+ A
A -
لأول مرة منذ وصوله إلى السلطة يلتقي الرئيس الفرنسي «إيمانوال ماكرون» مع قائد الانقلاب المصري عبد الفتاح السيسي في باريس. الصحافة الفرنسية الرسمية وشبه الرسمية لم تتردد في إثارة موضوع حقوق الإنسان والوضع الكارثي الذي تعاني منه في دولة العسكر المصرية مثل صحيفة «ليبيراسيون» اليسارية التي أدانت الصمت الرسمي الفرنسي حيال ملف حقوق الإنسان.
لكن التعاطي الإعلامي مع موضوع الانتهاكات والجرائم الممنهجة التي يتعامل بها النظام المصري مع شعبه لا تخفي الكيل الغربي بمكيالين في قضايا حقوق الإنسان لاسيما عندما يتعلق الأمر أيضا بصفقات اقتصادية وعسكرية كبيرة.
فقد نجحت مصر في أن تبيع النظام الإنقلابي حاملتي طائرات «ميسترال» وفرقاطة حربية وما يقارب أربعا وعشرين طائرة من نوع «رافال» محلية الصنع. هذه الصفقة التي قاربت عشرة «مليارات دولار» هي الصفة الأكبر التي تبرمها الصناعات الحربية الفرنسية خلال السنوات الأخيرة كما أنها نجحت في تسويق طائراتها الحربية للمرة الأولى في تاريخ صناعة هذه الطائرة.
السوق الانقلابي المصري هو أهم الأسواق العربية أو يكاد بالنسبة لفرنسا وهو ما يجعل من مسألة حقوق الإنسان مسألة ثانوية لا قيمة لها في العلاقات بين البلدين. بل يمكن القول إن ملف حقوق الإنسان لا يمثل في الحقيقة إلا ورقة ضغط من بين أوراق أخرى تسمح لفرنسا وأوروبا عامة بابتزاز الجنرال المصري. بناء علية فإن مسألة التعذيب والقمع تعتبر في الحقيقة مسألة ضرورية وهامة للطرف الغربي عموما لأنها تشكل ورقة ضغط على الطرف المصري والعربي عامة.
فالحرب على الإرهاب التي يتبجح بها النظام المصري ليست في الحقيقة إلا غطاء يخفي جرائم التعذيب وتشريع الاغتيالات والسجن والإعدام خارج إطار القانون. إن الحرب العالمية على الإرهاب هي وجه آخر للحرب المحلية التي يخوضها النظام الاستبدادي العربي ضد مطالب شعبه بالحرية والعدالة الاجتماعية. فالنظام المصري يدّعي محاربة الإرهاب للتغطية على جرائمه وكذا يفعل النظام في سوريا وقد أباد قرى ومدنا بكاملها باسم الحرب على الإرهاب. لا يوجد اليوم تقريبا نظام عربي واحد لا يقاوم الإرهاب ولا توجد قوة عالمية واحدة لا تقاومه فيتحول اليوم إلى غطاء كبير قادر على إخفاء كثير من الجرائم والانتهاكات عربيا ودوليا.
لقد عرفت صورة فرنسا «الحرية وحقوق الإنسان» هزات عنيفة خلال ثورات الربيع العربي لكنها اليوم تشهد هزات أعنف بدعمها المفتوح للدكتاتوريات العسكرية الجديدة مما يسمح بنسف جديد لكثير من القناعات الواهية في الوعي الشعبي العربي.
بقلم : محمد هنيد
لكن التعاطي الإعلامي مع موضوع الانتهاكات والجرائم الممنهجة التي يتعامل بها النظام المصري مع شعبه لا تخفي الكيل الغربي بمكيالين في قضايا حقوق الإنسان لاسيما عندما يتعلق الأمر أيضا بصفقات اقتصادية وعسكرية كبيرة.
فقد نجحت مصر في أن تبيع النظام الإنقلابي حاملتي طائرات «ميسترال» وفرقاطة حربية وما يقارب أربعا وعشرين طائرة من نوع «رافال» محلية الصنع. هذه الصفقة التي قاربت عشرة «مليارات دولار» هي الصفة الأكبر التي تبرمها الصناعات الحربية الفرنسية خلال السنوات الأخيرة كما أنها نجحت في تسويق طائراتها الحربية للمرة الأولى في تاريخ صناعة هذه الطائرة.
السوق الانقلابي المصري هو أهم الأسواق العربية أو يكاد بالنسبة لفرنسا وهو ما يجعل من مسألة حقوق الإنسان مسألة ثانوية لا قيمة لها في العلاقات بين البلدين. بل يمكن القول إن ملف حقوق الإنسان لا يمثل في الحقيقة إلا ورقة ضغط من بين أوراق أخرى تسمح لفرنسا وأوروبا عامة بابتزاز الجنرال المصري. بناء علية فإن مسألة التعذيب والقمع تعتبر في الحقيقة مسألة ضرورية وهامة للطرف الغربي عموما لأنها تشكل ورقة ضغط على الطرف المصري والعربي عامة.
فالحرب على الإرهاب التي يتبجح بها النظام المصري ليست في الحقيقة إلا غطاء يخفي جرائم التعذيب وتشريع الاغتيالات والسجن والإعدام خارج إطار القانون. إن الحرب العالمية على الإرهاب هي وجه آخر للحرب المحلية التي يخوضها النظام الاستبدادي العربي ضد مطالب شعبه بالحرية والعدالة الاجتماعية. فالنظام المصري يدّعي محاربة الإرهاب للتغطية على جرائمه وكذا يفعل النظام في سوريا وقد أباد قرى ومدنا بكاملها باسم الحرب على الإرهاب. لا يوجد اليوم تقريبا نظام عربي واحد لا يقاوم الإرهاب ولا توجد قوة عالمية واحدة لا تقاومه فيتحول اليوم إلى غطاء كبير قادر على إخفاء كثير من الجرائم والانتهاكات عربيا ودوليا.
لقد عرفت صورة فرنسا «الحرية وحقوق الإنسان» هزات عنيفة خلال ثورات الربيع العربي لكنها اليوم تشهد هزات أعنف بدعمها المفتوح للدكتاتوريات العسكرية الجديدة مما يسمح بنسف جديد لكثير من القناعات الواهية في الوعي الشعبي العربي.
بقلم : محمد هنيد