+ A
A -
من القوانين الجميلة في هذا العالم، قانون سنغافوري يقول:
إذا رميتَ النفايات في الشارع ثلاث مراتٍ تُعاقب أيّام الآحاد بتنظيف الشارع وأنتَ ترتدي زيّا مكتوب عليه: «أنا أُلقي النفايات»!
وليس بعيدًا عما عليه السنغافوريين، في العام الماضي قرأتُ عن لصٍّ في البرازيل اقتحم بين صاحب محل أوشام، فانطلقتْ أجهزة الإنذار في البيت، فجاء صاحب البيت وأمسك باللصِّ ولم يتصل بالشرطة، وإنما أوثقه ووشم على جبهته جملة تقول: لا يكفي أني لصّ ولكني غبي أيضًا!
تعجبني سياسة العين بالعين، ولا أنتقصُ من العفو والقيم النبيلة والتسامح، هذا هو الأصل فيما يقع بين الناس، ولكن ثمة مواقف في الحياة يصبح العفو فيها مهزلة، ومضيعة للوقت، تمامًا كمحاولة إجراء تنفس اصطناعي لميت! ولا أبالغ لو أن القوانين تأخذ هذه السياسة بعين الاعتبار وتعمدُ إلى تنفيذها لكانت أجدى وأنفع بكثير من الإجراءات القانونية المُتّبعة، وبالمناسبة إن باب التعزير في الشريعة الإسلامية قائم على هذا المبدأ، فليس من العدل أن يسقط كل فعل مشين ليس فيه حدّ!
لو أنّ متحرشًا يُلقى عليه القبض، ويُطاف به في الشوارع وهو يلبسُ قميصًا كُتب عليه: أنا متحرش! لخفت هذه الظاهرة كثيرًا، ولارتدع كثيرون!
ولو أن كل من اعتدى على إنسان بالضرب أحضرناه إلى مكان عام، وأعطينا المُعتدَى عليه عصًا ليضربه على رؤوس الأشهاد كما فعل عمر بن الخطاب من ابن عمرو بن العاص في حادثة القبطي الشهيرة والتي يتنطع كثيرون بعدم صحتها بحجة انقطاع في السند، رغم أن الحادثة تقع ضمن الأخبار التاريخية لا ضمن الأحاديث النبوية وبمنطق الأسانيد هذا يجب أن نحرق كل كتب التاريخ لانقطاع أسانيدها، وحجة أخرى أنها تُسيء لعمر بن الخطاب وعمرو بن العاص، ولا أعلم أين الإساءة في أن يقتصّ الخليفة للضعيف من ابن الوالي، ولا أين الإساءة في أن يُحضر الوالي ابنه للقصاص! واللهِ إن لم تكن هذه في فضائل الرّجلين، لما بقي على الأرض فضائل!
بقي أن أشير أنّ ما أدعو إليه، وهو انتصار المظلوم أمام الرأي العام ومن خلاله هَدي نبويٌّ بالأساس، فقد روى البخاري في الأدب المفرد:
أن رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
يا رسول الله إن لي جارًا يؤذيني
فقال له النبي: انطلق فأخرج متاعك إلى الطريق
فانطلق فأخرج متاعه، فجعل الناس يمرون به ويسألونه عن السبب فيقول: لي جار يؤذيني فذكرتُ ذلك للنبي فقال لي: أخرج متاعك إلى الطريق
فجعلوا يقولون: اللهم العنة، اللهم اخزه
فبلغ ذلك جاره: فأتاه فقال: أرجع إلى منزلك، فو اللهِ لا أؤذيك!
بقلم : أدهم شرقاوي
إذا رميتَ النفايات في الشارع ثلاث مراتٍ تُعاقب أيّام الآحاد بتنظيف الشارع وأنتَ ترتدي زيّا مكتوب عليه: «أنا أُلقي النفايات»!
وليس بعيدًا عما عليه السنغافوريين، في العام الماضي قرأتُ عن لصٍّ في البرازيل اقتحم بين صاحب محل أوشام، فانطلقتْ أجهزة الإنذار في البيت، فجاء صاحب البيت وأمسك باللصِّ ولم يتصل بالشرطة، وإنما أوثقه ووشم على جبهته جملة تقول: لا يكفي أني لصّ ولكني غبي أيضًا!
تعجبني سياسة العين بالعين، ولا أنتقصُ من العفو والقيم النبيلة والتسامح، هذا هو الأصل فيما يقع بين الناس، ولكن ثمة مواقف في الحياة يصبح العفو فيها مهزلة، ومضيعة للوقت، تمامًا كمحاولة إجراء تنفس اصطناعي لميت! ولا أبالغ لو أن القوانين تأخذ هذه السياسة بعين الاعتبار وتعمدُ إلى تنفيذها لكانت أجدى وأنفع بكثير من الإجراءات القانونية المُتّبعة، وبالمناسبة إن باب التعزير في الشريعة الإسلامية قائم على هذا المبدأ، فليس من العدل أن يسقط كل فعل مشين ليس فيه حدّ!
لو أنّ متحرشًا يُلقى عليه القبض، ويُطاف به في الشوارع وهو يلبسُ قميصًا كُتب عليه: أنا متحرش! لخفت هذه الظاهرة كثيرًا، ولارتدع كثيرون!
ولو أن كل من اعتدى على إنسان بالضرب أحضرناه إلى مكان عام، وأعطينا المُعتدَى عليه عصًا ليضربه على رؤوس الأشهاد كما فعل عمر بن الخطاب من ابن عمرو بن العاص في حادثة القبطي الشهيرة والتي يتنطع كثيرون بعدم صحتها بحجة انقطاع في السند، رغم أن الحادثة تقع ضمن الأخبار التاريخية لا ضمن الأحاديث النبوية وبمنطق الأسانيد هذا يجب أن نحرق كل كتب التاريخ لانقطاع أسانيدها، وحجة أخرى أنها تُسيء لعمر بن الخطاب وعمرو بن العاص، ولا أعلم أين الإساءة في أن يقتصّ الخليفة للضعيف من ابن الوالي، ولا أين الإساءة في أن يُحضر الوالي ابنه للقصاص! واللهِ إن لم تكن هذه في فضائل الرّجلين، لما بقي على الأرض فضائل!
بقي أن أشير أنّ ما أدعو إليه، وهو انتصار المظلوم أمام الرأي العام ومن خلاله هَدي نبويٌّ بالأساس، فقد روى البخاري في الأدب المفرد:
أن رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
يا رسول الله إن لي جارًا يؤذيني
فقال له النبي: انطلق فأخرج متاعك إلى الطريق
فانطلق فأخرج متاعه، فجعل الناس يمرون به ويسألونه عن السبب فيقول: لي جار يؤذيني فذكرتُ ذلك للنبي فقال لي: أخرج متاعك إلى الطريق
فجعلوا يقولون: اللهم العنة، اللهم اخزه
فبلغ ذلك جاره: فأتاه فقال: أرجع إلى منزلك، فو اللهِ لا أؤذيك!
بقلم : أدهم شرقاوي