زخر تراث العلوم السياسيَّة بالعديد من التنظيرات عن الأحزاب السياسيَّة، ولم ينته القرن العشرون إلا عن تراكم كبير من الأدبيات التي تناولت الأحزاب في ماهيتها وبنيتها التنظيميَّة وهيكليتها ووظائفها وأهدافها وأنواعها، تعرف الأدبيات السياسيَّة الحزب بأنه: تجمع بين رجال ذوي رأي واحد لتضمن لها تأثيراً حقيقياً فعلياً في إدارة الشؤون العامة، وفي تعريفٍ ثانٍ: هو مجموعة من الناس اتحدوا للعمل بمجهودهم المشترك على تحقيق الصالح العام على أساس مبدأ بذاته يتفقون كلهم عليه.

وفي تعريفٍ ثالثٍ: مجموعة من الناس ينتظمهم تنظيمٌ معينٌ وتجمعهم مصالح سياسيَّة ومبادئ معينة ويهدفون إلى الوصول إلى السلطة والمشاركة فيها.

ويلاحظ أنَّ جميع التعريفات هذه تتضمن عناصر مشتركة أو ما يسمى بثلاثية غرامشي؛ وهي العنصر البشري، وعنصر التلاحم والترابط، والعنصر الوسيط الذي يربط العنصر البشري بعنصر التلاحم، وهو بلا شك الفكرة أو المبدأ وما يتولد عنه من مشاعر وروابط إنسانيَّة تزيد تلاحم المجموعة وتمدها بطاقة العمل وإرادة السعي لتحقيق الأهداف والصبر على المكاره والصعوبات والتضحية والمقاومة في سبيل تحقيق مبادئ الحزب.

يقول خبراء السياسة إنَّ الأحزاب في الدول الديمقراطيَّة تعبّرُ عن أوجه الصراع والتنافس بين الجماعات المختلفة، لكنه صراعٌ مضبوطٌ بقوة القانون والأعراف السياسيَّة والقيم الناشئة منها، بحيث لا يتحول هذا الصراع والتنافس إلى قوة تهدد السلم الاجتماعي وتعيق تنمية وتطور البلاد وتحقيق المصالح العامَّة، فهي (الأحزاب) وسائل للعمل وليست غايات بذاتها.