+ A
A -
يتفق دارسو السِّيَر، أن «سير أعلام النبلاء» للإمام الذهبيّ هو أروع وأغنى كتاب في هذا المضمار على وجه الأرض! ومع أن الذهبيّ جعل كتابه في النبلاء الذين سبقوه، إلا أنه ترجم لبعض أقرانه ومعاصريه، ولأن كتابه مختص بعظماء الرجال تورع أن يترجم فيه لنفسه!
ولكنه عندما وضع بعد ذلك كتابه «المعجم المختص بالمحدثين» ارتأى أن يذكر نفسه بين رجال الحديث، ولكنه كان متواضعًا حدّ الذهول وهو يذكر نفسه قائلًا:
«الذهبيّ، المُصنف، محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز، ابن الشيخ عبد الله التركماني الشّافعي، المقرئ المحدث، صاحب هذا المعجم، ولد سنة 673 هـ وجمع تواليف يقال إنها مفيدة، والناس يتفضلون ويثنون عليه، وهو أخبر بنفسه وبنقصه في العلم والعمل، والله المستعان ولا قوة إلا به، وإذا سلّم لي إيماني فيا فوزي»!
هذا درس في التواضع نحتاج أن نتأمله جميعًا، نحن عبدة الألقاب وهواة الفشخرة ونفش الريش كالطواويس!
إن التاجر منا أول ما يفعله بعد أن يرجع من الحج هو أن ينزل اللافتة عن دكانه أو بقالته ليضع واحدة جديدة تخبر الأمة جمعاء أنه تبارك الله قد صار فضيلة الحاج، وأغلبهم كما تعرفون يذهبون إلى الحج سكاكين ويرجعون مناشير، وعظم الله أجورهم في الألقاب!
يحصل أحدنا على درجة الدكتوراة، والأطاريح كما لا يخفى على شريف علمكم هذه الأيام بغالبيتها تجميع ولملمة من هنا وهناك، فإن كان اختصاصه في علم الاجتماع يشعرك أن ابن خلدون قد أخذ العلم عنه، وإن كان من أهل اللغة فسيبويه نقطة في بحره، وحتى في الشريعة تجد الكبر والعجب أيضاً، كأن أحدهم جُلد على يد المأمون بدل الإمام أحمد، فحفظ الله به الإسلام!
والويل والثبور لتلميذ جامعي يلفظ اسمه دون لقب دكتور قبله، والشقي ابن الشقي من أرسل له دعوة ولم يضع حرف الدال قبل اسمه!
إذا قرض شاعر منا بيتين من الشعر اختال على الناس كأنه النابغة وقد نُصبت له قبة في سوق عكاظ ليحكم بين الشعراء!
وإذا ارتدى طبيبنا مريوله في أول تدريب له قبل التخرج أشعرك أن أبقراط وابن سينا لم يكن لهما من فضل إلا أنهما سبقاه زمنًا، ولو أدركهما لكان اسمه يملأ صفحات التاريخ!
يا أخي حتى طالب الهندسة ما يكاد ينهي سنته الجامعية الأولى حتى يشعرك أنه من بنى الأهرامات أو نصب جسر بروكلين!
أن يحترم الإنسان نفسه ويقدرها شيء عادي لا يُلام عليه، ولكن هذا الغرور ونفش الريش ورفع أرنبة الأنف فيه الشيء الكثير، شخصيًا أؤمن أن العلم الذي لا يزيدك تواضعًا نحن في غنى عنه وعنك، الأمر أيسر من ذلك بكثير فتواضعوا يرحمكم الله!
بقلم : أدهم شرقاوي
ولكنه عندما وضع بعد ذلك كتابه «المعجم المختص بالمحدثين» ارتأى أن يذكر نفسه بين رجال الحديث، ولكنه كان متواضعًا حدّ الذهول وهو يذكر نفسه قائلًا:
«الذهبيّ، المُصنف، محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز، ابن الشيخ عبد الله التركماني الشّافعي، المقرئ المحدث، صاحب هذا المعجم، ولد سنة 673 هـ وجمع تواليف يقال إنها مفيدة، والناس يتفضلون ويثنون عليه، وهو أخبر بنفسه وبنقصه في العلم والعمل، والله المستعان ولا قوة إلا به، وإذا سلّم لي إيماني فيا فوزي»!
هذا درس في التواضع نحتاج أن نتأمله جميعًا، نحن عبدة الألقاب وهواة الفشخرة ونفش الريش كالطواويس!
إن التاجر منا أول ما يفعله بعد أن يرجع من الحج هو أن ينزل اللافتة عن دكانه أو بقالته ليضع واحدة جديدة تخبر الأمة جمعاء أنه تبارك الله قد صار فضيلة الحاج، وأغلبهم كما تعرفون يذهبون إلى الحج سكاكين ويرجعون مناشير، وعظم الله أجورهم في الألقاب!
يحصل أحدنا على درجة الدكتوراة، والأطاريح كما لا يخفى على شريف علمكم هذه الأيام بغالبيتها تجميع ولملمة من هنا وهناك، فإن كان اختصاصه في علم الاجتماع يشعرك أن ابن خلدون قد أخذ العلم عنه، وإن كان من أهل اللغة فسيبويه نقطة في بحره، وحتى في الشريعة تجد الكبر والعجب أيضاً، كأن أحدهم جُلد على يد المأمون بدل الإمام أحمد، فحفظ الله به الإسلام!
والويل والثبور لتلميذ جامعي يلفظ اسمه دون لقب دكتور قبله، والشقي ابن الشقي من أرسل له دعوة ولم يضع حرف الدال قبل اسمه!
إذا قرض شاعر منا بيتين من الشعر اختال على الناس كأنه النابغة وقد نُصبت له قبة في سوق عكاظ ليحكم بين الشعراء!
وإذا ارتدى طبيبنا مريوله في أول تدريب له قبل التخرج أشعرك أن أبقراط وابن سينا لم يكن لهما من فضل إلا أنهما سبقاه زمنًا، ولو أدركهما لكان اسمه يملأ صفحات التاريخ!
يا أخي حتى طالب الهندسة ما يكاد ينهي سنته الجامعية الأولى حتى يشعرك أنه من بنى الأهرامات أو نصب جسر بروكلين!
أن يحترم الإنسان نفسه ويقدرها شيء عادي لا يُلام عليه، ولكن هذا الغرور ونفش الريش ورفع أرنبة الأنف فيه الشيء الكثير، شخصيًا أؤمن أن العلم الذي لا يزيدك تواضعًا نحن في غنى عنه وعنك، الأمر أيسر من ذلك بكثير فتواضعوا يرحمكم الله!
بقلم : أدهم شرقاوي