+ A
A -
يتحمل العلماء عسف الزعماء، لكن خوفهم من الواحد الاحد اكبر من خوفهم من الذين حكموا الشعوب، لهذا تجد معظمهم اعتاد على التعذيب والسجن، ولم يعد يبالي اذا جاء العسكر ليعتقلوه ويحرص ان يكون مرتديا ملابس تقيه شر البرد والحر، هؤلاء العلماء تصل دعواهم إلى رب السماء في عالي سماه، فينزل غضبه، والحجاج عبرة، مات وهو يقول «مالي وابن جبير»، طبعا ابن جبير العالم وليس الوزير وهناك فرق كبير بين الجبيريين.
ولدينا عالم يقول والله اني اخشى الله ان ادعو على من ظلمني، فهو يملك روح إنسان حساس، وحين يقول القول يهدف من وراء ما يقول الاصلاح، حين زار الدوحة قبل سنتين ذهبنا للسلام عليه وتعرفنا على هذا العالم الجليل الذي وهب نفسه للعلم وإصلاح وطنه، انه الشيخ الدكتور سلمان بن فهد بن عبدالله العودة العالم المجاهد، احد علماء الإسلام الذي زُج به في السجن مؤخراً فقط لانه استبشر خيرا بانتهاء الأزمة الخليجية، يعود إلى السجن وقد تمنى الا يعود ولكن ما يؤنس وحدته هو زُج الكثير من العلماء في السجون في ظاهرة لم تشهدها المملكة على مدى تاريخها منذ إسقاط مملكة الحجاز، ومن يقرأ فكر العودة يجد انه صاحب رؤية لبناء المجتمع حيث وضع نصب عينه ثلاثة مواضيع أساسية هي: الإصلاح الإسلامي والصحوة الإسلامية والصحوة السعودية، كيف لا وقد فتحت عيناه عام 1955 في قرية البصر غرب مدينة بريدة في منطقة القصيم، ليجد أمامه العلماء الجهابذة عبدالعزيز بن باز ومحمد بن صالح العثيمين وعبدالله بن جبرين وحمود عقلا الشعيبي ومحمد سرور، فتأثر بهم جميعا، ليخرج بفكر فريد بعد ان حصن نفسه بالماجستير في السنة بموضوع «الغربة وأحكامها» ومن ثم بالدكتوراه في «شرح بلوغ المرام» ليصبح بحق داعية وعالم دين ومفكرا، ومقدم برامج تليفزيونية. حفظ القرآن الكريم ثم الأصول الثلاثة، القواعد الأربع، كتاب التوحيد، العقيدة الواسطية، ومتن الأجرومية، ومتن الرحبية، وقرأ شرحه على عدد من المشايخ منهم الشيخ صالح البليهي والشيخ محمد بن صالح المنصور، نخبة الفكر للحافظ ابن حجر وشرحه نزهة النظر، وحفظ بلوغ المرام في أدلة الأحكام، ومختصر صحيح مسلم للحافظ المنذري، وحفظ في صباه مئات القصائد الشعرية المطولة من شعر الجاهلية والإسلام وشعراء العصر الحديث.
هذا العالم والمفكر والداعية الذي ينتمي إلى قبيلة بني خالد من اكبر القبائل السعودية وقد نهل من قبيلته الصراحة والجرأة في القول فكان له رأي مخالف وان أدى ذلك إلى ان يعاقب بالسجن سنوات خمسا يصفها بأنها سنوات جميلة، متمنيا الا تعود، وكان قد اعتقل ضمن سلسلة اعتقالات واسعة شملت رموز الصحوة لانتقاد التعاون مع الولايات المتحدة في حرب الخليج الأولى عام 1991 وقضى بضعة أشهر من فترة اعتقاله في الحجز الانفرادي في سجن الحائر وأطلق سراح العودة في أبريل 1999 ليتجه نحو الدعوة ويكون من اكبر فرسانها.
هذا العالم الجليل صاحب الكتب بعدد سني عمره حين زرناه قبل عامين كان سعيدا لما كانت تعيشه المملكة حيث وصف ذلك بالتمازج والانسجام بين مؤسسة الحكم والمؤسسة الدينية، وكنا نتمنى ان يؤخذ برأي العودة في ما يعيشه الخليج، فامثال العودة هم من وضعوا السعودية في مرتبتها الأولى راعية للإسلام وباعتقالهم وسجنهم هو بداية السقوط.
نبضة أخيرة
انتظرت شروق الشمس بعد ناشئة الليل فهبت اعاصير الحقد من عواصم المؤامرة.
بقلم : سمير البرغوثي
ولدينا عالم يقول والله اني اخشى الله ان ادعو على من ظلمني، فهو يملك روح إنسان حساس، وحين يقول القول يهدف من وراء ما يقول الاصلاح، حين زار الدوحة قبل سنتين ذهبنا للسلام عليه وتعرفنا على هذا العالم الجليل الذي وهب نفسه للعلم وإصلاح وطنه، انه الشيخ الدكتور سلمان بن فهد بن عبدالله العودة العالم المجاهد، احد علماء الإسلام الذي زُج به في السجن مؤخراً فقط لانه استبشر خيرا بانتهاء الأزمة الخليجية، يعود إلى السجن وقد تمنى الا يعود ولكن ما يؤنس وحدته هو زُج الكثير من العلماء في السجون في ظاهرة لم تشهدها المملكة على مدى تاريخها منذ إسقاط مملكة الحجاز، ومن يقرأ فكر العودة يجد انه صاحب رؤية لبناء المجتمع حيث وضع نصب عينه ثلاثة مواضيع أساسية هي: الإصلاح الإسلامي والصحوة الإسلامية والصحوة السعودية، كيف لا وقد فتحت عيناه عام 1955 في قرية البصر غرب مدينة بريدة في منطقة القصيم، ليجد أمامه العلماء الجهابذة عبدالعزيز بن باز ومحمد بن صالح العثيمين وعبدالله بن جبرين وحمود عقلا الشعيبي ومحمد سرور، فتأثر بهم جميعا، ليخرج بفكر فريد بعد ان حصن نفسه بالماجستير في السنة بموضوع «الغربة وأحكامها» ومن ثم بالدكتوراه في «شرح بلوغ المرام» ليصبح بحق داعية وعالم دين ومفكرا، ومقدم برامج تليفزيونية. حفظ القرآن الكريم ثم الأصول الثلاثة، القواعد الأربع، كتاب التوحيد، العقيدة الواسطية، ومتن الأجرومية، ومتن الرحبية، وقرأ شرحه على عدد من المشايخ منهم الشيخ صالح البليهي والشيخ محمد بن صالح المنصور، نخبة الفكر للحافظ ابن حجر وشرحه نزهة النظر، وحفظ بلوغ المرام في أدلة الأحكام، ومختصر صحيح مسلم للحافظ المنذري، وحفظ في صباه مئات القصائد الشعرية المطولة من شعر الجاهلية والإسلام وشعراء العصر الحديث.
هذا العالم والمفكر والداعية الذي ينتمي إلى قبيلة بني خالد من اكبر القبائل السعودية وقد نهل من قبيلته الصراحة والجرأة في القول فكان له رأي مخالف وان أدى ذلك إلى ان يعاقب بالسجن سنوات خمسا يصفها بأنها سنوات جميلة، متمنيا الا تعود، وكان قد اعتقل ضمن سلسلة اعتقالات واسعة شملت رموز الصحوة لانتقاد التعاون مع الولايات المتحدة في حرب الخليج الأولى عام 1991 وقضى بضعة أشهر من فترة اعتقاله في الحجز الانفرادي في سجن الحائر وأطلق سراح العودة في أبريل 1999 ليتجه نحو الدعوة ويكون من اكبر فرسانها.
هذا العالم الجليل صاحب الكتب بعدد سني عمره حين زرناه قبل عامين كان سعيدا لما كانت تعيشه المملكة حيث وصف ذلك بالتمازج والانسجام بين مؤسسة الحكم والمؤسسة الدينية، وكنا نتمنى ان يؤخذ برأي العودة في ما يعيشه الخليج، فامثال العودة هم من وضعوا السعودية في مرتبتها الأولى راعية للإسلام وباعتقالهم وسجنهم هو بداية السقوط.
نبضة أخيرة
انتظرت شروق الشمس بعد ناشئة الليل فهبت اعاصير الحقد من عواصم المؤامرة.
بقلم : سمير البرغوثي