كان أولاف الخامس ملك النرويج يركب المواصلات العامة، فسألوه: أين حراسك؟
فقال: لديّ أربعة ملايين حارس شخصي! يقصد بهذا عدد الشعب النرويجي!
وبعيدًا عن أولاف أجي لكم بالذي هو خير منه، جاء رسول كسرى إلى المدينة المنورة برسالة إلى عمر بن الخطاب، ولما وصل المدينة سأل عن قصر الخليفة، فأخبروه أنه لا يملك قصرًا، وإنما بيتًا صغيرًا، كثير من بيوت الرعية أفضل منه!
ولكن على أية حال فإنه لن يجده في بيته فقد كان يمضي منذ وقت بذلك الاتجاه!
فسار الرسول بحثًا عنه، فأُخبر أنه ذاك النائم هناك، نظر رسول كسرى إلى الرجل الذي فتح البلدان وغيّر شكل المنطقة بأكملها، فإذا هو بلا حرس ولا حاشية، ينام ملء عينيه، لا يخاف أحدًا إلا الله، وعندما أفاقَ وزال عن رسول كسرى تعجبه، قال قولته المشهورة: حكمتَ فعدلتَ فأمنتَ فنمتَ!
حفيده عمر بن عبد العزيز كان فيه شيء منه، قال له أحد ولاته: إن الناس تمردت وساءت أخلاقها، ولا يقوِّمها إلا السوط!
فقال له: كذبت، يقومهم الحق والعدل!
وطلب منه والٍ آخر مالًا كثيرًا ليبني سورًا حول مدينته.
فقال له: وما تنفع الأسوار؟ حصنها بالعدل، ونقِّ طرقها من الظلم.
دولة العدل أقل كلفة من دولة الظلم، لأن دولة العدل تقوم على الحُبّ، بينما تقوم دولة الظلم على الخوف، وكلما أقام الحاكم العدل أحبه شعبه، وحرسوه بأهداب العيون، وأطاعوه حاضرًا وغائبًا، وكلما أقام الحاكم دولة الظلم كرهه شعبه وأبغضوه، فاحتاج حراسًا ومخابرات وكلابًا بوليسية بعضها من الحيوانات وأكثرها من البشر! ورغم هذا لا يُطاع إلا خوفًا، ويحمد في العلن ويُلعن في السر!
والناس في هذا سواء، وإن اختلفت جنسياتهم ودياناتهم، وأعراقهم ومللهم، فهذه فطرة إنسانية ونزعة بشرية، فلا أولاف الخامس كان يخشى على نفسه من رعيته، ولا عمر بن الخطاب، وكذلك بالمقابل سيخشى الظالم على نفسه سواءً كان اسمه وليام أو فريدريك أو محمد أو عبد الرحمن!
ثم يا معشر الحكام:
من أراد الأمن وحب الرعية فهذا هو الطريق، ومن أراد الخوف والبغضاء فذاك هو الطريق، وليمشِ أحدكم في أي طريق شاء، ما الدنيا إلا امتحان وسنرى غدًا من سيدافع عنه جنده عند الله!
بقلم : أدهم شرقاوي
فقال: لديّ أربعة ملايين حارس شخصي! يقصد بهذا عدد الشعب النرويجي!
وبعيدًا عن أولاف أجي لكم بالذي هو خير منه، جاء رسول كسرى إلى المدينة المنورة برسالة إلى عمر بن الخطاب، ولما وصل المدينة سأل عن قصر الخليفة، فأخبروه أنه لا يملك قصرًا، وإنما بيتًا صغيرًا، كثير من بيوت الرعية أفضل منه!
ولكن على أية حال فإنه لن يجده في بيته فقد كان يمضي منذ وقت بذلك الاتجاه!
فسار الرسول بحثًا عنه، فأُخبر أنه ذاك النائم هناك، نظر رسول كسرى إلى الرجل الذي فتح البلدان وغيّر شكل المنطقة بأكملها، فإذا هو بلا حرس ولا حاشية، ينام ملء عينيه، لا يخاف أحدًا إلا الله، وعندما أفاقَ وزال عن رسول كسرى تعجبه، قال قولته المشهورة: حكمتَ فعدلتَ فأمنتَ فنمتَ!
حفيده عمر بن عبد العزيز كان فيه شيء منه، قال له أحد ولاته: إن الناس تمردت وساءت أخلاقها، ولا يقوِّمها إلا السوط!
فقال له: كذبت، يقومهم الحق والعدل!
وطلب منه والٍ آخر مالًا كثيرًا ليبني سورًا حول مدينته.
فقال له: وما تنفع الأسوار؟ حصنها بالعدل، ونقِّ طرقها من الظلم.
دولة العدل أقل كلفة من دولة الظلم، لأن دولة العدل تقوم على الحُبّ، بينما تقوم دولة الظلم على الخوف، وكلما أقام الحاكم العدل أحبه شعبه، وحرسوه بأهداب العيون، وأطاعوه حاضرًا وغائبًا، وكلما أقام الحاكم دولة الظلم كرهه شعبه وأبغضوه، فاحتاج حراسًا ومخابرات وكلابًا بوليسية بعضها من الحيوانات وأكثرها من البشر! ورغم هذا لا يُطاع إلا خوفًا، ويحمد في العلن ويُلعن في السر!
والناس في هذا سواء، وإن اختلفت جنسياتهم ودياناتهم، وأعراقهم ومللهم، فهذه فطرة إنسانية ونزعة بشرية، فلا أولاف الخامس كان يخشى على نفسه من رعيته، ولا عمر بن الخطاب، وكذلك بالمقابل سيخشى الظالم على نفسه سواءً كان اسمه وليام أو فريدريك أو محمد أو عبد الرحمن!
ثم يا معشر الحكام:
من أراد الأمن وحب الرعية فهذا هو الطريق، ومن أراد الخوف والبغضاء فذاك هو الطريق، وليمشِ أحدكم في أي طريق شاء، ما الدنيا إلا امتحان وسنرى غدًا من سيدافع عنه جنده عند الله!
بقلم : أدهم شرقاوي