في كتابه «مجموعة قصص شعبية» يروي «ناثان أوسوبيل» القصة التالية:أصابت محنة عظيمة مدينة نوتردام، فقد قتل إسكافي المدينة واحدا من زبائنه وجيء به للمثول أمام المحكمة، وحكم عليه القاضي بالإعدام شنقا!وعندما تلي الحكم، نهض أحد رجال المدينة وصرخ: اسمعني من فضلك يا سيادة القاضي، لقد حكمت بالإعدام على إسكافي المدينة الوحيد، فإن شنقته فمن سيصلح أحذيتنا بعد ذلك؟فصرخ جميع أهالي نوتردام الحاضرين: نعم من يصلح أحذيتنا، نحن نحتاج الإسكافي ولن نسمح للعدالة بقتله!عندها هز القاضي رأسه وقال لهم: يا أهل نوتردام الطيبين، ما تقولونه صحيح جدا، فبما أن لدينا إسكافيا واحدا، فإن تركه يموت خطأ فادح في حق الجميع.ولكن عندي رأي آخر، بما أنه لدينا أكثر من شخص يقومون بإصلاح أسطح البيوت، فما رأيكم أن نشنق أحدهم؟فأثنى الجميع على رأي القاضي، وأخذت «العدالة» مجراها!هذه قصة خرافية لا شك، ولكن بين طياتها معنى لاذع وهو أنه يحدث كثيرا أن تصبح العدالة مجرد مسخرة!أما في عالم الحقيقة فإن كثيرا من الدول تتبنى قوانين تكاد تكون أقرب إلى النكات منها إلى القوانين، ولست أدري بم كان يفكر الشخص الذي سنها، أو الأشخاص الذين دونوها في كتب القانون:- في أيرلندا مثلا يمنع شرب الكحول أمام الأبقار! ولا أعرف حكمة من وراء هذا القانون غير الخوف على الأبقار من الانحراف!- في مدينة كليفلاند الأميركية يمنع صيد الفئران دون رخصة صيد رسمية! فإذا وجدت فأرا في بيتك تخبره أن هذه ليست مدينة سائبة، وأن فيها قانونا، وأنك ستتقدم بطلب إلى الجهات المختصة ليسمحوا لك باصطياده، وإلى ذلك الحين فله حق السكن والمأوى!- في النمسا يمنع تناول المثلجات أمام البنوك! لا أدري لماذا يسمح بهذا أمام المستشفى، ومركز الشرطة، ويمنع أمام البنك، ربما يخشون أن يسيل لعابه!- في سويسرا يمنع سحب «سيفون المرحاض» بعد العاشرة مساء! أفهم أن المقصود حماية الجيران من الإزعاج، ولكن ماذا يفعل من اضطر لاستخدام المرحاض في هذا الوقت!أحيانا أحمد الله تعالى أن كوكب الأرض هو الكوكب الوحيد المأهول بالسكان في هذا الكون، وإلا كنا سنصبح مسخرة لسكان الكواكب الأخرى!
