+ A
A -

في علمِ الإدارة، هناك حكايةٌ طريفةٌ تقولُ:

إنَّ نملةً كانت شغوفةً بعملها في جمع حبوبِ القمحِ من الحقولِ، إلى درجة أنَّ الأسدَ ملكَ الغابةِ كان منبهراً من كفاءتها وإخلاصها، فهي لم تتأخرْ يوماً عن وقتِ عملها، وتأتي سعيدةً وتنصرفُ سعيدة، وانتاجها أعلى مما هو متوقع منها! فقالَ في نفسه: إذا كانتْ هذه النملةُ تستطيعُ أن تعملَ بكل هذه الحيوية، وأن تنتجَ هذه الكمية الكبيرة دون إشرافٍ، فمن المؤكد أن إنتاجها سيتضاعفُ فيما لو كان هناك من يُشرفُ عليها! لهذا قرَّرَ أن يعيّنَ لها العنكبوتَ مشرفاً!

باشرَ العنكبوتُ وظيفته الجديدة بتعيين السلحفاةِ لتقوم بمهمة تدوين محصول النملةِ اليومي، وعيَّن الصُّرصارَ مراقباً لدوامها، الأمر الذي أدّى إلى تدنّي دافعية النملة للعمل، فهي ليست معتادة على كل هذه التعقيدات الإدارية! مما جعلَ العنكبوتُ يُعيّنُ الهدهدَ مرشداً نفسيّاً عليها علّها تستعيد بعض نشاطها! وعلى وقع إرشادات الهدهدِ التي ليس لها علاقة بأصلِ المشكلة تدّنتْ دافعيّة النملة للعمل أكثر، وقلَّ انتاجها! فانزعجَ الأسدُ من هذا التّدني في مستوى الإنتاج وشكّل لجنة تحقيق! اجتمعت اللجنة مع فريق العمل كلّه، وبعد بحثٍ طويلٍ ودراسةٍ معمَّقةٍ قررتْ فصل النّملةِ من العمل!

القَصّة على رمزيتها وطرافتها إلا أنّ أمثالها يحدثُ يوميّاً في الحياة!

منذ مُدَّةٍ عرضَ تليفزيون «BBC» تقريراً عن السَّباح الأميركي لويس توماس الذي كان سبَّاحاً فاشلاً في مقارعة السَّباحين الرِّجال، فهو لم يعتلِ يوماً منصَّاتِ التتويج، فقرَّرَ تغيير جنسه، وتحوَّل في يومٍ وليلة من لويس إلى لِيا، وهكذا صار بإمكانه الاشتراك في مسابقات السّباحة النسائية، وبقدرة عضليّة أكبر من المنافسات النّساء أصبحَ يُحقق الفوز! المشكلة ليست هنا وإن كانت هذه بحدِّ ذاتها مشكلة! ولكن السَّباحات تضايقنَ من دخول الأخ لويس سابقاً الأخت لِيا حالياً إلى حمَّاماتهنّ، وغرف ملابسهنَّ، وأبدينَ انزعاجهُنَّ في عريضةٍ أرسلنها إلى الاتحاد الأميركي للسِّباحة، فقام الاتحاد بإرسال مرشدين نفسيين إلى السَّباحات ليساعدوهنَّ على تخطّي هذه المشكلة!

إنها ببساطة قصّة النملة!

اِختلِقْ مشكلةً ثمَّ اخترِعْ لها حلًّا عبيطا!

يُذكرني هذا بالأم التي أخذت تُقنعُ ابنها في الزَّواج، وكان مما قالته له: أحضِرْ زوجةً تُعينك على حلّ مشكلاتك!

فقال لها: ولكن ليس لديَّ مشكلات!

فقالت له: تزوَّجْ وسيصبح لديك!

قدرة البشر في اختراع المشكلات مبهرة، شيءٌ ما يُشعركَ أن هناك ذكاءً يعملُ بطريقةٍ عكسيَّةٍ، هناك مشكلات تحتاج إلى عبقرية مقلوبة ليتمَّ اختراعها! ومن المؤكد أنّ بعض النّاس يُزعجهم أن يروا الأمور تسير على ما يُرام!

copy short url   نسخ
16/10/2023
970