أمثالنا الشعبية تقول: «اللي ما يعدك فايدة لا تعده رأس مال».. وعكسه «من حسبنا فايدة حسبناه رأس مال».. «اللي ما يوجبك لا توجبه».. «من باعك بيعه».. «من عافنا عفناه لو كان غالي».. «اللي ما يشوفك بعين عز لا تشوفه بعين تقدير وإجلال».. بمعنى من تحوّل عنك بعض التحوّل بغضاً أو كرهاً أو تكبراً أو أو تحوّل وأعرض عنه، ومن أولاك كتفه أوله ظهرك وجاء في قول العرب: أصغي للخليل إذا دنا.. وإذا نأى عني نأيته.. وكأنك جزيته كيل الصاع بالصاع.. كيف ننسى الأحبة في لحظة والعلاقات الإنسانية بمجرد خطأ.. كيف ننسى لحظات تأجج المشاعر.. النقاء والصفاء والعطاء واللحظات الرومانسية ولحظات الحب والهوس.. ونعمل مسحا للذاكرة.. وتتحول العلاقة إلى خراب.. والأطفال إلى تشرد.. وينتهي الوصال الكبير إلى فراق كبير.. وتنتهي العلاقة الإنسانية إلى الهاوية ! عناد وخصام له أول ماله آخر ! هل هذا من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم الذي تحمل صنوف الأذى في حياته وبعد مماته وإلى اليوم من الاستهزاء والاعتداء على شخصه فصارت الإساءة إلى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أمرا متكررا.. وصار اضطهاد المسلمين بسبب إسلامهم أمرا طبيعيا في العديد من دول العالم وإبادة الشعوب مُشاهداً وازدياد المظالم..

الاحسان في التعاملات مع الصديق والحبيب.. والموافق والمخالف.. لا في لحظات الأنس فقط.

عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم يتقاضاه فأغلظ، فهمَّ به أصحابه فقال صلى الله عليه وسلم: (دعوه فإن لصاحب الحق مقالا) بمعنى: الحقوق لا تنتزع إلا بالحلوق.. ثم قال: (أَعْطُوهُ سِنًّا مِثْلَ سِنِّه) قالوا: يا رسول الله! إلا أمثل من سنه (أكبر منها وأغلى في الثمن)، فقال: (أعطوه، فإن من خياركم أحسنكم قضاء)..

فقال: جزاك الله خيراً، فقد أوفيت وأطيبت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: (أولئك خيار الناس الْمُوفُونَ الْمُطَيِّبُون.. الذين يؤدون ما عليهم من الحق بطيب نفس)..

الشاهد أن المتأمل للآية الكريمة «وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ» (البقرة: 237)، سيقف - مع قليل من التأمل - على أن سياق الآية أشمل وأعم من السياق الذي نزلت فيه ضمن أحكام الطلاق والفراق، لتشمل الوفاء بالعهد وعدم نسيان المعروف، ورد الجميل والمبادرة بالعطاء وتذكر المواقف الجميلة بين الناس في حياتهم اليومية..

وأن تعفوا أقرب للتقوى حتى يستمر الود والمعروف بين الناس.. وهذا ما ندعو إليه أن يمتد الفضل في كل شيء في المعاملات والعلاقات اليومية.. نوصي بالسلام لا الصدام مع الآخر واتركوا عنكم بعض أمثالنا الشعبية الموغلة والدافعة والدافقة للقطيعة والانسحاب والغياب نتيجة المواقف المتغيرة، والانقلابات المفاجئة في العلاقات.. لتحل الجفوة مكان المودة، والبعد محل القرب، والقسوة والكره بدل الحب والرفق، وترصّد الأخطاء والعيوب بدلا من التغاضي. وعلى الخير والمحبة نلتقي.