حين «طوى الجزيرة» خبر استشهاد زوجة وائل الدحدوح مراسل القناة وولديه لم يفزع مثل المتنبي بآماله إلى الكذب، كما لم يشرق بالدمع مثل المتنبي.

كان كل شيء أمامه وخلفه وبين يديه وعلى مسافة من «زووم» كاميرته، يعلن حربا على كل شيء عنوانها الدم.. ولا وقت لاختلاط الدم بالدموع.

خبر الموت المتوقع وصل إلى وائل الدحدوح على الهواء مباشرة، كان يغطي واقعة الحرب المفتوحة على احتمال واحد سقوط المزيد من الضحايا، وفي مقدمتهم الأطفال.. هذا هو تاريخ حرب المدن الذي لا يفرق بين جنرال أربع نجوم، وبين طفل.

تلقى وائل الخبر المتوقع في كل ثانية من عمر الحرب، حربه هو لا حرب الآخرين المفتوحة على كل التسويات الممكنة وغير الممكنة.. وائل لم يصعق للخبر.. المشاهد هو الذي صعقه الخبر، الذي قد يكون تلقاه في المنزل أمام الشاشة، أو في المقهى أو من هاتفه المحمول، بينما يتناول مثل سرحان بشارة سرحان السجين الفلسطيني الأطول في التاريخ قاتل روبيرت كنيدي.

كان وائل هو الوحيد المهيأ لتلقي مثل هذا الخبر بكل ما يحمله من دهشة، بلا دهشة.. لا يهم إن كان صاعقا أو مصعوقا، يهز الجبال أو يطوي كل المسافات شارقا بالدمع أو كاد الدمع يشرق به.. وائل لم يذرف الدموع. الدموع هي التي ذرفته.

لم يعد وائل يصف المشهد.. صار هو المشهد.. وهو الخبر وهو السبق.. صار وائل مثل أحمد الزعتر في قصيدة محمود درويش. صار وائل الزعتر وجنين وعسقلان وكل دروب غزة وأزقتها وأنفاقها.{الصباح العراقية