كان الصحابي «خباب بن الأرت» يعمل حدادا في مكة، وقد قصده «العاص بن وائل» في عمل له، فلما انتهى «خباب» من عمله، ذهب إلى «العاص بن وائل» يطلب أجرته.
فقال له العاص: لا أعطيك حتى تكفر بمحمد!
ولعلك الآن تسأل: ما علاقة خلاف الأفكار بأداء الحقوق؟
فأجيبك: إن كنت تحسب أن تصرف «العاص بن وائل» هو تصرف فردي فأنت واهم، «العاص» عقلية أكثر منه شخص! وأنت أشد وهما إن كنت تحسب أن الجاهلية قد انتهت، وأنه ما عاد أحد يبتز أحدا في حقه ووظيفته لأجل خلاف في الرأي! كل ما في الأمر أن الجاهلية خلعت عمامة العرب ولبست رابطة عنق الفرنجة! وأن العقلية واحدة، وأن المواقف تتكرر، والحوادث تتناسخ، ولكن نحن الذين لا نتعلم!
الأستاذة الجامعية البريطانية الشهيرة «كاثلين ستوك» لها موقف معارض «للتحول الجنسي» وترى أن الرجل يستحيل أن يصبح امرأة، وأن المرأة يستحيل أن تصبح رجلا، كما أنه ليس من العدل أن يشارك «المتحولون» من الرجال بالمسابقات الرياضية المخصصة للنساء، لأن بنيتهم أقوى، وأجسامهم أصلب!
أجبرت الجامعة «كاثلين» على الاستقالة، بعد حملة شعواء في وسائل الإعلام تم اتهام الجامعة بأنها ترعى «رهاب التحول الجنسي بشكل مؤسساتي»!
قضية «العاص بن وائل» مع «خباب بن الأرت» بصورتها حديثة، آمن بما أمليه عليك تحصل على وظيفة، وتأخذ راتبك، تبن رأيا مخالفا فلا حقوق لك!
لقد تعاطفت مع «كاثلين» بلا شك، وهذا من فطرتك السليمة، وعقلك الموجود في مكانه الصحيح! حسنا، إليك الآن الوجه الآخر للصورة:
الأستاذة «كاثلين» شاذة تعيش مع صديقتها في بيت واحد، وتدافع باستماتة عن حقوق الشواذ، ورغم هذا لم يقبلوا منها أن تخالفهم في شيء من جنونهم!
الأمر ببساطة: حتى تكفر بمحمد!
لن يتركوكم توافقوهم في بعض الأمر وتخالفوهم في بعضه، والرهاب هو التهمة الجاهزة، والقادم أعظم، فإن وافقت على حقوق الشواذ فالخطوة التالية أن تمارسها، وإلا كنت من مرضى الرهاب! عليك أن تسلمهم نفسك، وليس من حقك أن تؤمن بإله من آلهتهم وتكفر بآخر، كلما نحتوا صنما عليك أن تسجد له!
يخيل إليَّ أن كفار قريش الذين كانوا يجتمعون في دار الندوة كانوا جاهليين مبتدئين، الجاهلية الحقيقية هي التي نعيشها نحن الآن!
وما زالوا يبحثون عن مخلوقات في الكواكب الأخرى ليروهم هذا القرف الذي هم فيه!