يقول ماثيو ماكونهي: الشهادة ورقة تثبت أنك متعلم، ولكنها لا تُثبت أنك تفهم!
والشيءُ بالشيء يُذكر... أحيت البشرية البارحة «اليوم العالمي للقضاء على الأميّة «، وعلى الرغم أني أعاني حساسية مفرطة تجاه كثير من الأيام التي اتفقت البشرية على إحيائها، إلا أن هذا اليوم تحديداً أراه من الأيام المجيدة، ولا أتصور أن كائناً بشرياً سوياً قد يزعجه أن يتقن جميع قاطني هذا الكوكب القراءة والكتابة! ولكن لا بدّ من نقطة نظام في المسألة، ومن وضع بعض النقاط على الحروف فيما يخصّ هذا اليوم!
درجَ كثير من النّاس على الخلط بين مفهوم الأمية ومفهوم الجهل فاعتبروهما شيئاً واحداً، وهذا خلط شنيع! فالأميّ هو الإنسان الذي لا يعرف القراءة والكتابة، أما الجاهل فهو الإنسان الذي يحمل بعض الجينات الحمورية وإن كان يحمل شهادة جامعية! ومن هذا المنطلق يمكن للمرء أن يكون أمياً دون أن يكون جاهلاً، ويمكن أن يكون أمياً وجاهلاً، ويمكن أن يكون متعلماً وجاهلاً، ويمكن أن يكون متعلماً مستنيراً!
وإني إذ أرفع القبعة احتراماً لمن فكّر في القضاء على الأمية، إلا أني ما زلتُ أنتظر ذلك الجريء الذي سيقرر يوماً ما القضاء على الجهل! ولو تأملنا في مشاكل هذا الكوكب، فلا نحتاج إلى كثير عناء لندرك أنها في غالبيتها العظمى من صنيعة الجهلة المتعلمين لا من صنيعة الأميين المساكين! وبينما كان الأميون منهمكون في زراعة القمح لنأكل، وشق الطرق لنمشي، وصناعة الملابس لقاء أجور زهيدة لنواري سوءاتنا، وجمع نفاياتنا لنبدو أجمل، كان حملة الشهادات العليا يصنعون القنابل النووية، والصواريخ الباليستية، والألغام الأرضية، وإنشاء صندوق النقد الدولي لشراء الدول الفقيرة، وإرساء النظم الاقتصادية لتبرير حتمية استعمارها!
نريد القضاء على آفة الأمية، لأنّ الأمي معرض لأن يكون جاهلاً أكثر من غيره، ولكن في المقابل علينا أن لا ننسى أن بعض الأطباء، والمهندسين، والمدرسين، والاقتصاديين، والمفتين، والوزراء، ومديري الشركات، ورؤساء البلاد، حمير مع مرتبة الشرف، وإن وضع أحدهم حرف الدال قبل اسمه! فالشهادة التي يحملها كائن بشري ما، ويعلقها على جدار بيته أو مكتبه للتباهي تعنيه وحده، ما يعنينا نحن أن نعرف: هل جعلت منه تلك الشهادة إنساناً أم لا؟!
بقلم : أدهم شرقاوي
والشيءُ بالشيء يُذكر... أحيت البشرية البارحة «اليوم العالمي للقضاء على الأميّة «، وعلى الرغم أني أعاني حساسية مفرطة تجاه كثير من الأيام التي اتفقت البشرية على إحيائها، إلا أن هذا اليوم تحديداً أراه من الأيام المجيدة، ولا أتصور أن كائناً بشرياً سوياً قد يزعجه أن يتقن جميع قاطني هذا الكوكب القراءة والكتابة! ولكن لا بدّ من نقطة نظام في المسألة، ومن وضع بعض النقاط على الحروف فيما يخصّ هذا اليوم!
درجَ كثير من النّاس على الخلط بين مفهوم الأمية ومفهوم الجهل فاعتبروهما شيئاً واحداً، وهذا خلط شنيع! فالأميّ هو الإنسان الذي لا يعرف القراءة والكتابة، أما الجاهل فهو الإنسان الذي يحمل بعض الجينات الحمورية وإن كان يحمل شهادة جامعية! ومن هذا المنطلق يمكن للمرء أن يكون أمياً دون أن يكون جاهلاً، ويمكن أن يكون أمياً وجاهلاً، ويمكن أن يكون متعلماً وجاهلاً، ويمكن أن يكون متعلماً مستنيراً!
وإني إذ أرفع القبعة احتراماً لمن فكّر في القضاء على الأمية، إلا أني ما زلتُ أنتظر ذلك الجريء الذي سيقرر يوماً ما القضاء على الجهل! ولو تأملنا في مشاكل هذا الكوكب، فلا نحتاج إلى كثير عناء لندرك أنها في غالبيتها العظمى من صنيعة الجهلة المتعلمين لا من صنيعة الأميين المساكين! وبينما كان الأميون منهمكون في زراعة القمح لنأكل، وشق الطرق لنمشي، وصناعة الملابس لقاء أجور زهيدة لنواري سوءاتنا، وجمع نفاياتنا لنبدو أجمل، كان حملة الشهادات العليا يصنعون القنابل النووية، والصواريخ الباليستية، والألغام الأرضية، وإنشاء صندوق النقد الدولي لشراء الدول الفقيرة، وإرساء النظم الاقتصادية لتبرير حتمية استعمارها!
نريد القضاء على آفة الأمية، لأنّ الأمي معرض لأن يكون جاهلاً أكثر من غيره، ولكن في المقابل علينا أن لا ننسى أن بعض الأطباء، والمهندسين، والمدرسين، والاقتصاديين، والمفتين، والوزراء، ومديري الشركات، ورؤساء البلاد، حمير مع مرتبة الشرف، وإن وضع أحدهم حرف الدال قبل اسمه! فالشهادة التي يحملها كائن بشري ما، ويعلقها على جدار بيته أو مكتبه للتباهي تعنيه وحده، ما يعنينا نحن أن نعرف: هل جعلت منه تلك الشهادة إنساناً أم لا؟!
بقلم : أدهم شرقاوي