يروي «إيسوب»، فيلسوف الإغريق الشهير، الذي عاش في القرن السادس قبل الميلاد، قصة طريفة في كتابه الشهير «خرافات»، يقول فيها: كان لفلاح شجرة تفاح عاقر لا تحمل الثمار، فلم تكن إلا مستراحا للطيور المسافرة، ومأوى للجنادب والحشرات!فقرر أن يقطعها، وحمل فأسه، وهوى عليها بأول ضربة، ثم بالثانية، فقامت العصافير والجنادب تتوسله أن يبقي على الشجرة. ولكنه لم يكترث لهذه التوسلات أبدا، وتابع ما هو فيه!وعندما ضرب ضربته الثالثة كان قد وصل إلى تجويفها، فأبصر خلية مليئة بالعسل. ولما تذوق العسل واستعذبه، ألقى فأسه، وراح ينظر إلى الشجرة على أنها مقدسة، ويعتني بها عناية عظيمة.إن المصلحة الذاتية وحدها هي التي تحرك بعض الناس!على ما يبدو أن بعض الأشياء لا تتغير على ظهر هذا الكوكب، وأن الناس هم الناس في كل عصر، لا تتغير إلا الأسماء فقط!المصلحة الذاتية هي التي تحرك بعض الناس!هذا ما قاله «إيسوب» منذ أكثر من 2600 سنة، وعلى ما يبدو أن الذين عاشوا قبل «إيسوب» أدركوا هذه الحقيقة، كما ندركها نحن اليوم، وكما سيدركها الناس الذين سيأتون بعدنا! هناك بشر خيرون لا شك، هناك من يشق طريقا ليمشي عليها الناس، وهناك من لا يمشي خطوة إلا إذا كان له مصلحة فيها!هناك من يزرع شجرة وهو يعرف يقينا أنه لن يأكل منها، ولن يجلس تحت ظلها، يزرعها هكذا للناس، وهناك من يقتلع شجرة تنفع الناس فقط لتكون حطبا له!هناك من يحفر بئرا في بلد ناء لن يكون من نصيبه منها قطرة ماء، وهناك من يمنع الماء عن جاره! عندما اخترعت ميتسوبتشي حزام الأمان رفضت أن تسجل فيه براءة اختراع، منحته مجانا لكل شركات السيارات في العالم!وعندما فقد الزوجان ليلند وجين ستانفورد ابنهما الوحيد الذي كان يدرس في هارفارد أسسا في كاليفورنيا جامعة ستانفورد ليكون كل أولاد المدينة أولادهما!وعندما جاء التجار ليشتروا من عثمان بن عفان قافلته عام الرمادة، وعرضوا عليه أن يدفعوا له عن كل درهم ثلاثة، أخبرهم أن الله وعده عن كل درهم عشرة، وترك القافلة للناس! هناك بشر خيرون جدا، ولكن هناك بشر لا يناولون أحدا شربة ماء ما لم يكن لهم في ذلك مصلحة! فكان الله في عون من ابتلاه الله بهم!