+ A
A -
جريدة الوطن

تونس- الأناضول- تصاعدت في الآونة الأخيرة أزمة نقص الخبز في تونس وشوهدت طوابير طويلة أمام المخابز لمواطنين يرغبون في الحصول ولو على رغيف، ما دفع منظمات نقابية للدعوة لتنظيم وقفات احتجاجية.

وفي الوقت الذي يقول فيه محمد بوعنان، رئيس الغرفة الوطنية لأصحاب المخابز التابعة للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، «إن الأزمة أصبحت من الماضي والخبز متوفر»، نظم نحو 1500 مخبز تابع للمجمع المهني للمخابز العصرية التابع لـ«كونفيدرالية المؤسسات المواطنة» (منظمة نقابية) وقفات احتجاجية، الاثنين، أمام وزارة التجارة للمطالبة بتسوية وضعية المخابز التابعة له من حيث التزود بمادة الدقيق التي قرّرت الدولة منعه عنها.

الأزمة أصبحت من الماضي

وقال محمد بوعنان حول نقص توفر الخبز: «إن هذا الموضوع انتهى وكان موجودا في الأسبوع الماضي».

وأضاف بوعنان في تصريحات خاصة للأناضول «هذا الأسبوع عدنا للخبز العادي ولم يعمل الآخرون (المخابز العصرية) وبعملنا نحن انتهت ظاهرة الطوابير». وتابع: «الدولة قالت لنا اعملوا وسنزودكم بأكثر فارينة (دقيق) مكانهم (مكان المخابز العصرية غير المصنفة)؛ فانتهى المشكل».

ونفى بوعنان ما يتردد من احتكار مادتي السميد والدقيق بالقول: «ليس هناك تلاعب؛ إذا أعطونا الفارينة والسميد نصنع خبزا». واعتبر أن «التلاعب هو عندما نصنع خبزا أكثر سعرا»، و«التلاعب من الآخرين الذين يأخذون دقيقا بأسعار معينة ويرفعون السعر». وأكد بوعنان «أن المطاحن تعمل والخبز متوفر ولا وجود لأي مشكل».

وحول المخابز التي تم إغلاقها، قال بوعنان: «هذه المخابز المغلقة قد لا تكون لها رخص للعمل»، مشددا، «أن المخابز غير المصنفة ( تسمية الدولة للمخابز العصرية التابعة لكونفيدرالية المؤسسات المواطنة) هي سبب المشكل ولم يعد لها الحق في إنتاج أي رغيف».

وأوضح بوعنان أن «الدولة تريد أن يأخذ المواطنون خبزا مدعما».

صفاقس ثاني أكبر المدن التونسية.. لا وجود لمشكل الخبز

عبودة البرشاني، عضو الغرفة الوطنية لأصحاب المخابز، وصاحب مخبز، في مدينة صفاقس، قال: «في صفاقس ليس هناك طوابير والتزويد جيد من المطاحن وحتى المناطق السياحية بقرقنة والمحرس ( ولاية صفاقس) الأوضاع جيدة والخبز متوفر إلى العاشرة ليلا».

وأضاف البرشاني في تصريحات للأناضول: «الدولة تعطينا نصيبنا من الدقيق ويحصل تأخير أحيانا في المخابز التي تتزود من المطاحن في سوسة ( شرق) أو قابس (جنوب شرق) ولكن ليس هناك صفوف (طوابير) في صفاقس».

منظمة الدفاع عن المستهلك: الأزمة لها أكثر من سنة

من جانبه، قال عمار ضيّة، رئيس منظمة الدفاع المستهلك في تونس (مستقلة) «إن موضوع ندرة الخبز مطروح منذ أكثر من سنة وقد تحدثنا حوله ونرغب في الوصول إلى حل جذري الآن».

وأضاف ضيّة للأناضول «أولا الخبز مادة حساسة يهم كل العائلات التونسية وفي كل مرة هناك ضبابية حول أسباب النقص فيه والأسعار والمخابز المصنفة والأخرى غير المصنفة».

وتابع: «المواطن البسيط لا يعرف ما يحدث. مخابز تبيع الرغيف الصغير ب250 مليم (0.081 دولارا) وأخرى بسعر أغلى».

وزاد ضيّة: «اليوم وصلنا إلى وضعية طوابير أمام المخابز وممارسات مبالغ فيها في استغلال الظرف، خاصة ما حدث خلال عيد الأضحى حيث بيع الرغيف ب500 مليم (0.166 دولارا)».

وفيما يخص أزمة الطوابير، قال ضيّة:«من قبل كان التجار الصغار يبيعون الخبز، أما اليوم لا يبيعون. لذلك يضطر كثير من الناس إلى التجمع أمام المخابز».

وأضاف أن «الأمر وصل حتى الأرياف من حيث وجود الطوابير أمام المخابز وهناك من يقول إن البعض يقتني أكثر من حاجته من الخبز خوفا من فقدانه».

ووفق ضيّة: «المشهد يتضاعف في المناطق السياحية وأماكن الاصطياف».

على الدولة إيجاد حلول..

وبالنسبة لمنظمته، يقول ضيّة: «إنهم اتصلوا بوزارة التجارة التي قالت إنها ستجد حلولا منها تشديد الرقابة على المخابز للحد من التلاعب بهذه المادة الحيوية وإجبار من يتلقى الفرينة (الطحين) المدعمة على إنتاج الكميات اللازمة من الخبز كامل اليوم وهذا يقلل من ظاهرة الطوابير».

وحول علاقة الأزمة بالنقص الحاد في التزود بالحبوب من قبل الدولة، قال ضيّة: «الجميع في العالم له مشكل تزود بالحبوب بفعل حرب أوكرانيا وروسيا».

وأكد ضيّة أن «كثيرا من البلدان في إفريقيا ستجوع».

ماذا ينتظر عمال المخابز العصرية؟

مراد حفيظ يشتغل محاسبا في مخبز عصري بمنطقة برج الطويل (ولاية أريانة - شمال العاصمة) وجد نفسه في حالة إحباط بعد قرار الدولة منع الطحين عن هذا الصنف من المخابز، قال: «نحن 13 عاملا في هذ المخبز. سنصبح عاطلين عن العمل، نحن نعمل في مخبز غير مصنف ومنذ أيام لا نعلم ما هو مصيرنا».

وأضاف حفيظ، للأناضول، وعلامات الحيرة بادية عليه «1500 مخبز وآلاف العمال ماذا سيفعلون»؟

وأوضح حفيظ «انا لست مع أصحاب المخابز العصرية ولا ضد المخابز المدعمة (المصنفة) ولكن ما هو مصيرنا نحن»؟

طارق حلاق في برج الطويل، كان في رحلة البحث عن الخبز قال للأناضول: «عندما اذهب صباحا لأشتري الخبز أجد أن جميع المخابز مغلقة وانتظر ساعة ونصف لأحصل على الخبز».

وأضاف طارق «المخبز بجانبنا في الحي مغلق ونحن نعمل أصلا من أجل توفير الخبز لأبنائنا، ونحن في منطقة بعيدة عن مركز الولاية. ماذا سنفعل؟».

وتابع طارق «نحن نحبذ ألا تقع هذه الأزمة ونريد عندما نصل إلى المخبز نأخذ خبزنا ونعود إلى عملنا إلا أن الطوابير تضاعفت».

والأربعاء، قرر المجمع المهني للمخابز العصرية التابع لـ «كونفيدرالية المؤسسات المواطنة» في تونس، تنظيم وقفات احتجاجية متتالية انطلاقا من الإثنين المقبل، ولمدة 15 يوما أمام مقر وزارة التجارة وتنمية الصادرات.

وذكر المجمع المهني (منظمة اقتصادية خاصة)، في بيان، أن «قرار تنظيم تحركات احتجاجية جاء على خلفية تعليق وزارة التجارة وتنمية الصادرات في تونس، بيع الفارينة الرفيعة (الطحين) والسميد لفائدة محلات صنع الخبز غير المصنفة والمعروفة بالمخابز العصرية».

واعتبر أن قرار الوزارة له تداعيات على «المخابز العصرية» التي يتجاوز عددها 1500، وعلى العاملين فيها الذين يراوح عددهم بين 18 ألفا و20 ألف عامل.

وفي وقت سابق الأربعاء، قررت وزارة التجارة «تعليق بيع الفارينة الرفيعة والسميد لمحلات صنع الخبز المعروفة بالمخابز العصرية».

وتعاني تونس منذ أيام نقصا في الخبز، ويقف المواطنون ساعات عدة للحصول على حاجاتهم منه، وفق إعلام محلي ومنشورات على منصات التواصل الاجتماعي.

والخميس قبل الماضي، طالب الرئيس التونسي قيس سعيد، حكومة بلاده باتخاذ «إجراءات عاجلة» تتعلق بأزمة الخبر، محملا «لوبيات» لم يسمّها مسؤولية ذلك.

ومنذ 2021، تراجع إنتاج الحبوب في تونس لأسباب مناخية، وانتقلت تداعياته بعد شهور قليلة إلى السوق المحلية، من حيث عدم توفر كميات مطمئنة من القمح المستخدم في إنتاج الخبز.

ووجدت الحكومة الحل في اللجوء إلى الاستيراد، ولكن هذا الأمر اعترضته عراقيل أبرزها الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد.

copy short url   نسخ
08/08/2023
80