+ A
A -
جنّد الإعلام المصري أشرس أذرعه ومنصاته الإعلامية منذ أن نشرت نيويورك تايمز التسريبات المتعلقة بتوجيه ضباط في المخابرات المصرية لإعلاميين وفنانين من أجل تمرير القبول بالتنازل عن القدس. التجنيد الإعلامي والحشد الصحفي يكشفان أن التسريبات صحيحة وأنها تعكس الموقف الحقيقي للنظام المصري من القرار الأميركي بنقل السفارة الأميركية إلى القدس في اعتراف علني بأن القدس عاصمة إسرائيل.
النظام المصري هو نظام عسكري وصل إلى السلطة عبر انقلاب دموي على نظام منتخب بشكل حر وديمقراطي وهو بذلك نظام فاقد لكل مقومات الشرعية القانونية والسياسية والأخلاقية. بناء عليه فإن فحوى التسريبات لا تخرج عن المنطق الحقيقي والموضوعي الذي يحكم النظام المصري وسياسته الخارجية.
فالنظام الانقلابي الذي يفتقد كل شرعية داخلية غير شرعية القهر والبطش والتنكيل إنما يحتاج إلى شرعية خارجية تغطي جرائمه الداخلية وتمكنه من رضى المجتمع الدولي المؤسس على نهب خيرات الشعوب وثرواتها. هذه الشرعية الخارجية التي تنقذ الانقلاب الدموي من المحاكم الدولية لا ينالها النظام المصري دون تنازلات وهي تنازلات تتجاوز منع مصر من النهضة والتحرر وقمع الشباب المصري والزج بالأحرار منهم في السجون والمعتقلات إلى التنازل عن القضايا العربية المصيرية التي تقع القدس والقضية الفلسطينية على رأسها. بل الحقيقة أعمق من ذلك وأخطر فعندما يتحدث الإعلام الصهيوني عن أن السيسي هو كنز كنوز إسرائيل وأنه رجل السلام في المنطقة فيجب أن ندرك أن الرجل جيء به من أجل مهمة محددة تقع تصفية القضية الفلسطينية على رأسها.
تمثل مصر أهم الرهانات الاستراتيجية للكيان الصهيوني وقد نجحت في اختراقه وفي تكوين شبكات كثيفة من جواسيس والعملاء داخل الدولة المصرية مثل صهر جمال عبد الناصر العميل أشرف مروان. تراهن إسرائيل بما هي كيان استعماري استيطاني على مصر الضعيفة ومصر العاجزة ومصر الجائعة التي يحكمها العسكر منذ نشأة الدولة المصرية الحديثة. لأن بقاء مصر على ما عليه اليوم هو الشرط الأساسي لبقاء الصهيونية متحكمة في المنطقة بقبضة من العملاء.
تسريبات القدس إذن ليست مفاجأة ولا تخرج عن المنطق الطبيعي للأشياء فكنز إسرائيل في القاهرة لن يتردد لحظة واحدة في تسليم القدس بل في تسليم كل فلسطين لأعداء الأمة من أجل أن يبقى جالسا على عرش مصر وقابضا على رقاب المصريين. لكن ما يحدث اليوم يشكل من جهة أخرى كشفا عظيما على خيانة العسكر وعلى تواطؤهم مع العدو الأول للأمة وهو أمر سيعجل بسقوط أخطر قلاع الاستبداد العربي.
بقلم : محمد هنيد
النظام المصري هو نظام عسكري وصل إلى السلطة عبر انقلاب دموي على نظام منتخب بشكل حر وديمقراطي وهو بذلك نظام فاقد لكل مقومات الشرعية القانونية والسياسية والأخلاقية. بناء عليه فإن فحوى التسريبات لا تخرج عن المنطق الحقيقي والموضوعي الذي يحكم النظام المصري وسياسته الخارجية.
فالنظام الانقلابي الذي يفتقد كل شرعية داخلية غير شرعية القهر والبطش والتنكيل إنما يحتاج إلى شرعية خارجية تغطي جرائمه الداخلية وتمكنه من رضى المجتمع الدولي المؤسس على نهب خيرات الشعوب وثرواتها. هذه الشرعية الخارجية التي تنقذ الانقلاب الدموي من المحاكم الدولية لا ينالها النظام المصري دون تنازلات وهي تنازلات تتجاوز منع مصر من النهضة والتحرر وقمع الشباب المصري والزج بالأحرار منهم في السجون والمعتقلات إلى التنازل عن القضايا العربية المصيرية التي تقع القدس والقضية الفلسطينية على رأسها. بل الحقيقة أعمق من ذلك وأخطر فعندما يتحدث الإعلام الصهيوني عن أن السيسي هو كنز كنوز إسرائيل وأنه رجل السلام في المنطقة فيجب أن ندرك أن الرجل جيء به من أجل مهمة محددة تقع تصفية القضية الفلسطينية على رأسها.
تمثل مصر أهم الرهانات الاستراتيجية للكيان الصهيوني وقد نجحت في اختراقه وفي تكوين شبكات كثيفة من جواسيس والعملاء داخل الدولة المصرية مثل صهر جمال عبد الناصر العميل أشرف مروان. تراهن إسرائيل بما هي كيان استعماري استيطاني على مصر الضعيفة ومصر العاجزة ومصر الجائعة التي يحكمها العسكر منذ نشأة الدولة المصرية الحديثة. لأن بقاء مصر على ما عليه اليوم هو الشرط الأساسي لبقاء الصهيونية متحكمة في المنطقة بقبضة من العملاء.
تسريبات القدس إذن ليست مفاجأة ولا تخرج عن المنطق الطبيعي للأشياء فكنز إسرائيل في القاهرة لن يتردد لحظة واحدة في تسليم القدس بل في تسليم كل فلسطين لأعداء الأمة من أجل أن يبقى جالسا على عرش مصر وقابضا على رقاب المصريين. لكن ما يحدث اليوم يشكل من جهة أخرى كشفا عظيما على خيانة العسكر وعلى تواطؤهم مع العدو الأول للأمة وهو أمر سيعجل بسقوط أخطر قلاع الاستبداد العربي.
بقلم : محمد هنيد