُ الرّائع علي عزت بيغوفيتش في كتابه «هروبي إلى الحريّة»:
في الوقت الذي اهتزتْ فيه مدينة نابولي الإيطاليّة من الضّحك لعروض الممثل الكوميدي «كارلينا»، جاء رجلٌ إلى طبيبٍ مشهور في المدينة، وشكا إليه اكتئاباً شديداً... اعتقدَ الطبيبُ في البداية أنّ المرض عضويّ، فباشرَ بإجراء الفحوصات المخبرية والتحاليل، فتبيّن له أنّ المريض في أحسن حال.. واقتنع فعلاً أن المشكلة نفسيّة!
فقال للمريض: أنتَ معافى جسدياً، جرّب أن تبحث عن المرح والتّسلية، لماذا لا تذهب إلى عروض «كارلينا»؟!
نظر المريض في عيني الطبيب وقال له: أنا «كارلينا» سيّدي الطبيب!
فسلاماً على الذين يُثبتون كلّ يوم خطأ المقولة الشهيرة: فاقد الشيء لا يعطيه!
سلاماً على الذين يُعطون ما لا يجدون!
سلاماً على الآباء الذين حُرموا التعليم بسبب الفقر، فأبوا رغم الفقر أن يحرموا أولادهم، فذاقوا الويلات يبحثون لهم عن قلم وكتاب ومقعد دراسيّ في جامعاتٍ لا ترحم!
سلاماً على الأمهات اللائي حُرمن الحنان والاهتمام فلم يُفسد هذا الحرمان فطرتهن، وما زلنَ يُغدقن الحنان والاهتمام!
سلاماً على الموظفين البسطاء الذين لا يعرف أحد كيف تكفيهم مرتباتهم ورغم هذا تجد أحدهم يضع في يد فقير صدقة!
سلاماً على الذين غرقوا في المعاصي ولم يجدوا من يأخذ بأيديهم إلى الله، ورغم هذا ما زالوا يُحبّون الله وأهله!
سلاماً على الذين لم تُنسِهم الموسيقى القرآنَ، ولم تُكرّههم الملاهي بالمساجد، ولم يقدهم ركضهم وراء الأزياء إلى احتقار الحجاب!
سلاماً على الذي تقلّد منصباً مرموقاً فظلّ إنساناً ولم يقل لنا «أنا ربكم الأعلى»!
سلاماً على الذين يرفضون الظلم وإن وقع على غيرهم، ويُعارضون القهر والاستبداد وإن سلموا له!
سلاماً على الذين لم تشغلهم وظائفهم عن الإحساس بالعاطلين عن العمل، ولم تُنسهم مناصبهم أن الآخرين بشرٌ أيضاً!
سلاماً على التي أخبروها أنّ عليها أن تتلحلح قليلاً لتظفر بعريس فلم تلتفت إليهم وبقيت تُؤمن أن العريس أيضاً رزق، وأن ما كُتب في السماء فسيكون في الأرض وإن لم تتلحلح!
سلاماً على الذي تنازل عن رغبة حرام وهو قادر عليها، وحاور نفسه بالآية: «ألم يعلم بأن الله يرى»، فرفض أن يكون الله أهون الناظرين إليه!
سلاماً على هؤلاء البشر الحقيقيين الذين يخبروننا أنّ ثمة ضوءا خافتا في عتمة الحياة، ويجعلوننا نحلم أن هذا الضوء سيصبح يوماً ساطعاً، وتصبح الأرض مكاناً صالحاً للحياة!
بقلم : أدهم شرقاوي
في الوقت الذي اهتزتْ فيه مدينة نابولي الإيطاليّة من الضّحك لعروض الممثل الكوميدي «كارلينا»، جاء رجلٌ إلى طبيبٍ مشهور في المدينة، وشكا إليه اكتئاباً شديداً... اعتقدَ الطبيبُ في البداية أنّ المرض عضويّ، فباشرَ بإجراء الفحوصات المخبرية والتحاليل، فتبيّن له أنّ المريض في أحسن حال.. واقتنع فعلاً أن المشكلة نفسيّة!
فقال للمريض: أنتَ معافى جسدياً، جرّب أن تبحث عن المرح والتّسلية، لماذا لا تذهب إلى عروض «كارلينا»؟!
نظر المريض في عيني الطبيب وقال له: أنا «كارلينا» سيّدي الطبيب!
فسلاماً على الذين يُثبتون كلّ يوم خطأ المقولة الشهيرة: فاقد الشيء لا يعطيه!
سلاماً على الذين يُعطون ما لا يجدون!
سلاماً على الآباء الذين حُرموا التعليم بسبب الفقر، فأبوا رغم الفقر أن يحرموا أولادهم، فذاقوا الويلات يبحثون لهم عن قلم وكتاب ومقعد دراسيّ في جامعاتٍ لا ترحم!
سلاماً على الأمهات اللائي حُرمن الحنان والاهتمام فلم يُفسد هذا الحرمان فطرتهن، وما زلنَ يُغدقن الحنان والاهتمام!
سلاماً على الموظفين البسطاء الذين لا يعرف أحد كيف تكفيهم مرتباتهم ورغم هذا تجد أحدهم يضع في يد فقير صدقة!
سلاماً على الذين غرقوا في المعاصي ولم يجدوا من يأخذ بأيديهم إلى الله، ورغم هذا ما زالوا يُحبّون الله وأهله!
سلاماً على الذين لم تُنسِهم الموسيقى القرآنَ، ولم تُكرّههم الملاهي بالمساجد، ولم يقدهم ركضهم وراء الأزياء إلى احتقار الحجاب!
سلاماً على الذي تقلّد منصباً مرموقاً فظلّ إنساناً ولم يقل لنا «أنا ربكم الأعلى»!
سلاماً على الذين يرفضون الظلم وإن وقع على غيرهم، ويُعارضون القهر والاستبداد وإن سلموا له!
سلاماً على الذين لم تشغلهم وظائفهم عن الإحساس بالعاطلين عن العمل، ولم تُنسهم مناصبهم أن الآخرين بشرٌ أيضاً!
سلاماً على التي أخبروها أنّ عليها أن تتلحلح قليلاً لتظفر بعريس فلم تلتفت إليهم وبقيت تُؤمن أن العريس أيضاً رزق، وأن ما كُتب في السماء فسيكون في الأرض وإن لم تتلحلح!
سلاماً على الذي تنازل عن رغبة حرام وهو قادر عليها، وحاور نفسه بالآية: «ألم يعلم بأن الله يرى»، فرفض أن يكون الله أهون الناظرين إليه!
سلاماً على هؤلاء البشر الحقيقيين الذين يخبروننا أنّ ثمة ضوءا خافتا في عتمة الحياة، ويجعلوننا نحلم أن هذا الضوء سيصبح يوماً ساطعاً، وتصبح الأرض مكاناً صالحاً للحياة!
بقلم : أدهم شرقاوي