+ A
A -

لم أستطع إخفاء حزني، ولا كبح المدامع في عيني. حين روى لي طفل في ترانزيت مطار الملكة علياء في العاصمة الأردنية عمان قادما من بيروت حكايته، حين قال ولدت في الدوحة لأبوين لبناني وتونسية.. عمري الآن أحد عشر عاما قضيت نصفها تحت سقف واحد في واحدة من أرقى مناطق العالم- اللؤلؤة- في قطر، ووفر لي والداي كل ما تحتاجه الطفولة.. وأفقت في ليلة لأجد أمي تحتضنني وتقول «لن أستغني عنك ولن أفرط فيك ولو أخذوا روحي» وتبكي حظها العاثر، فقد أنهيت خدمات والدي وقرر العودة إلى بلده فطلبت منه والدتي أن نعود جميعا.. فقال لا أستطيع عندي زوجة ثانية في لبنان وعندي أولاد.. لكن سوف أرتب الأمر لنعيش سويا في بلد آخر، وما ان عاد حتى فوجئت به يرسل لها حكم طلاق بائن...عاشت حياتها بهدوء وعادت بي إلى تونس.. وحين بلغت العاشرة سألت عن جذوري.. فقالت لي أمي إنها في لبنان.. وتواصلت مع والدي وحجزت لي وأرسلتني أزوره هذا العام.. وخيرني والدي بين العيش معه أم مع والدتي فاخترت أمي التي ربتني وتسهر على تعليمي في أرقى المدارس ولم تحرمني من زيارة والدي والتواصل معه..

قصص وحكايات في الترانزيت من وإلى كل الاتجاهات.. دقق في الوجوه.. تقرأ في كل وجه قصة.. والقصة وراءها رجل يبحث عن شهوة وامرأة تبحث عن استقرار أسري، فكثيرات يقعن فرائس هؤلاء العزاب الذين يقضون وطرهم ويمضون تاركين أطفالا سيبحثون يوما عن جذورهم في بلاد الله الواسعة.سمير البرغوثي

كاتب صحفي أردني

copy short url   نسخ
10/08/2023
165