فجأة، وبدون مقدمات، اقتحمت حكومة الوحدة الوطنية، أو لنقل ممثلتها للسياسة الخارجية، ساحة التقارب مع الكيان الإسرائيلي، واجتمعت بممثل الدبلوماسية الإسرائيلية في لقاء غير عارض.

يجب أن ندرك أن الضعف الذي تعيشه الدولة الليبية خير ظرف لتمرير الأجندة الإسرو-أميركية، إن صح التعبير.. وردود الفعل الواسعة دفعت عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية إلى التراجع عن هذا المسار، وسيكون من العسير إقناع الرأي العام، أو النخبة منه، أن نجلاء المنقوش مضت في تقاربها مع إسرائيل منفردة ودون أن تحيطه علما بذلك!!

ذهاب الدبيبة إلى السفارة الفلسطينية، وإصداره قرار إيقاف المنقوش عن عملها وإحالتها للتحقيق، يؤكد أنه أدرك مخاطر ما وقع، لكنه في المقابل يواجه صعابا في حال قرر التماهي مع موقف الرأي العام الليبي من الاقتراب من الكيان الاسرائيلي.

السؤال المهم جدا هو: كيف ستتصرف المنقوش في حال تحملت وحدها وزر هذه السياسة التعيسة؟ فردود الفعل العفوية تركزت حولها، ويبدو أن الخطوات التي اتبعها الدبيبة حتى الآن وجهت معظم السهام صوبها وأبعدت الكثير منها عنه، وسيكون موقف المنقوش أكثر حرجا إذا تمت إدانتها بعد التحقيق.

الموقف من الكيان الاسرائيلي جزء من عقيدة ووجدان كل الليبيين،ولولا تجذر هذه العقيدة وهذا الشعور في الليبيين ما وجد ضباط سبتمبر الصغار سبيلا للنجاح والانقلاب على الحكم الملكي؛ الذي برغم مزاياه الكثيرة إلا أنه لم يستطع التعاطي الإيجابي مع الحالة الفكرية والوجدانية التي اجتاحت الشارع الليبي في ستينيات القرن الماضي تأييدا للأنظمة الثورية التي رفعت شعار التصدي للكيان الاسرائيلي.

{ عربي 21