حراك سياسي ولقاء تشاوري لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في الاجتماع (18) ومن يمثلهم، وقمة خليجية مع دول آسيا الوسطى تعتبر حجر الزاوية الأول فقد احتضنتها المدينة الدافئة الجميلة «جدة السعودية»، قمة تاريخية ستسهم في توطيد الشراكة والخطة المشتركة بين دول المجلس ودول آسيا الوسطي 2023 ـ 2027م والتي ستعزز الحوار السياسي والأمني والغذائي في قادم الأيام.
ورغم التباعد الجغرافي، فقد جمعنا التاريخ المشترك مع دول آسيا الوسطى الاسلامية، منذ القرن الأول الهجري، عندما اتجهت الدعوة الإسلامية لآسيا الوسطى، واليوم وفي أول قمة تعقد بين دول مجلس التعاون الخليجي وهذه الدول الآسيوية والتي تمخضت عن قرارات عدة، فإننا نتطلع لتعاون وتكامل خليجي آسيوي كبير لما تملكه هذه الدول المجتمعة من ثروات هائلة وقدرات وإمكانيات تحتم علينا التعاون والتقارب معها وتكثيف وتعزيز العلاقات بيننا لتحقيق الرفاهية والأمن والاستقرار في بلداننا.!.
فلدول آسيا الوسطى موقع (جيو استراتيجي) وخصائص جغرافية ولديها إمكانيات وتنوع اقتصادي من الغاز والنفط والذهب واليورانيوم والقمح وتنمية صاعدة، لذا فإن القمة الخليجية مع دول آسيا الوسطى هي بداية حقيقية وانطلاقة لمجلس التعاون الخليجي الذي بدأ بالخروج من صندوق التعاون الخليجي والتوسع خارجيا بعلاقاته وصداقاته مع الدول الكبرى في العالم.
فدول الخليج ودول آسيا الوسطى «أوزبكستان وتركمانستان وطاجيكستان وكازاخستان وقيرغيزستان» هم شركاء ولديهم صفات تجعلهم أصدقاء، والتاريخ الإسلامي وترابطنا في مواجهة أعدائنا يجعلنا أكثر قوة وترابطا وقمة جدة هي البداية.!
بعد هذه القمة ونجاحها برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، الذي أدار بحكمته المعهودة هذه القمة التاريخية وما نتج عنها، فإننا متفائلون بأن النجاحات الملموسة ستكون حاضرة في المستقبل القريب خاصة أن القمة تأتي بعد التقارب السعودي الإيراني والتي لعبت فيها سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية دورا بارزا في إعادة التوازنات في المنطقة بالإضافة إلى تحركات عربية للم الشمل العربي ليكون حاضرا في المشهد العالمي.
إننا أمام مرحلة بناء جديدة كدول مجلس التعاون الخليجي تتبناها وتعمل عليها السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية بالاتفاق مع الدول الأخرى بما يتفق ويخدم مصالح شعوب دول المجلس ويحقق التكامل مع الدول الشقيقة والصديقة ومنها دول آسيا الوسطى والصين وروسيا.
وفي الأوقات التي تتسارع فيها الأحداث على الصعيدين الإقليمي والدولي، أصبح من الضروري على دول مجلس التعاون التحرك لتوقيع اتفاقيات وتنمية العلاقات مع التكتلات ذات المكانة العالمية ومنها دول آسيا الوسطى التي ينظر إليها كدول واعدة اقتصاديا وتجاريا ولكونها امتدادا طبيعيا لدول المنطقة.
لذا فمن الأهمية تعزيز الحوار الإستراتيجي والسياسي بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ودول آسيا الوسطى، وتعزيز هذه الشراكة نحو آفاق جديدة في مختلف المجالات خاصة في مجال الأمن الغذائي. ونتطلع إلى أن تسهم نتائج هاتين القمتين في تحقيق ما فيه خير لشعوبنا وتعزيز التعاون الخليجي البناء مع دول آسيا الوسطى وغيرها..
والله من وراء القصد.
د. أحمد بن سالم باتميرا
كاتب عماني
batamira@hotmail.com