+ A
A -
ليست أزمة الخليج الحالية وليس عجز الأمة عن النهوض أو التحرر إلا نتيجة ولو جزئية لحال الانقسام التي تعاني منها. اليوم يتآكل الجسد العربي بشكل لافت خاصة مع وصول حالة العداء البيني إلى درجات غير مسبوقة تهدد أمن الأمة كاملة ولا يقتصر تهديدها على الدول الاقليمية أو على المحيط المباشر فحسب.
الأقاليم العربية أو الأقطار العربية أو الدول العربية كما يحلو لبعضهم أن يسميها لا تعدو أن تكون في الحقيقة نتاجا استعماريا وكيانات رسمها المحتل الأوروبي قبل أن يغادر. فالانتماء الإقليمي هو انتماء محلي أو انتماء ظرفي لا يراعي جسم الأمة في أبعادها الأصلية. وهو في الواقع يشبه الانتماء إلى قرية أو إلى مدينة في الحالة العربية كأن تقول هذا بغدادي وهذا بصري وهذا كوفي... داخل العراق مثلا لو اعتبرنا العراق هنا بمكانة الأمة العربية أو الإسلامية.
التقسيم يعود أساسا إلى فعل سايكس بيكو الذي فصل جسد الأمة بشكل راعى فيه الحفاظ على كل التناقضات والتباينات التي ستغذي الصراعات المستقبلية وهي التي نراها تخرج للعلن اليوم في كافة مفاصل الأمة. الأخطر اليوم هو أن التهديد الكبير لم يعد تهديدا خارجيا بل صار تهديدا داخليا حيث تقتل الخلايا بعضها بعضا في شبه وبائي سرطاني قد لا يبقي ولا يذر.
أزمة الخليج وحصار قطر هي أزمة مفتعلة حدثت بين مكونات جسد واحد هو الجسد العربي المسلم بل هي حدثت ضد مكون صلب من هذا الجسد وهو المكون الخليجي. هذه الأزمة كشفت على مستوى الخطاب عن مدى تمدد وعي سايكس بيكو ومدى اختراقه لشبكة الانتماء الواحد للأمة حيث صار العداء بين الدول العربية وبين شعوبها يقوم على أساس الانتماء إلى حدود سايكس بيكو لا إلى الحدود الفعلية للأمة والتي تتجاوز في مداها وفي عمقها الخطوط التي رسمتها القوى الاستعمارية على الرمال.
يمكن أن تكون الأزمة الخليجية تجربة يستطيع العرب البناء عليها من أجل منع تجددها مستقبلا لكن الثابت الأكيد هو أن المنطقة تمر بمنعرج حاسم سيحدد طبيعة بنائها السياسي والحضاري في قادم السنين لأن المستويات التي بلغتها أزمة الحصار هي مستويات لم تبلغها من قبل وهي مؤشر على أن نقطة اللارجوع قد تم تجاوزها.
بقلم : محمد هنيد
الأقاليم العربية أو الأقطار العربية أو الدول العربية كما يحلو لبعضهم أن يسميها لا تعدو أن تكون في الحقيقة نتاجا استعماريا وكيانات رسمها المحتل الأوروبي قبل أن يغادر. فالانتماء الإقليمي هو انتماء محلي أو انتماء ظرفي لا يراعي جسم الأمة في أبعادها الأصلية. وهو في الواقع يشبه الانتماء إلى قرية أو إلى مدينة في الحالة العربية كأن تقول هذا بغدادي وهذا بصري وهذا كوفي... داخل العراق مثلا لو اعتبرنا العراق هنا بمكانة الأمة العربية أو الإسلامية.
التقسيم يعود أساسا إلى فعل سايكس بيكو الذي فصل جسد الأمة بشكل راعى فيه الحفاظ على كل التناقضات والتباينات التي ستغذي الصراعات المستقبلية وهي التي نراها تخرج للعلن اليوم في كافة مفاصل الأمة. الأخطر اليوم هو أن التهديد الكبير لم يعد تهديدا خارجيا بل صار تهديدا داخليا حيث تقتل الخلايا بعضها بعضا في شبه وبائي سرطاني قد لا يبقي ولا يذر.
أزمة الخليج وحصار قطر هي أزمة مفتعلة حدثت بين مكونات جسد واحد هو الجسد العربي المسلم بل هي حدثت ضد مكون صلب من هذا الجسد وهو المكون الخليجي. هذه الأزمة كشفت على مستوى الخطاب عن مدى تمدد وعي سايكس بيكو ومدى اختراقه لشبكة الانتماء الواحد للأمة حيث صار العداء بين الدول العربية وبين شعوبها يقوم على أساس الانتماء إلى حدود سايكس بيكو لا إلى الحدود الفعلية للأمة والتي تتجاوز في مداها وفي عمقها الخطوط التي رسمتها القوى الاستعمارية على الرمال.
يمكن أن تكون الأزمة الخليجية تجربة يستطيع العرب البناء عليها من أجل منع تجددها مستقبلا لكن الثابت الأكيد هو أن المنطقة تمر بمنعرج حاسم سيحدد طبيعة بنائها السياسي والحضاري في قادم السنين لأن المستويات التي بلغتها أزمة الحصار هي مستويات لم تبلغها من قبل وهي مؤشر على أن نقطة اللارجوع قد تم تجاوزها.
بقلم : محمد هنيد