أصبح الحديث عما يسمى بصفقة القرن لغزاً محيراً لكثير من المراقبين لاسيما مع حالة الغموض التي تحيط بها وكأنها صفقة استحواذ عقارية يقوم بها ترامب تاجر العقارات وصهره ابن تاجر العقارات جاريد كوشنر، صفقة تتجاوز التاريخ والشعوب والأرض والتاريخ والحضارة والحقوق والإنسان الفلسطيني ويستخدم لتحقيقها أنظمة عربية وحكام يعملون لصالح إسرائيل حتى تضمن بقاءهم حكاما رغم أنف شعوبهم، فتأكيد مصادر أميركية وغربية مختلفة على أن الهدف الرئيسي لصفقة القرن هو إقامة دولة فلسطينية على شبه جزيرة سيناء والأردن يؤكده قيام السيسي بما لم تقم به إسرائيل خلال سنوات احتلالها سيناء من تجريف مدن سيناء وإزالة مساحات شاسعة من المزارع بحجة مقاومة الإرهاب وهو يعني إخلاء هذه المناطق للمشروع الجديد، كما أن إهمال مبارك طوال ثلاثين عاما لتنمية سيناء وتهميش أهلها كان جزءا من المشروع لكن لم تكن لديه الجرأة ليخطو الخطوات التي خطاها السيسي والذي جاء للحكم بمباركة إسرائيلية أميركية ودعم مباشر من نتانياهو الذي لم تبخل وسائل إعلامه ولا كبار مساعديه من الإطراء على السيسي الذي حقق لليهود ما لم يحققوه لأنفسهم طوال سبعين عاما. أما السيسي فقد أدلى بتصريحات غامضة كثيرة حول سيناء منها ما جاء في خطابه الذي ألقاه يوم السبت الماضي ليؤكد في عبارات مليئة بالغموض أن شيئا ما سيحدث في سيناء وأنه يخشى من المصريين وليس من الخارج مما يعني أنه قد رتب أوراقه مع الخارج الذي ليس سوى إسرائيل والولايات المتحدة لكنه، يخشى غضبة شعبه عليه وعلى نظامه بعدما أصبحت الصفقة في إطار التنفيذ، كما أن تصريحات ومواقف ملك الأردن كذلك تشير إلى أن شيئا ما يلوح في الأفق أثار عدم ارتياحه علاوة على زيارة أبو مازن للسعودية ولقائه بن سلمان وما رشح عنها من معلومات، ولعل القرار الذي أصدره الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها لم يكن سوى خطوة من خطوات كثيرة تحدث إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس عنها في تصريحات تليفزيونية بثت يوم السب الماضي أشار فيها نقلا عن مصادر خاصة أن هناك ترتيبات تجرى وخطوات ستقوم بها الولايات المتحدة بشأن القدس والدولة الفلسطينية منها القبول بيهودية إسرائيل وشطب حق العودة والقبول بضم المستوطنات في الضفة الغربية إلى القدس وذلك بعدما أعلنت القدس عاصمة لإسرائيل وانحسار ردة الفعل العربية والإسلامية على تظاهرات ومسيرات وقرار غير ملزم من الأمم المتحدة للولايات المتحدة لا يمنعها من أن تستخدم حق الفيتو بشأن أية مشروعات قادمة خاصة بالقدس كل هذا سوف يدفع الولايات المتحدة لتحقق لإسرائيل المزيد من المكاسب منها إمكانية تشجيع إسرائيل على القيام بحرب شاملة على قطاع غزة بنية إنهاء سلاح المقاومة والسعي للسيطرة على القطاع بأي ثمن للتمهيد لصفقة القرن التي لا يمكن تحقيقها إلا بعد إشعال حرب ثم الجلوس إلى مائدة مفاوضات من أجل تحقيقها، لكن من ينظر في التاريخ القريب والبعيد يجد أن مؤامرات كثيرة قد حيكت منها ما نجح ومنها ما فشل، وتبقى الصفقة مجرد أمانٍ وخطط أمام إرادة الشعب الفلسطيني الذي انتفض من جديد ليجهضها كما أجهض الكثير قبلها.
بقلم : أحمد منصور
بقلم : أحمد منصور