على مدار السنوات العشر الماضية كنا نحتفل باليوم الوطني بهوية محددة، وفعاليات متنوعة، مع استذكار لأشعار المؤسس ومقولاته الخالدة، لنقل هذه التجربة الثرية من جيل التأسيس إلى شباب اليوم.
ولكن في هذا العام تمر هذه المناسبة وسط ظروف مختلفة طرأت على السطح، وتحولات كبيرة، ومؤامرة خطيرة تحاك ضد البلد للانقضاض على سيادته، وتقويض سياسته، وسلب إرادته وكرامته، لكن هيهات هيهات، فالدول التي تفكر بحصار شقيق وترهب شعوبها بالسجن والويل والثبور بسبب إبداء مشاعر أو إظهار عواطف، هي بالتأكيد عقليات طائشة ومراهقة ومتخبطة، وطبيعي أن تفشل أيضا في إدارة خطط ورسم سياسات، لذلك عادت حساباتهم عليهم بـ «وبال» وانهارت خططهم الدنيئة بعد أيام، لتعود قطر أقوى بعد هذا الغدر وأفضل في مختلف المجالات وجميع مناحي الحياة، كتأكيد عملي، وتطبيق فعلي، لشعار قائد مسيرتنا «تميم المجد» الذي اعتمد لاحتفالات اليوم الوطني لهذا العام، والذي طرّز بعنوان:
«أبشروا بالعز والخير»..
فقطر يا دول الحصار والذل والانكسار ليست لقمة سائغة، فهي تعيش اليوم أروع صور التلاحم والتوحد والتعاضد، ولن تستطيع دولكم الكبيرة في الحجم والمساحة، والفقيرة في الحكمة والمواقف والإصلاح، والمثخنة بالفقر والجهل والجراح، أن تخترق النسيج الاجتماعي لدولة أنفقت خيراتها على شعبها الواعي، واستثمرت فيه بالعلم والعمل، فالدار محكومة بقيادة حكيمة، والشعب دون قيادته وأرضه، فهو الدرع والحصن الحصين والسلاح، ولأجلها تسيل الدماء وترخص لها الأرواح.
الإنجازات مستمرة
لقد فاجأتنا دول الحصار بفعلتها الشائنة والبائسة، لكننا فاجأناها أكثر بصمودنا وثباتنا، إذ تواصلت صادرات قطر من النفط والغاز دون انقطاع، في حين تم إنشاء طرق للتجارة، وفتح أسواق جديدة، بجانب جهود حثيثة بذلت، من أجل تحقيق درجة عالية من الاكتفاء الذاتي على المستوى الاقتصادي، فيما عمل القطاع الخاص بكل مثابرة على تخطي أزمة الحصار.
لقد كان العام 2017 عاماً حافلاً بالإنجازات والأنشطة، وشهدنا الكثير من الفعاليات والتحركات، من أجل تخفيف آثار الحصار والحيلولة دون تأثر السوق المحلي، عبر توفير كافة السلع دون أي نقصان.
صورة ناصعة
فاليوم الوطني مناسبة لرسم صورة والتعبير عن حالة، من واقع الأحداث وسيرها، وهذا العام صورتنا وصلت للعالم أجمع، حتى أصبحت «ترند» في وسائل التواصل الاجتماعي، وهي أن قطر دولة ذات شخصية وسيادة، وتدير سياسات متوازنة وإيجابية وبنّاءة، وتنحاز للحق، وتنتصر للضعيف، وتميل إلى جانب الشعوب، لذلك تكنّى بكعبة المضيوم، إيمانا منها بضرورة إقامة العدل، استنادا للشرع.. ونستذكر هنا قول مؤسسها جاسم بن محمد بن ثاني:
يا ويل قاضي الأرض من قاضي السما
لا عــاد ميـزانـه عــن الحــق مــايل
كما نستلهم الكلمات التاريخية لباني نهضتها سمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، والتي وجهها لأبناء شعبه:
«مع ثقتي بإدراككم لانتمائكم وهويتكم العربية المسلمة، فإنني أوصيكم بالمحافظة على قيمنا الثقافية والحضارية، النابعة من ديننا وعروبتنا وانتماءاتنا الإنسانية، فنحن نؤمن بأن الوطن العربي جسد واحد يصلح الواحد من أقطاره بما يصلح به الجميع.. وأوصيكم بالثبات على الحق والاستقامة على الطريق، مهما تبدلت الأيام والأحوال».
حالة خاصة
وعموما.. كحالي كل عام، وعند الحديث عن مناسبة اليوم الوطني، تتلبسني حالة خاصة أثناء الكتابة عن حدث أتصوره كبحر مترامي الأطراف، يحتاج سباحا ماهرا يصارع أمواجه، ويسبر أغواره، ويسرد تاريخه، ليصل لبر الأمان والاطمئنان، ويتأكد أنه نجح في الإلمام بجميع حروفه، وأمسك بكل أطرافه، وذكر ما يقنع من أوصافه..
الأفكار تتزاحم للظهور، والعبارات تتدافع للعبور، وكأني بها تحرص أن يكون لها شرف الحضور في احتفالات البلاد بيومها الوطني.. بما يتناسب مع أهمية الحدث الغالي على القلوب، ويتماشى مع هذه المناسبة العزيزة على الجميع، ويتواكب مع تاريخها الناصع، وحاضرها اللامع، ومستقبلها الذي لاح في الأفق نجمه الساطع.
الموضوع كبير.. ويرصد رحلة بلد ممتدة عبر حوالي 140 عاما.. يتحدث عن حكمة قيادتها، وكرامة شعبها، وسيادة أرضها، وتطور اقتصادها، وتنمية عمرانها، ومعيشة سكانها وارتقاء تعليمها، وسرد مكتسباتها، ورصد إنجازاتها.. منذ وضع مؤسسها «اللبنة الأولى» للدولة الحقيقية، وصولا إلى يومنا الحاضر، والمرحلة الذهبية.
أي مقال سيــســتوعب هذا الإرث الأصيل.. الجميل.. الجليل؟!
ربما نحتاج لمجلدات ومعلقات، للحديث بإيجاز عن يومنا الوطني منذ مرحلة التأسيس إلى مرحلة الإنجاز والإعمار والإبهار بكل المقاييس..
لكن الحدث مهم وملهم
وشعوري مفعم وقلمي نهم..
اكتب يا قلم.. ورفرف يا علم
لا خضوع ولا خنوع
كل من قرأ سيرة المؤسس لهذا الوطن يجد نفسه أمام رجل «بحجم دولة»، عطفا على منجزاته وبطولاته وسماته، وكذلك سيعجب بالجانب الروحاني والاجتماعي في حياته، فكان رجل الدين والشعر والأدب.. وله في هذا المجال أفعال وأقوال رسخت في الأذهان، وأصبحت مضرب الأمثال ومراجع يستنار ويستدل بها في كل مكان وزمان.
والمؤسس قضى حياته في تكريس أسس دولتنا، فهو أول رجل ظهرت قطر في ظل زعامته كياناً واحداً متماسكاً، وقد استطاع من خلال سياسته أن يعمل بتوازن وحكمة لتحقيق الهدف الأول والأسمى، وهو توحيد الشعب، واستقلال الأرض، لينطلق بقطر نحو مرحلة جديدة لا خضوع فيها، ولا خنوع، من أجل سيادة كاملة على أركان الدولة، متسلحا بجميع معاني الولاء والعزة والتكاتف والقيم الوطنية، فكان هذا الأمل.. واستطاع بحكمته وحنكته وصبره وإيمانه العميق، أن يوحد المجتمع القطري تحت «بيرق واحد» .
من هنا كانت البداية..
ويالها من بداية؟!
معارك في البر والبحر لانتزاع السيادة والحياة الكريمة، فاختلط دخان البارود بالرمح والسيف الصقيل، وأقبل الفرسان والخيل والصهيل، في ملحمة وطنية لم يسبق لها مثيل.. أنصفت أهل الأرض، ونصرت فرسانها، وكان المجد المظفّر عنوانها.. فارتفع بيرق العز والفخر.. وانطلق وطن الشموخ من وسط الأحداث العصيبة برأس مرفوع وعز وهيبة..
عز وفخر
فالشعار الذي أطلقه صاحب السمو بشكل عفوي في إحدى المناسبات الاجتماعية نابع من مكنون شخصيته وتاريخ الأسرة الحاكمة والشعب القطري وامتداد لتاريخ من المواجهات والمحاولات لفرض حصار ووصاية على القرار الوطني، لكنها كانت في كل مرة تبوء بالفشل والخيبة، لأنها تصطدم بدولة كرامتها فوق كل اعتبار.. وتتحدى الظلم والغدر سواء من العدو أو الجار.
وأراد الله سبحانه وتعالى لهذا الوطن استمرار العزة والرفعة، فولّى علينا خيرة الحكّام الذين وضعوا الوطن والمواطن نصب أعينهم..
هذه القيم تحتاج إلى جهد، فلا معنى على الإطلاق لرؤية دون عمل، فهذا حلم، ولا قيمة لعمل لا ترافقه رؤية، فهذا عبث، وهنا لابد أن نسجل بأحرف من نور أن قطر ما كانت لتصل إلى ما نحن عليه وما كانت لتترجم ما أراده الشيخ المؤسس لولا حلم صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وبعد نظره ورؤيته الثاقبة للاستثمار بعيد المدى في ثرواتنا الوطنية، والتي صاحبها عمل جاد وجهد جبار، وهي عوامل تكاتفت لتصل بسفينتنا إلى بر الأمن والأمان والنهضة والاستقرار.
وختاما..
اليوم الوطني لكل دولة مناسبة للفرح والابتهاج، لكنه في قطر يكتسب معاني أكثر عمقا ونبلا، فهو يوم «التكاتف، الولاء والعزة»، وفيه «نسمو بروح الأوفياء»، ونسير معه «على نهج الألى»، ليرتفع «الأدعم» عاليا خفاقا، معتمدين على أخلاقنا، ومدركين أن «قلوبنا موارد عزنا»، ونتعامل مع الجميع بمبدأ «الصدق والنصح والنقا»، فكانت أفعالنا بقدر نوايانا، نفزع لكل محتاج، وننصر كل مضيوم «وهداتنا يفرح بها كل مغبون».. حتى عرفت قطر بطهارة صحيفتها، وبياض وجهها أمام العالم، فهي لا تتآمر ولا تحرّض ولا تفسد ولا تفجر، كما هي صفات دول الحصار، وعرف أهلها بأنهم أهل التحدي والعزم وحب الانتصار.. متحدين المصاعب و«مطوعين الصعايب».. وثقتهم بأنفسهم وتفاؤلهم لا يهزه شيء، حتى في ظروف الغدر والخيانة، متكاتفين متآزرين تحت شعار قائدهم تميم المجد:
«أبشروا بالعز والخير».
والشعب الذي يبادله حبا بحب يرد عبر كلمات الشاعر:
حن هل الصملة جنودك يا زعيم
أبشر بنا من دون الأدعم والوطن
اليا اعتزينا خيّال العليا تميم
نقلط على الميدان في وقت المحن
فهذا الوطن الذي تعتليه سماوات العظيم، وفي ترابه رفات المخلصين، يستحق منا أن نفخر به بأفعالنا، ونحافظ عليه بأخلاقنا، وندافع عنه بأرواحنا.
بقلم:محمد حمد المري
رئيس التحرير المسؤول
ولكن في هذا العام تمر هذه المناسبة وسط ظروف مختلفة طرأت على السطح، وتحولات كبيرة، ومؤامرة خطيرة تحاك ضد البلد للانقضاض على سيادته، وتقويض سياسته، وسلب إرادته وكرامته، لكن هيهات هيهات، فالدول التي تفكر بحصار شقيق وترهب شعوبها بالسجن والويل والثبور بسبب إبداء مشاعر أو إظهار عواطف، هي بالتأكيد عقليات طائشة ومراهقة ومتخبطة، وطبيعي أن تفشل أيضا في إدارة خطط ورسم سياسات، لذلك عادت حساباتهم عليهم بـ «وبال» وانهارت خططهم الدنيئة بعد أيام، لتعود قطر أقوى بعد هذا الغدر وأفضل في مختلف المجالات وجميع مناحي الحياة، كتأكيد عملي، وتطبيق فعلي، لشعار قائد مسيرتنا «تميم المجد» الذي اعتمد لاحتفالات اليوم الوطني لهذا العام، والذي طرّز بعنوان:
«أبشروا بالعز والخير»..
فقطر يا دول الحصار والذل والانكسار ليست لقمة سائغة، فهي تعيش اليوم أروع صور التلاحم والتوحد والتعاضد، ولن تستطيع دولكم الكبيرة في الحجم والمساحة، والفقيرة في الحكمة والمواقف والإصلاح، والمثخنة بالفقر والجهل والجراح، أن تخترق النسيج الاجتماعي لدولة أنفقت خيراتها على شعبها الواعي، واستثمرت فيه بالعلم والعمل، فالدار محكومة بقيادة حكيمة، والشعب دون قيادته وأرضه، فهو الدرع والحصن الحصين والسلاح، ولأجلها تسيل الدماء وترخص لها الأرواح.
الإنجازات مستمرة
لقد فاجأتنا دول الحصار بفعلتها الشائنة والبائسة، لكننا فاجأناها أكثر بصمودنا وثباتنا، إذ تواصلت صادرات قطر من النفط والغاز دون انقطاع، في حين تم إنشاء طرق للتجارة، وفتح أسواق جديدة، بجانب جهود حثيثة بذلت، من أجل تحقيق درجة عالية من الاكتفاء الذاتي على المستوى الاقتصادي، فيما عمل القطاع الخاص بكل مثابرة على تخطي أزمة الحصار.
لقد كان العام 2017 عاماً حافلاً بالإنجازات والأنشطة، وشهدنا الكثير من الفعاليات والتحركات، من أجل تخفيف آثار الحصار والحيلولة دون تأثر السوق المحلي، عبر توفير كافة السلع دون أي نقصان.
صورة ناصعة
فاليوم الوطني مناسبة لرسم صورة والتعبير عن حالة، من واقع الأحداث وسيرها، وهذا العام صورتنا وصلت للعالم أجمع، حتى أصبحت «ترند» في وسائل التواصل الاجتماعي، وهي أن قطر دولة ذات شخصية وسيادة، وتدير سياسات متوازنة وإيجابية وبنّاءة، وتنحاز للحق، وتنتصر للضعيف، وتميل إلى جانب الشعوب، لذلك تكنّى بكعبة المضيوم، إيمانا منها بضرورة إقامة العدل، استنادا للشرع.. ونستذكر هنا قول مؤسسها جاسم بن محمد بن ثاني:
يا ويل قاضي الأرض من قاضي السما
لا عــاد ميـزانـه عــن الحــق مــايل
كما نستلهم الكلمات التاريخية لباني نهضتها سمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، والتي وجهها لأبناء شعبه:
«مع ثقتي بإدراككم لانتمائكم وهويتكم العربية المسلمة، فإنني أوصيكم بالمحافظة على قيمنا الثقافية والحضارية، النابعة من ديننا وعروبتنا وانتماءاتنا الإنسانية، فنحن نؤمن بأن الوطن العربي جسد واحد يصلح الواحد من أقطاره بما يصلح به الجميع.. وأوصيكم بالثبات على الحق والاستقامة على الطريق، مهما تبدلت الأيام والأحوال».
حالة خاصة
وعموما.. كحالي كل عام، وعند الحديث عن مناسبة اليوم الوطني، تتلبسني حالة خاصة أثناء الكتابة عن حدث أتصوره كبحر مترامي الأطراف، يحتاج سباحا ماهرا يصارع أمواجه، ويسبر أغواره، ويسرد تاريخه، ليصل لبر الأمان والاطمئنان، ويتأكد أنه نجح في الإلمام بجميع حروفه، وأمسك بكل أطرافه، وذكر ما يقنع من أوصافه..
الأفكار تتزاحم للظهور، والعبارات تتدافع للعبور، وكأني بها تحرص أن يكون لها شرف الحضور في احتفالات البلاد بيومها الوطني.. بما يتناسب مع أهمية الحدث الغالي على القلوب، ويتماشى مع هذه المناسبة العزيزة على الجميع، ويتواكب مع تاريخها الناصع، وحاضرها اللامع، ومستقبلها الذي لاح في الأفق نجمه الساطع.
الموضوع كبير.. ويرصد رحلة بلد ممتدة عبر حوالي 140 عاما.. يتحدث عن حكمة قيادتها، وكرامة شعبها، وسيادة أرضها، وتطور اقتصادها، وتنمية عمرانها، ومعيشة سكانها وارتقاء تعليمها، وسرد مكتسباتها، ورصد إنجازاتها.. منذ وضع مؤسسها «اللبنة الأولى» للدولة الحقيقية، وصولا إلى يومنا الحاضر، والمرحلة الذهبية.
أي مقال سيــســتوعب هذا الإرث الأصيل.. الجميل.. الجليل؟!
ربما نحتاج لمجلدات ومعلقات، للحديث بإيجاز عن يومنا الوطني منذ مرحلة التأسيس إلى مرحلة الإنجاز والإعمار والإبهار بكل المقاييس..
لكن الحدث مهم وملهم
وشعوري مفعم وقلمي نهم..
اكتب يا قلم.. ورفرف يا علم
لا خضوع ولا خنوع
كل من قرأ سيرة المؤسس لهذا الوطن يجد نفسه أمام رجل «بحجم دولة»، عطفا على منجزاته وبطولاته وسماته، وكذلك سيعجب بالجانب الروحاني والاجتماعي في حياته، فكان رجل الدين والشعر والأدب.. وله في هذا المجال أفعال وأقوال رسخت في الأذهان، وأصبحت مضرب الأمثال ومراجع يستنار ويستدل بها في كل مكان وزمان.
والمؤسس قضى حياته في تكريس أسس دولتنا، فهو أول رجل ظهرت قطر في ظل زعامته كياناً واحداً متماسكاً، وقد استطاع من خلال سياسته أن يعمل بتوازن وحكمة لتحقيق الهدف الأول والأسمى، وهو توحيد الشعب، واستقلال الأرض، لينطلق بقطر نحو مرحلة جديدة لا خضوع فيها، ولا خنوع، من أجل سيادة كاملة على أركان الدولة، متسلحا بجميع معاني الولاء والعزة والتكاتف والقيم الوطنية، فكان هذا الأمل.. واستطاع بحكمته وحنكته وصبره وإيمانه العميق، أن يوحد المجتمع القطري تحت «بيرق واحد» .
من هنا كانت البداية..
ويالها من بداية؟!
معارك في البر والبحر لانتزاع السيادة والحياة الكريمة، فاختلط دخان البارود بالرمح والسيف الصقيل، وأقبل الفرسان والخيل والصهيل، في ملحمة وطنية لم يسبق لها مثيل.. أنصفت أهل الأرض، ونصرت فرسانها، وكان المجد المظفّر عنوانها.. فارتفع بيرق العز والفخر.. وانطلق وطن الشموخ من وسط الأحداث العصيبة برأس مرفوع وعز وهيبة..
عز وفخر
فالشعار الذي أطلقه صاحب السمو بشكل عفوي في إحدى المناسبات الاجتماعية نابع من مكنون شخصيته وتاريخ الأسرة الحاكمة والشعب القطري وامتداد لتاريخ من المواجهات والمحاولات لفرض حصار ووصاية على القرار الوطني، لكنها كانت في كل مرة تبوء بالفشل والخيبة، لأنها تصطدم بدولة كرامتها فوق كل اعتبار.. وتتحدى الظلم والغدر سواء من العدو أو الجار.
وأراد الله سبحانه وتعالى لهذا الوطن استمرار العزة والرفعة، فولّى علينا خيرة الحكّام الذين وضعوا الوطن والمواطن نصب أعينهم..
هذه القيم تحتاج إلى جهد، فلا معنى على الإطلاق لرؤية دون عمل، فهذا حلم، ولا قيمة لعمل لا ترافقه رؤية، فهذا عبث، وهنا لابد أن نسجل بأحرف من نور أن قطر ما كانت لتصل إلى ما نحن عليه وما كانت لتترجم ما أراده الشيخ المؤسس لولا حلم صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وبعد نظره ورؤيته الثاقبة للاستثمار بعيد المدى في ثرواتنا الوطنية، والتي صاحبها عمل جاد وجهد جبار، وهي عوامل تكاتفت لتصل بسفينتنا إلى بر الأمن والأمان والنهضة والاستقرار.
وختاما..
اليوم الوطني لكل دولة مناسبة للفرح والابتهاج، لكنه في قطر يكتسب معاني أكثر عمقا ونبلا، فهو يوم «التكاتف، الولاء والعزة»، وفيه «نسمو بروح الأوفياء»، ونسير معه «على نهج الألى»، ليرتفع «الأدعم» عاليا خفاقا، معتمدين على أخلاقنا، ومدركين أن «قلوبنا موارد عزنا»، ونتعامل مع الجميع بمبدأ «الصدق والنصح والنقا»، فكانت أفعالنا بقدر نوايانا، نفزع لكل محتاج، وننصر كل مضيوم «وهداتنا يفرح بها كل مغبون».. حتى عرفت قطر بطهارة صحيفتها، وبياض وجهها أمام العالم، فهي لا تتآمر ولا تحرّض ولا تفسد ولا تفجر، كما هي صفات دول الحصار، وعرف أهلها بأنهم أهل التحدي والعزم وحب الانتصار.. متحدين المصاعب و«مطوعين الصعايب».. وثقتهم بأنفسهم وتفاؤلهم لا يهزه شيء، حتى في ظروف الغدر والخيانة، متكاتفين متآزرين تحت شعار قائدهم تميم المجد:
«أبشروا بالعز والخير».
والشعب الذي يبادله حبا بحب يرد عبر كلمات الشاعر:
حن هل الصملة جنودك يا زعيم
أبشر بنا من دون الأدعم والوطن
اليا اعتزينا خيّال العليا تميم
نقلط على الميدان في وقت المحن
فهذا الوطن الذي تعتليه سماوات العظيم، وفي ترابه رفات المخلصين، يستحق منا أن نفخر به بأفعالنا، ونحافظ عليه بأخلاقنا، وندافع عنه بأرواحنا.
بقلم:محمد حمد المري
رئيس التحرير المسؤول