يقول رسول حمزاتوف في روايته داغستان بلدي:
يقولون في داغستان: الثّور الذي يُحبُّ الخصام يُجمُّ قرناه، والكلب الذي يعض يُربط بالسلسلة. لو كان في العالم مثل هذه القاعدة لأصبحت الحياة ميسورة!
وفي ذات الفلك الذي يدور فيه قول الداغستانيين، يدور كوكب آخر هو أكثر وضاءة، يقول فيه صلى الله عليه وسلم، كما في البخاري من حديث النعمان بن بشير:
مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنّا خرقنا في نصيبنا خرقًا، ولم نؤذ من فوقنا! فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا، ونجوا جميعًا.
إن المجتمعات البشرية كالسفينة، من حق الجميع أن يركبوا فيها، وليس لأحد أن يرمي في البحر أحدًا، ولكن ليس من حقِّ الجميع قيادة السفينة وإلا انتهى بها الأمر محطمة عند الصخور!
البعض ليس لهم إلا أن يركبوا بصمت وبارك الله بنا إذ نسمح لهم أن يركبوا وإلا لولا الخوف من الله ما كانوا يصلحون غير طعام للسمك! وإن في إلجام البعض وكفِّ أيديهم حماية لهم وللمجتمع، تماما كما جعل الشرع وصيًا على مال اليتيم القاصر حتى يبلغ، وعلى مال المجنون حتى يعقل، وما هذا الحجر إلا لصالح كل منهما!
إن حرية التعبير عن الرأي لا يعني أن كل قادر على فكِّ الحرف، يجب أن يُفرد له مكانًا في صحيفة، فإن بعض الكتابة نهيق وإن أنكر الأصوات قد يكون مقالاً!
وإن حقَّ الإنسان في حبِّ وطنه لا يعني أن يشتم هذا ويُخوّن ذاك، ويجعل من نفسه مقياسًا للوطنية، من وافقه فهو وطني خالص ومن خالفه فهو خائن وعميل، ولو تأملت حالنا لوجدت أن أكثر الناس إساءةً لأوطانهم هم أكثرهم إدعاءً للوطنية!
وإن حقَّ الإنسان في تلقي العلوم بشتى أنواعها لا يعني أن من تخرَّج من كلية الشريعة أهل لأن تُمنح له المنابر وتُنصب له كراسي الفتوى، كلكم تعرفون أن الإنسان يمكن أن يكون بلطجيًا وشبيحًا ولو كان على رأسه عمامة!
كان عمر بن الخطاب مغرمًا بالشعر، يقول الذهبي: ما عرض لعمر أمر إلا تمثل له بيت من الشعر، ولكن حبه للشعر لم يمنعه أن يُلجم لسان الحطيئة يوم آذى الناس بشعره، وإن مشاكل المجتمعات ليست في هؤلاء البسطاء الذين لا يدري عنهم أحد، إنما في الشعراء والمفكرين والأدباء والأئمة والتجّار والوزراء والأطباء والمهندسين والمدرسين إذا كان عندهم الكثير من العلم والقليل من الأخلاق.
إنها سفينة تحملنا جميعًا، فإن أردنا أن نُبحر، فالثور الذي يُحبُّ الخصام يجب أن يُجمَّ قرناه، والكلب الذي يعض يجب أن يُربط بالسلسلة!
بقلم: ادهم شرقاوي
يقولون في داغستان: الثّور الذي يُحبُّ الخصام يُجمُّ قرناه، والكلب الذي يعض يُربط بالسلسلة. لو كان في العالم مثل هذه القاعدة لأصبحت الحياة ميسورة!
وفي ذات الفلك الذي يدور فيه قول الداغستانيين، يدور كوكب آخر هو أكثر وضاءة، يقول فيه صلى الله عليه وسلم، كما في البخاري من حديث النعمان بن بشير:
مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنّا خرقنا في نصيبنا خرقًا، ولم نؤذ من فوقنا! فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا، ونجوا جميعًا.
إن المجتمعات البشرية كالسفينة، من حق الجميع أن يركبوا فيها، وليس لأحد أن يرمي في البحر أحدًا، ولكن ليس من حقِّ الجميع قيادة السفينة وإلا انتهى بها الأمر محطمة عند الصخور!
البعض ليس لهم إلا أن يركبوا بصمت وبارك الله بنا إذ نسمح لهم أن يركبوا وإلا لولا الخوف من الله ما كانوا يصلحون غير طعام للسمك! وإن في إلجام البعض وكفِّ أيديهم حماية لهم وللمجتمع، تماما كما جعل الشرع وصيًا على مال اليتيم القاصر حتى يبلغ، وعلى مال المجنون حتى يعقل، وما هذا الحجر إلا لصالح كل منهما!
إن حرية التعبير عن الرأي لا يعني أن كل قادر على فكِّ الحرف، يجب أن يُفرد له مكانًا في صحيفة، فإن بعض الكتابة نهيق وإن أنكر الأصوات قد يكون مقالاً!
وإن حقَّ الإنسان في حبِّ وطنه لا يعني أن يشتم هذا ويُخوّن ذاك، ويجعل من نفسه مقياسًا للوطنية، من وافقه فهو وطني خالص ومن خالفه فهو خائن وعميل، ولو تأملت حالنا لوجدت أن أكثر الناس إساءةً لأوطانهم هم أكثرهم إدعاءً للوطنية!
وإن حقَّ الإنسان في تلقي العلوم بشتى أنواعها لا يعني أن من تخرَّج من كلية الشريعة أهل لأن تُمنح له المنابر وتُنصب له كراسي الفتوى، كلكم تعرفون أن الإنسان يمكن أن يكون بلطجيًا وشبيحًا ولو كان على رأسه عمامة!
كان عمر بن الخطاب مغرمًا بالشعر، يقول الذهبي: ما عرض لعمر أمر إلا تمثل له بيت من الشعر، ولكن حبه للشعر لم يمنعه أن يُلجم لسان الحطيئة يوم آذى الناس بشعره، وإن مشاكل المجتمعات ليست في هؤلاء البسطاء الذين لا يدري عنهم أحد، إنما في الشعراء والمفكرين والأدباء والأئمة والتجّار والوزراء والأطباء والمهندسين والمدرسين إذا كان عندهم الكثير من العلم والقليل من الأخلاق.
إنها سفينة تحملنا جميعًا، فإن أردنا أن نُبحر، فالثور الذي يُحبُّ الخصام يجب أن يُجمَّ قرناه، والكلب الذي يعض يجب أن يُربط بالسلسلة!
بقلم: ادهم شرقاوي