+ A
A -
م. أنس معابرة

م. أنس معابرةالعقاب واحد من أكبر المعضلات التي يواجهها أولياء الأمور، إذ هم يدركون أنه من الضروري أن يلجؤوا إليه في وقت ما، وفي ذات الوقت يخشون التبعات السلبية التي قد تلي العقاب أحياناً.

نعم؛ العقاب قد يترك أثراً سلبياً على الأبناء، خصوصاً إذا لم يكن في مكانه الصحيح، أو إن كان مبالغاً فيه، أو إن لم يعمل على تغيير سلوك الأولاد، وفي هذه الحالة من الممكن تسميته بـ «العقاب السلبي».

كغيري من أولياء الأمور، وبعد أكثر من عقد في الأبوة، أجد نفسي محتاراً في موضوع العقاب للأبناء، أتردد كثيراً قبل الإقدام عليه، وألوم نفسي كثيراً بعد أن يقع العقاب على أحد أبنائي، خاصة أنه في كثير من الأحيان ما تفشل العقوبات، ولا تؤتي ثمارها، بل ربما قد تزيد الطين بِلة أحياناً.

وأنا أؤمن تماماً أن «العقاب الإيجابي» الذي يعمل على تحسين سلوك الأولاد، ويخلصهم من عادة سيئة، ويصحح لهم مسارهم، جزء من عملية التربية المتكاملة، وكثيراً ما أردد عبارة: «العقاب للأطفال كالسماد للنبات، كثيره قاتل، وغيابه يترك النبات ضعيفاً».

أضع لكم هنا مجموعة من الأساليب التي يمكن اعتبارها بدائل للعقاب، أو يمكن وصفها بأنها من أشكال العقاب الإيجابي:

أولاً: عند قيام الطفل بتصرف خاطئ، عليك شرح كيفية القيام بذلك بطريقة صحيحة، والطلب منه القيام بذلك مرة أخرى أمامك، وعدة مرات أحياناً، إلى أن تصل الرسالة إليه بالطريقة الصحيحة.

ثانياً: عند قيام أحد أبنائك بتصرف لا يعجبك، لا تتردد في التعبير عن مشاعرك بعدم تأييد هذه التصرف، وكن واضحاً في وصف ذلك التصرف بأنه خاطئ، ومخالف للدين أو العادات والتقاليد والأخلاق، دون أن تقلل من احترامك لولدك، أو أن تحتقره شخصياً.

بعد ذلك عليك أن تصف توقعاتك من الطفل، بأن لا يتصرف بتلك الطريقة الخاطئة، بل أن يقوم بالعمل بالطريقة الصحيحة المثالية.

ثالثاً: يجب أن نفتح المجال أمام الأطفال للتعويض عن الأخطاء التي يرتكبونها، وأن نتيح لهم عدة خيارات أيضاً، فلو تأخر ولدك عن حافلة المدرسة عدة مرات؛ أسأله عن كيفية تعويض ذلك، مثل النوم مبكراً، وإضافة ساعة منبه في الغرفة، أو تغيير وقت الدراسة لإتاحة النوم باكراً. ومن الممكن تخييره بين الالتزام بالموعد، أو إلغاء نشاطات نهاية الأسبوع، وهكذا.

رابعاً: لا تتردد في اتخاذ قرار حاسم بالعقاب حيال بعض التجاوزات الخطيرة، وكن حازماً في ذلك، لأن التغاضي عنها قد يقود إلى انحراف أكبر، بل ربما قد يتسبب في تكرار التجاوز ذاته من الطفل أو من أحد إخوته.

خامساً: اترك الطفل يعاني سلبيات بعض الأخطاء التي يقترفها بين الحين والآخر، إن واحداً من أكثر طرق صناعة الفشل شيوعاً هو أن نكون الحصن المتين لأولادنا، أو نكون «السوبر أولياء أمور» الذين يتدخلون في كل ضائقة لتخليص الطفل من شرور أعماله ونتائجها، وأن نعمل على تبرير أخطائه والتعامل مع تجاوزاته وتبعاتها، دون أن نقف عند تلك الأخطاء والتجاوزات للتفكير والتصرّف.

إذا كان الأمر كذلك؛ سيجد الطفل دافعاً لارتكاب بعض الأخطاء، وسيكون متأكداً من تدخل أولياء أموره لتخليصه من أية ورطة قد يجد فيها نفسه.

في هذا النوع من العقاب، تأكد أن تبعات الخطأ لا تؤثر على صحة الطفل النفسية والجسدية، أو أنها لا تلحق به أو بالآخرين ضرراً، وأنها تطاله وحده بتأثير محدود فقط.

copy short url   نسخ
16/09/2023
10