يقولُ التشبيه العالمي ذائع الصيت عن الأشياء المستحيلة: كمن يبحثُ عن إبرة في كومة قش!
ولا أعتقد أن أحدًا من قاطني هذا الكوكب يجهل هذا التشبيه... وهذا التعميم مني من باب حسن الظن ليس إلا، وإلا فإنه لا يمكن الجزم بشيء يتعلق بالبشر!
بعيدًا عن هذا الاستطراد الجاحظي الذي ليس له في الموضوع ناقة ولا جمل، أعود بكم إلى حيث الإبرة وكومة القش!
البارحة قرأتُ أن الشاب الإيطالي «سيفن ساسلبر» ذهب إلى إحدى المزارع برفقة شهود عيان من الصحافة، واختار كومة قش ضخمة وقام بوضع إبرة فيها، ثم خلط القشّ خلطاً شديداً... ليبدأ بعد ذلك بعملية بحث طويلة عن الإبرة، وبالفعل بعد ثمانية عشرة ساعة استطاع «ستيفن ساسلبر» أن يعثر عليها!
وعندما سُئل عن السبب الذي دفعه للقيام بهذا العمل العبثي
قال: هذا ليس عملًا عبثيًا، أردتُ أن أوصل رسالة مفادها: راجعوا مفهومكم تجاه الأمور المستحيلة!
الذي أعجبني في هذه القصة هي الطريقة الجميلة التي سلكها هذا الشاب لإيصال رسالته للناس!
يمكن للإنسان أن يطرح فكرته دون أن يشتم أحدًا، أو ينتقص من أحد، هكذا بهدوء يقوم بهزّ أفكار الآخرين، ويحدث فيهم جلبة دون أن يتخلى هو عن اتزانه!
في ذات الباب، أي توجيه للرسائل بطريقة راقية، انزعجت مصممة الأزياء البريطانية «ديمي بارنز» من كثرة الطلاق في بلادها، فحصلت من المحاكم على سجلات الطلاق، وقامت بالاتصال بالزوجات المطلقات، وحصلت منهن على صورٍ من أوراق طلاقهن، وصممت فستانًا من ألفٍ وخمسمائة ورقة طلاق، احتجاجًا على هذه الظاهرة!
هذا العمل على بساطته ورمزيته يمكن أن يوصل رسالة إلى المجتمع بالمقدار الذي يفعله المنظرون وخبراء الأسرة وأساطين تطوير الذات!
وهكذا استطاعت «ديمي بارنز» كما استطاع «ستيفن ساسلبر» من قبلها أن يوصل رسالته بطريقة راقية!
إن الاحتجاج ليس بالضرورة صراخًا، والنقد ليس بالضرورة شتيمة، والاعتراض ليس بالضرورة بيانًا، أشياء مختلفة وهادئة يمكن أن تكون أكثر صخبًا من كل صراخ العالم!
بقلم : أدهم شرقاوي
ولا أعتقد أن أحدًا من قاطني هذا الكوكب يجهل هذا التشبيه... وهذا التعميم مني من باب حسن الظن ليس إلا، وإلا فإنه لا يمكن الجزم بشيء يتعلق بالبشر!
بعيدًا عن هذا الاستطراد الجاحظي الذي ليس له في الموضوع ناقة ولا جمل، أعود بكم إلى حيث الإبرة وكومة القش!
البارحة قرأتُ أن الشاب الإيطالي «سيفن ساسلبر» ذهب إلى إحدى المزارع برفقة شهود عيان من الصحافة، واختار كومة قش ضخمة وقام بوضع إبرة فيها، ثم خلط القشّ خلطاً شديداً... ليبدأ بعد ذلك بعملية بحث طويلة عن الإبرة، وبالفعل بعد ثمانية عشرة ساعة استطاع «ستيفن ساسلبر» أن يعثر عليها!
وعندما سُئل عن السبب الذي دفعه للقيام بهذا العمل العبثي
قال: هذا ليس عملًا عبثيًا، أردتُ أن أوصل رسالة مفادها: راجعوا مفهومكم تجاه الأمور المستحيلة!
الذي أعجبني في هذه القصة هي الطريقة الجميلة التي سلكها هذا الشاب لإيصال رسالته للناس!
يمكن للإنسان أن يطرح فكرته دون أن يشتم أحدًا، أو ينتقص من أحد، هكذا بهدوء يقوم بهزّ أفكار الآخرين، ويحدث فيهم جلبة دون أن يتخلى هو عن اتزانه!
في ذات الباب، أي توجيه للرسائل بطريقة راقية، انزعجت مصممة الأزياء البريطانية «ديمي بارنز» من كثرة الطلاق في بلادها، فحصلت من المحاكم على سجلات الطلاق، وقامت بالاتصال بالزوجات المطلقات، وحصلت منهن على صورٍ من أوراق طلاقهن، وصممت فستانًا من ألفٍ وخمسمائة ورقة طلاق، احتجاجًا على هذه الظاهرة!
هذا العمل على بساطته ورمزيته يمكن أن يوصل رسالة إلى المجتمع بالمقدار الذي يفعله المنظرون وخبراء الأسرة وأساطين تطوير الذات!
وهكذا استطاعت «ديمي بارنز» كما استطاع «ستيفن ساسلبر» من قبلها أن يوصل رسالته بطريقة راقية!
إن الاحتجاج ليس بالضرورة صراخًا، والنقد ليس بالضرورة شتيمة، والاعتراض ليس بالضرورة بيانًا، أشياء مختلفة وهادئة يمكن أن تكون أكثر صخبًا من كل صراخ العالم!
بقلم : أدهم شرقاوي