يقول الرائع رسول حمزاتوف في روايته داغستان بلدي:
وإنه لأمر مفهوم؛ بعضهم يُحب التفاح، وبعضهم يُحب الجوز.. التفاح يُنزع عنه قشره عند أكله، أما الجوز فيجب أن يُكسر.. وهكذا الكتب كل منها يحتاج إلى مقاربة خاصة، الجوزة تحتاج إلى كسارة ولا يجوز معالجتها بالسكين، والتفاحة الطرية العطرة لا يجوز معالجتها بكسارة، وكل إنسان حين يقرأ كتاباً، يرى فيه عيوبه هو، وماذا في الأمر؟! يُقال إنه حتى ابنة المُلا نفسها لا تخلو من العيوب، أما كتابي هذا فحدِّث عنه ولا حرج!
من يقرأ داغستان بلدي يعرف إلى أي حد هو متواضع رسول حمزاتوف، وبرأيي.. فإن صحَّ ما يُقال إن لكل أديب كتاباً ما يتفوق فيه على نفسه، ويستحيل عليه تكراره، فإن داغستان بلدي هي التي تفوَّق فيها حمزاتوف على نفسه، وحين يُصرُّ حمزاتوف على أنه شاعر، أرى حمزاتوف الشاعر لا شيء مقارنة بحمزاتوف الروائي، ربما لأن الشعر المترجم يفقد شيئًا من روحه، وربما لأن الرواية أصابتني بالذهول فعلاً!
المهم أنه لا يخفى على شريف علمكم أن كثيرًا من الكُتّاب يعانون من مرض العنجهية، وترونهم ينظرون إلى كتبهم بعين القداسة، ولولا الحياء لوضع أحدهم على غلاف كتابه فاتحة سورة البقرة: «ذلك الكتاب لا ريب فيه» وكأنه وحي نزل به جبريل لا كتابة بشرية لها وعليها، وأنَّ الناس في الكتابة كالناس في الفتوى «كلٌّ يؤخذ منه ويرد إلا صاحب هذا القبر» كما قال الإمام مالك وهو يشير إلى قبر النبي، صلى الله عليه وسلم.
أفهم تماماً أن الإنسان ينتشي بما ينتج، الأبوان يفاخران بابنهما المتفوق، والمزارع يزدهي بمحصوله الوافر، والمهندس يُسرّ ببناية أنشأها حجرًا حجرًا، والطبيب يفخر إذا أنقذ مصابًا من براثن الموت، حتى عامل النظافة يحقُّ له أن يبتهج إذا أزال أوساخنا عن الطريق! ولكن الابتهاج شيء والتكبر شيء آخر!
بعضُ الكُتّاب لو قلتَ له: لو وضعت هذه الكلمة بدل تلك لاحتدَّ كأنك شتمت أمه! وبعض الشعراء لو انتقدت صورة شعرية له في بيتٍ ما لانتفخت أوداجه، وركبه شيطان المتنبي، وكاد أن يقول لك: أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي!
الأمر أيسر من ذلك أيها القوم! نحن نملك النص الأدبي، ولكننا لا نملك أذواق الناس لنحملهم على الإعجاب بما نكتب! من حقّ الناس ألا يعجبهم بعض أو كل ما نكتب، فنحن في نهاية المطاف نحمل قلمًا لا سوطًا، فتواضعوا يرحمكم الله!
بقلم : أدهم شرقاوي
وإنه لأمر مفهوم؛ بعضهم يُحب التفاح، وبعضهم يُحب الجوز.. التفاح يُنزع عنه قشره عند أكله، أما الجوز فيجب أن يُكسر.. وهكذا الكتب كل منها يحتاج إلى مقاربة خاصة، الجوزة تحتاج إلى كسارة ولا يجوز معالجتها بالسكين، والتفاحة الطرية العطرة لا يجوز معالجتها بكسارة، وكل إنسان حين يقرأ كتاباً، يرى فيه عيوبه هو، وماذا في الأمر؟! يُقال إنه حتى ابنة المُلا نفسها لا تخلو من العيوب، أما كتابي هذا فحدِّث عنه ولا حرج!
من يقرأ داغستان بلدي يعرف إلى أي حد هو متواضع رسول حمزاتوف، وبرأيي.. فإن صحَّ ما يُقال إن لكل أديب كتاباً ما يتفوق فيه على نفسه، ويستحيل عليه تكراره، فإن داغستان بلدي هي التي تفوَّق فيها حمزاتوف على نفسه، وحين يُصرُّ حمزاتوف على أنه شاعر، أرى حمزاتوف الشاعر لا شيء مقارنة بحمزاتوف الروائي، ربما لأن الشعر المترجم يفقد شيئًا من روحه، وربما لأن الرواية أصابتني بالذهول فعلاً!
المهم أنه لا يخفى على شريف علمكم أن كثيرًا من الكُتّاب يعانون من مرض العنجهية، وترونهم ينظرون إلى كتبهم بعين القداسة، ولولا الحياء لوضع أحدهم على غلاف كتابه فاتحة سورة البقرة: «ذلك الكتاب لا ريب فيه» وكأنه وحي نزل به جبريل لا كتابة بشرية لها وعليها، وأنَّ الناس في الكتابة كالناس في الفتوى «كلٌّ يؤخذ منه ويرد إلا صاحب هذا القبر» كما قال الإمام مالك وهو يشير إلى قبر النبي، صلى الله عليه وسلم.
أفهم تماماً أن الإنسان ينتشي بما ينتج، الأبوان يفاخران بابنهما المتفوق، والمزارع يزدهي بمحصوله الوافر، والمهندس يُسرّ ببناية أنشأها حجرًا حجرًا، والطبيب يفخر إذا أنقذ مصابًا من براثن الموت، حتى عامل النظافة يحقُّ له أن يبتهج إذا أزال أوساخنا عن الطريق! ولكن الابتهاج شيء والتكبر شيء آخر!
بعضُ الكُتّاب لو قلتَ له: لو وضعت هذه الكلمة بدل تلك لاحتدَّ كأنك شتمت أمه! وبعض الشعراء لو انتقدت صورة شعرية له في بيتٍ ما لانتفخت أوداجه، وركبه شيطان المتنبي، وكاد أن يقول لك: أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي!
الأمر أيسر من ذلك أيها القوم! نحن نملك النص الأدبي، ولكننا لا نملك أذواق الناس لنحملهم على الإعجاب بما نكتب! من حقّ الناس ألا يعجبهم بعض أو كل ما نكتب، فنحن في نهاية المطاف نحمل قلمًا لا سوطًا، فتواضعوا يرحمكم الله!
بقلم : أدهم شرقاوي