+ A
A -

لفتت حادثة منع عدد من أعضاء المجلس الأعلى للدولة من السفر خارج البلاد الأنظار إلى النزاع بين المجلس الأعلى للدولة وحكومة الوحدة الوطنية، أو لنقل بين رئاستيهما.

اتجاه الأزمة بالفعل يأخذ منحى تصاعديا، فالمشري عازم بقوة على تنحية الدبيبة، ومن غير المستبعد أن يقابل الدبيبة المشري بسياسة مماثلة، ويصبح منصب المشري نفسه في مهب الريح في انتخابات رئاسة المجلس الأعلى للدولة التي من المفترض أنها ستجري بعد أسابيع قليلة.

انتشرت عبر شبكات التواصل الاجتماعي قائمة ضمت عددا من أعضاء المجلس الأعلى للدولة الموفدين لمهمة رسمية لجمهورية تركيا، وعلق مراقبون على الإجراء بأنه من وسائل التعبئة والحشد لانتخابات رئاسة المجلس القادمة، ذلك أن مهمة التمثيل النيابي في الخارج تعود لمجلس النواب وليس للمجلس الأعلى للدولة، وتوقيت الإيفاد يجعل وضع رئيس المجلس حرجا.

الدبيبة وأنصاره يعتبرون موقف المشري منهم وسعيه لإسقاط الدبيبة سياسي وتحركه المصالح الخاصة ويجري وفق منطق الصفقات، وهو ما يدفعهم لانتهاج الأسلوب نفسه، وبالتالي لا يستبعد أن يلجأ الدبيبة إلى خيارات تقلل من حظوظ المشري في الفوز بدورة أخرى للمجلس الأعلى للدولة وتعزز من فرص خصومه في الوصول إلى مقعد رئاسة المجلس.

الأعلى للدولة يشهد اليوم انقساما حادا جدا، ولقد ظل متجانسا في موقفه وسياسته حتى الدخول في الجولة الأخيرة من المفاوضات بين الأعلى للدولة ومجلس النواب والتي أنتجت التعديل الدستوري الثالث عشر ولجنة 6+6 وقوانينها، إلا أنه انقسم على نفسه، وهذا ما يجعل الاقتراع القادم حول رئاسته محتدما وشديد الاستقطاب، ويفسح المجال أمام من يريد المناورة والتأثير على اتجاهات أعضائه حيال المترشحين للرئاسة.

الخطأ والخطر يكمن في تطور النزاع ضمن الجبهة الغربية التي شهدت تحولات كبيرة العامين الماضيين، من جهة أخرى، فإن الزج بالأجهزة الرسمية في الصراع السياسي يقضي على الأمل في أن تتحول تلك الأجهزة إلى داعم للدولة المدنية والتحول الديمقراطي الذي رفعت الجبهة الغربية شعاره وأظهرت بعض المؤشرات على احترامه، فرئاسة المجلس الأعلى لللدولة شهدت اقتراعا ديمقراطيا عدة مرات منذ تأسيسه، فيما ظل مجلس النواب بعيدا عن التداول السلمي على السلطة ولم يشهد انتخابا لرئاسته منذ العام 2014م.

النظر في طبيعة النزاع واتجاهه إلى مزيد من التشظي وتشكل البؤر المتناهية في الصغر والخطيرة في الأثر يؤكد أن عملية لملمة شمل البلاد باتت تعسر يوما بعد يوما وأن الخيارات التي تفرض نفسها تعزز التقاسم والانقسام.

copy short url   نسخ
16/07/2023
45