+ A
A -

عقدت اللجنة المالية العليا لتنظيم الإنفاق والإيرادات اجتماعها الأول في سرت، ومن المتوقع أن تعقد اجتماعها الثاني خلال الأيام القادمة. وساد جو من الوفاق بحسب تصريحات رئيس اللجنة ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ولأن المنفي يدرك أن السياسة يمكن أن تشوش على أعمال اللجنة فقد حرص على التركيز على الطبيعة الفنية للجنة وأكد على أهمية تحييد أعمالها واتجاهها إلى تحييد المال العام عن الصراع.

المنفي ربما يدرك أن هذه الغاية، وهي تحييد المال العام عن الصراع، تحد كبير ولا ضمانة لتحقيقه في ظل التدافع الراهن والصراع القائم.

اللجنة في الحقيقة تشكلت في ظرف استثنائي وبضغوط من جبهة الشرق التي سعت ولا تزال للهيمنة على القرار المالي تارة من خلال السلطة التشريعية والضغوط السياسية التي ركزت على إقالة محافظ المركزي ورئيس الحكومة، لكنها لم تنجح، واتجهت إلى الخيار العسكري لتحقيق غاياتها في أبريل 2019م ومنيت خطتها بالفشل، فكان الخيار البديل بعد ذلك الضغوط عبر تعطيل المسار السياسي وإقفال النفط لدفع الاطراف الدولية والمحلية للاستجابة لمطالبها في إنهاء استئثار جبهة الغرب ممثلة في الحكومة والمصرف المركزي بإدارة عوائد النفط، والحصول على حصة من تلك العوائد.

بلا أدنى شك يوجد خلل في مقاربة توزيع الدخل على الليبيين نتيجتها غياب العدالة في ذلك، واستفادة قلة قليلة بدرجة كبيرة من أموال الليبيين على حساب المجموع العام، غير أن الحرمان الاقتصادي والاجتماعي لفئة واسعة من المجتمع من ثروة البلاد ليس هو المحرك الأساسي للخلاف حول عوائد النفط، بل هو التدافع السياسي ومراكمة أدوات القوة والسطوة والتي يأتي في مقدمتها المال، ومعلوم أن المشروع العسكري في شرق البلاد يواجه مشاكل تتعلق بنقص التمويل، فيما تتمتع جبهة الغرب ببحبوحة في ذلك.

اللجنة في حال وقعت في مصيدة مطالب تقاسم عوائد النفط والإيرادات العامة فسيكون نتاج عملها مؤججا للصراع وليس العكس، وفي حال اتجهت إلى مقاربة فنية ومالية محكمة لمنع الهدر والفساد فستواجه رفضا وصدودا، وهذا ما يدعو إلى ضرورة تغيير اتجاه البوصلة عبر تحقيق التوافق الشامل الذي يفضي إلى معالجة الانسداد الحالي بإجراء الانتخابات، ويفرض أداة معالجة الملفات الكبرى المتعلقة بشكل الدولة وطبيعة النظام السياسي والعدالة في توزيع الدخل... الخ، وهي الدستور.

copy short url   نسخ
07/08/2023
5