+ A
A -
يقولُ خبراء التربية: إذا كان لديك أطفال وبيتك على الدوام مرتب ومنمق ونظيف، وكل شيء في مكانه تمامًا فأنتَ أبٌّ سيئ أو أم سيئة، لأن البيت المرتب على الدوام في وجود أطفال يعني أن حرمانًا وجبروتًا وسلطة قوية تمارس على الأطفال، والبيت المرتب على الدوام يعني أن طفولة تُسرق، وخيالاً يُسجن، وروحًا تُداس بالأقدام!
لستُ ضدَّ أن يكون في البيت نظام وقانون، أي تجمع بشري صغيراً كان أو كبيراً لا يحكمه نظام وقانون وعُرف مصيره الخراب، ولكن الأنظمة والقوانين إنما كانت لتنظيم حياتنا وليس لسرقتها! ولكن ما أنا ضده تمامًا أن يعتقد الأبوان وخصوصًا الأم لأنها معنية بترتيب بيتها أكثر من الأبِّ، ولأنها أرهف إحساسًا وغريزتها تجاه التنسيق أعمق من غريزته، إن أثاث البيت يجب أن يكون كآلهة قريش في الجاهلية تنحني له الرقاب وتقدّم له القرابين! الأثاث في البيت إنما نشتريه لنستخدمه لا لنقدسه، ونحن إنما يجب أن نكون بين بين لا إفراط ولا تفريط.
حاجة الطفل إلى اللعب، كحاجة الشاعر إلى قصيدة، وحاجة الشجرة إلى الماء، وحاجة العاشق إلى وجه حبيبته! فهو ليس تمضية وقت بقدر ما هو تعبير عن الذات واكتشاف للعالم، عندما كانت ابنتي صغيرة وتنزل بها حمى البحر المتوسط لم نكن نعرف قبل التشخيص من الأعراض إلا ارتفاع الحرارة، ولكني سمعتها تحضن لعبتها وتقول لها: يا حبيبتي أنت عندما تمرضين يؤلمنك بطنك، وتشعرين أنك ستتقيئين ولا تستطيعين، وتشعرين بالبرد وتريدين من يحضنك! وحضنت لعبتها!
أولادنا أهم من الكراسي والطاولات والمزهريات واللوحات والسجاد، ثم ماذا يعني أن يتسخ البيت، وتتناثر أقلام التلوين، وتتكوم الأوراق، بدل أن نحرمهم لنعقد معهم اتفاقًا أن عليهم أن ينظفوا وراءهم!
الأوراق المتناثرة والورق الممزق يعني أنهم يعيشون طفولتهم، وأنكِ أمّ عظيمة تتركينهم يكبرون بسلام
سل الغسيل يعني أنك لست دكتاتورية وإنما أم رائعة تحوطهم بالرعاية والاهتمام.
البيوت التي ليس فيها أولاد قبور على هيئة بيوت، يتمنى الذين حُرموا الأولاد لو كان عندهم ولد يقلب البيت رأسًا على عقب! وتتمنى الزوجة التي ليس عندها ولد لو كان عندها ولد يكسر كل ساعة صحنا، ويلوث ملابسه كل دقيقة!
علِّمُوهم على النظام، وربُّوهم على الترتيب، ولكن لا تقطعُوا أجنحتهم، دعُوهم يُحلقون!
بقلم : أدهم شرقاوي
لستُ ضدَّ أن يكون في البيت نظام وقانون، أي تجمع بشري صغيراً كان أو كبيراً لا يحكمه نظام وقانون وعُرف مصيره الخراب، ولكن الأنظمة والقوانين إنما كانت لتنظيم حياتنا وليس لسرقتها! ولكن ما أنا ضده تمامًا أن يعتقد الأبوان وخصوصًا الأم لأنها معنية بترتيب بيتها أكثر من الأبِّ، ولأنها أرهف إحساسًا وغريزتها تجاه التنسيق أعمق من غريزته، إن أثاث البيت يجب أن يكون كآلهة قريش في الجاهلية تنحني له الرقاب وتقدّم له القرابين! الأثاث في البيت إنما نشتريه لنستخدمه لا لنقدسه، ونحن إنما يجب أن نكون بين بين لا إفراط ولا تفريط.
حاجة الطفل إلى اللعب، كحاجة الشاعر إلى قصيدة، وحاجة الشجرة إلى الماء، وحاجة العاشق إلى وجه حبيبته! فهو ليس تمضية وقت بقدر ما هو تعبير عن الذات واكتشاف للعالم، عندما كانت ابنتي صغيرة وتنزل بها حمى البحر المتوسط لم نكن نعرف قبل التشخيص من الأعراض إلا ارتفاع الحرارة، ولكني سمعتها تحضن لعبتها وتقول لها: يا حبيبتي أنت عندما تمرضين يؤلمنك بطنك، وتشعرين أنك ستتقيئين ولا تستطيعين، وتشعرين بالبرد وتريدين من يحضنك! وحضنت لعبتها!
أولادنا أهم من الكراسي والطاولات والمزهريات واللوحات والسجاد، ثم ماذا يعني أن يتسخ البيت، وتتناثر أقلام التلوين، وتتكوم الأوراق، بدل أن نحرمهم لنعقد معهم اتفاقًا أن عليهم أن ينظفوا وراءهم!
الأوراق المتناثرة والورق الممزق يعني أنهم يعيشون طفولتهم، وأنكِ أمّ عظيمة تتركينهم يكبرون بسلام
سل الغسيل يعني أنك لست دكتاتورية وإنما أم رائعة تحوطهم بالرعاية والاهتمام.
البيوت التي ليس فيها أولاد قبور على هيئة بيوت، يتمنى الذين حُرموا الأولاد لو كان عندهم ولد يقلب البيت رأسًا على عقب! وتتمنى الزوجة التي ليس عندها ولد لو كان عندها ولد يكسر كل ساعة صحنا، ويلوث ملابسه كل دقيقة!
علِّمُوهم على النظام، وربُّوهم على الترتيب، ولكن لا تقطعُوا أجنحتهم، دعُوهم يُحلقون!
بقلم : أدهم شرقاوي