+ A
A -

الأزمة الليبية ظلت منذ الانقسام السياسي العام 2014 رهينة الصراع الذي يحركه منطق الغلبة والسيطرة وليس التوافق المنضبط بالإعلان الدستوري والاتفاق السياسي الذي تم التوقيع عليه في كانون الأول/‏ ديسمبر 2015م وصار من أهم الوثائق القانونية المنظمة للعلاقة بين الفرقاء السياسيين.

منذ العام 2014 انزلقت ليبيا إلى الانقسام السياسي الذي تمظهر في وجود مجلسين للتشريع وحكومتين ومصرفين مركزيين وغيرهما من المؤسسات السيادية، لكن القضاء ظل بعيدا عن الصراع وعن الانقسام، فلم نشهد تشكل مجلس أعلى للقضاء موازٍ أو محكمة عليا غير المحكمة التي مقرها العاصمة طرابلس، إذ لم تُقدم أطراف النزاع على المساس باستقلال القضاء وهيبته، كما أن المؤسسة الأعلى في الجهاز القضائي نأت بنفسها عن الانقسام، حتى إن الدائرة الدستورية ضمن المحكمة العليا جمدت نفسها ورفضت البت في الطعون.

شهد العامان الماضيان اتجاها لتسييس القضاء واستخدامه ورقة بل أداة في الصراع، وذلك بإقدام مجلس النواب على إجراء تعديلات في قانون نظام القضاء وإقالة رئيس المحكمة العليا وإصدار قانون تشكيل محكمة دستورية، ليأتي الرد من الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا في العاصمة طرابلس ببطلان قرارات مجلس النواب، ورفض المجلس الأعلى للقضاء حكم الدائرة الدستورية الأمر الذي عمق من الأزمة.

وبالعودة إلى مقدمة المقال والتي تتعلق بنهج المغالبة الذي يتجاوز الأسس التي حكمت سلوك وصلاحيات مجلس النواب وفي مقدمتها الاتفاق السياسي، ويتجاهل حقيقة أن مجلس النواب منقوص الشرعية بعد أن تجاوز عمره القانوني بسنوات طوال وأنه أعيد إلى الحياة كجسم سياسي بصلاحيات متفق عليها وليس مجلس نواب كامل الصلاحية والمشروعية، وهذا جلي بالعودة إلى الاتفاق السياسي، غير أن المجلس رفض القيود والحدود والضوابط التي تم التوافق عليها في الصخيرات وشرع يتوسع في سلطات تتعدى حتى سلطات المجالس التشريعية المنتخبة في الدول المستقرة.عربي 21

copy short url   نسخ
04/08/2023
5