دخلت حرب السودان شهرها الرابع، وسط سباق مع الزمن بين الحلين: السلمي والعسكري، وآخر الوساطات تمثلت بمخرجات قمة «دول جوار السودان» التي استضافتها العاصمة المصرية القاهرة، والتي حظيت بترحيب مجلس السيادة الانتقالي وقوات الدعم السريع، ووزارة الخارجية وقوى «الحرية والتغيير»، لكن شيئا لم يتغير ميدانيا، حيث المعارك على أشدها، والمعاناة الإنسانية في ذروتها.
لقد اتفق قادة دول جوار السودان، على «إنشاء آلية وزارية لوقف القتال» بين الأطراف السودانية المتحاربة والتوصل إلى «حل شامل» للأزمة، التي حذروا من تداعياتها الكبيرة على أمن واستقرار المنطقة، وقبل ذلك على ملايين المدنيين السودانيين الذين يواجهون كارثة غير مسبوقة، وترحيب الطرفين المتقاتلين بهذه المبادرة الجديدة لا يعني أن الأمور باتت على ما يرام، إذ أعلنا مرارا رغبتهما في الحل السلمي، وانخرطا في مفاوضات بمدينة جدة برعاية سعودية - أميركية، إلا أن الوقائع تسير عكس ذلك، حيث لم يتوقف القتال طوال الأشهر الثلاثة الماضية.
هذا الوضع الكارثي الذي يعيشه شعب السودان يحتم على أطراف الحرب الاضطلاع بمسؤوليتهم الأخلاقية والأمنية، ووقف الحرب بشكل فوري، والاحتكام إلى حوار جاد ومسؤول من شأنه وحده وقف هذه المأساة،واستعادة مسار الانتقال المدني الديمقراطي، على اعتبار أن قطاعا واسعا من الشعب رافض للحرب التي وصفها قادة الجانبين المتصارعين بأنها «عبثية»، منطلقين في رفضهم من آثارها التي ستترتب على البلاد وعليهم، وهو ما حدث بالفعل خلال ثلاثة أشهر من المعارك التي خلفت دمارا واسعا في العاصمة ومدن أخرى، إلى جانب القتلى والجرحى والنازحين.