+ A
A -
تتابع جرائم الحرب المفتوحة في سوريا بفعل الغارات اليومية للطيران الروسي وطيران النظام ومليشياته على المدنيين العزل حتى طال قصف المستشفيات (معرة النعمان) بالأسلحة الكيماوية والغازات السامة مؤخرا. هذه التوحش في التعامل مع الثورة السورية، ووصول الثورة إلى مرحلة أشبه بالإبادة الجماعية منها لأي شكل آخر من أشكال الحروب، يطرح سؤالا مركزيا: كيف تحولت الثورة السلمية السورية إلى حمام دم مفتوح؟
الإقرار بأن الثورة السورية هي ثورة سلمية لا ينكره أحد لأن كل المراقبين يجمعون على أن السوريين صمدوا قرابة ستة أشهر في مظاهرات سلمية غطتها مختلف وسائل الإعلام العالمية. الثورة السورية هي ثورة سلمية في انطلاقتها ولم تطالب بغير الحرية والعدالة واحترام الإنسان. تتأسس الإجابة عن السؤال السابق على النقاط التالية:
أولا: لا يمكن فصل الثورة السورية عن مسار ثورات الربيع العربي خاصة منها الثورة الليبية التي دشنت الموجة الثانية لثورات الربيع باعتبار تطورها السريع إلى ثورة مسلحة فرضه نظام القذافي ولجانه الثورية وكتائبه ومرتزقته على ثوار ليبيا.
ثانيا: فرض النظام السوري بالاتفاق مع قوى دولية وإقليمية الحل المسلح عندما بدأ بإطلاق الرصاص على المتظاهرين العزل ثم عبر قصف المدن والأحياء وصولا إلى استدعاء قوى أجنبية ومليشيات خارجية لمحاربة شعبه. هذا الإقرار يستخلص من التصريحات الإيرانية والروسية التي أقرت بأن الأسد كان سيسقط لولا تدخلها السريع. كما نجح النظام استخباريا في تكوين العصابات المسلحة المتطرفة وسهّل دخولها إلى سوريا من أجل أن يُكسب قصفه للمدنيين شرعية دولية بحجة محاربة الإرهاب.
ثالثا: تميز أداء النخب السورية بالتشرذم والاختلاف إلى حد التناحر بين القوى السياسية والفصائل المسلحة فيما بعد، مما سهّل على النظام إجهاد الثورة ومنحه أولوية كبيرة عسكريا ودبلوماسيا. لم يقتصر الانقسام على المعارضة السورية بل ظهر جليا في الأداء السياسي للدول العربية الذي تحول من بحث عن احتواء للثورة السورية إلى صراع بين الدول العربية نفسها مما ساهم في تقوية موقف النظام.
بهذه الأسباب وعلى رأسها التدخلات الخارجية تحولت الثورة إلى صراع استراتيجي دوليا وإقليميا وهو ما جعل من المسائل الإنسانية والإغاثية مسائل ثانوية مقارنة بالانتصارات على الأرض مهما كان ثمنها. وليس عجز المؤسسات الدولية اليوم إلا ترجمة لتحول سوريا إلى ساحة للصراعات الدولية على دماء الشعب السوري ومصالحه.
بقلم : محمد هنيد
الإقرار بأن الثورة السورية هي ثورة سلمية لا ينكره أحد لأن كل المراقبين يجمعون على أن السوريين صمدوا قرابة ستة أشهر في مظاهرات سلمية غطتها مختلف وسائل الإعلام العالمية. الثورة السورية هي ثورة سلمية في انطلاقتها ولم تطالب بغير الحرية والعدالة واحترام الإنسان. تتأسس الإجابة عن السؤال السابق على النقاط التالية:
أولا: لا يمكن فصل الثورة السورية عن مسار ثورات الربيع العربي خاصة منها الثورة الليبية التي دشنت الموجة الثانية لثورات الربيع باعتبار تطورها السريع إلى ثورة مسلحة فرضه نظام القذافي ولجانه الثورية وكتائبه ومرتزقته على ثوار ليبيا.
ثانيا: فرض النظام السوري بالاتفاق مع قوى دولية وإقليمية الحل المسلح عندما بدأ بإطلاق الرصاص على المتظاهرين العزل ثم عبر قصف المدن والأحياء وصولا إلى استدعاء قوى أجنبية ومليشيات خارجية لمحاربة شعبه. هذا الإقرار يستخلص من التصريحات الإيرانية والروسية التي أقرت بأن الأسد كان سيسقط لولا تدخلها السريع. كما نجح النظام استخباريا في تكوين العصابات المسلحة المتطرفة وسهّل دخولها إلى سوريا من أجل أن يُكسب قصفه للمدنيين شرعية دولية بحجة محاربة الإرهاب.
ثالثا: تميز أداء النخب السورية بالتشرذم والاختلاف إلى حد التناحر بين القوى السياسية والفصائل المسلحة فيما بعد، مما سهّل على النظام إجهاد الثورة ومنحه أولوية كبيرة عسكريا ودبلوماسيا. لم يقتصر الانقسام على المعارضة السورية بل ظهر جليا في الأداء السياسي للدول العربية الذي تحول من بحث عن احتواء للثورة السورية إلى صراع بين الدول العربية نفسها مما ساهم في تقوية موقف النظام.
بهذه الأسباب وعلى رأسها التدخلات الخارجية تحولت الثورة إلى صراع استراتيجي دوليا وإقليميا وهو ما جعل من المسائل الإنسانية والإغاثية مسائل ثانوية مقارنة بالانتصارات على الأرض مهما كان ثمنها. وليس عجز المؤسسات الدولية اليوم إلا ترجمة لتحول سوريا إلى ساحة للصراعات الدولية على دماء الشعب السوري ومصالحه.
بقلم : محمد هنيد