+ A
A -
لو كان الإنسان يعلم ما يخبئ له الغد، لما واصل مسار حياته، واختار امسه، جملة قلتها وأنا أغادر غرفة اللهو في قصر كولستان في شارع ولي عصر في طهران قصر حكم الشاهنشاه «ملك الملوك» محمد رضا اخر شاه من سلالة بهلوي الذي حكم إيران بالنار والحديد.
ولو كان يعرف مصيره وهو يطارد المطالبين بالحرية انهم سيطاردونه لإعطائهم مطالبهم، كنت أبحث عن ابن وولي عهده رضا، الذي اختار الاختفاء عن الأنظار حين علمت انه يلجأ إلى دولة في اميركا اللاتينية لأسأله، هل فكر يوما أن تطير منه ولاية العهد ويصبح مطاردا من حكم الملالي.
الجملة نفسها رددتها وأنا أرى صدام معلقا في مشنقة عيد الأضحى، ولو كان يعلم أن ولديه وحفيده سيقتلون وأن ساجدة ورغد ومصطفى وأحفاده سيشردون، لاختار أن يبقى مواطنا عاديا ولا يجري ولسنة العراق ما جرى وباتوا يطاردون من مدينة إلى مدينة ويذبحون من الوريد إلى الوريد.
جملة رددتها وأنا أرى ما حل بالرئيس مبارك وزين العائدين والقذافي ومرسي، لو انهم كانوا يعلمون مصيرهم لما اختاروا الاستمرار في حاضرهم وعادوا إلى أمسهم.
وحكايات التاريخ ودول سادت ودول بادت لم تنته وقصصهم في التاريخ كثيرة استحضر منها قصة كانت هي بداية انهيار الدولة الإسلامية وساهمت فيها هذه الأسرة وهي أسرة البرامكة.
والبرامكة أسرة من بلدة بلخ - بـ«أفغانستان» على مقربة من مدينة «مزار شريف»- اقتربوا من العباسيين، حتى صارت لهم الحظوة في عهد «الخليفة المهدي»، الذي ضَمَّ ابنَه «هارونَ الرشيد»، إلى «يحيى بن خالد البرمكي»، وجعَلَه في حِجره، فربَّاه يحيى، وأرضعَتْه أمرأتُه مع ابنه الفضل، وصار الرشيدُ ابنَ يحيى من الرضاعة، فلما استُخلِفَ الرشيد، عَرَف ليحيى حقَّه، وولاه الوزارة، وكان يُعظِّمه، وإذا ذكره قالَ: أبي، وجعَلَ إصدارَ الأمور وإيرادَها إليه، إلى أن جرى ما جرى، فَغَضِبَ هارون على يحيى بن خالد البرمكي، وخلَّده في الحَبْس، إلى أن مات فيه سنة مائة وتسعين هجرية، وقَتَل ابنَهُ جعفراً!
ويُروَى أن جعفر قال لأبيه يحيى بن خالد، وهُمْ في القيود والحَبْس: يا أبتِ بعدَ الأمر والنهي والأموالِ العظيمة، أصارَنا الَّدهرُ إلى القُيُودِ ولُبس الصُّوف والحَبْس! فقال له أبوه: يا بُنيَّ لَعلَّها دعوةُ مظلومٍ سَرَتْ بليل غَفَلنا عنها! ولم يَغْفُل اللهُ عنها، ثم أنشأ يقول:
رُبَّ قومٍ قد غَدَوْا في نَعْمةٍ.. زَمَناً والدهرُ رَيَّانٌ غَدَقْ
سَكَتَ الدهرُ زَمَاناً عنهمُ.. ثم أبكاهُمْ دَماً حِينَ نَطَقْ!
بقلم : سمير البرغوثي
ولو كان يعرف مصيره وهو يطارد المطالبين بالحرية انهم سيطاردونه لإعطائهم مطالبهم، كنت أبحث عن ابن وولي عهده رضا، الذي اختار الاختفاء عن الأنظار حين علمت انه يلجأ إلى دولة في اميركا اللاتينية لأسأله، هل فكر يوما أن تطير منه ولاية العهد ويصبح مطاردا من حكم الملالي.
الجملة نفسها رددتها وأنا أرى صدام معلقا في مشنقة عيد الأضحى، ولو كان يعلم أن ولديه وحفيده سيقتلون وأن ساجدة ورغد ومصطفى وأحفاده سيشردون، لاختار أن يبقى مواطنا عاديا ولا يجري ولسنة العراق ما جرى وباتوا يطاردون من مدينة إلى مدينة ويذبحون من الوريد إلى الوريد.
جملة رددتها وأنا أرى ما حل بالرئيس مبارك وزين العائدين والقذافي ومرسي، لو انهم كانوا يعلمون مصيرهم لما اختاروا الاستمرار في حاضرهم وعادوا إلى أمسهم.
وحكايات التاريخ ودول سادت ودول بادت لم تنته وقصصهم في التاريخ كثيرة استحضر منها قصة كانت هي بداية انهيار الدولة الإسلامية وساهمت فيها هذه الأسرة وهي أسرة البرامكة.
والبرامكة أسرة من بلدة بلخ - بـ«أفغانستان» على مقربة من مدينة «مزار شريف»- اقتربوا من العباسيين، حتى صارت لهم الحظوة في عهد «الخليفة المهدي»، الذي ضَمَّ ابنَه «هارونَ الرشيد»، إلى «يحيى بن خالد البرمكي»، وجعَلَه في حِجره، فربَّاه يحيى، وأرضعَتْه أمرأتُه مع ابنه الفضل، وصار الرشيدُ ابنَ يحيى من الرضاعة، فلما استُخلِفَ الرشيد، عَرَف ليحيى حقَّه، وولاه الوزارة، وكان يُعظِّمه، وإذا ذكره قالَ: أبي، وجعَلَ إصدارَ الأمور وإيرادَها إليه، إلى أن جرى ما جرى، فَغَضِبَ هارون على يحيى بن خالد البرمكي، وخلَّده في الحَبْس، إلى أن مات فيه سنة مائة وتسعين هجرية، وقَتَل ابنَهُ جعفراً!
ويُروَى أن جعفر قال لأبيه يحيى بن خالد، وهُمْ في القيود والحَبْس: يا أبتِ بعدَ الأمر والنهي والأموالِ العظيمة، أصارَنا الَّدهرُ إلى القُيُودِ ولُبس الصُّوف والحَبْس! فقال له أبوه: يا بُنيَّ لَعلَّها دعوةُ مظلومٍ سَرَتْ بليل غَفَلنا عنها! ولم يَغْفُل اللهُ عنها، ثم أنشأ يقول:
رُبَّ قومٍ قد غَدَوْا في نَعْمةٍ.. زَمَناً والدهرُ رَيَّانٌ غَدَقْ
سَكَتَ الدهرُ زَمَاناً عنهمُ.. ثم أبكاهُمْ دَماً حِينَ نَطَقْ!
بقلم : سمير البرغوثي